أكرم القصاص - علا الشافعي

جيلان جبر

تجربة صعبة وتحولات متأخرة

الخميس، 11 يناير 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد يتمنى المزيد من الكوارث أو المصائب، ولا يسعى أحد إلى توقع الأسوأ من الأحداث الممتدة منذ أعوام ولم تتوقف حتى آخر أيام العام الماضى، ومع ذلك فمصر بخبرتها المتراكمة التى اكتسبتها من خلال العديد من المواقف السياسية والأحداث التاريخية مدركة اليوم للأخطار ولديها مؤسسات محترفة فى قراءة وتخطيط جيد وأداء محترف، وبالتالى أصبحت واعية ومستعدة لكل السيناريوهات المُحتملة.
 
نحن نعلم أن هناك رغبة من البعض فى تصعيد القلق والتوتر من خلال الأعمال الإرهابية والإشاعات والأكاذيب المستمرة لإرباك المشهد وفقدان الثقة فى الوقت الصعب الذى يتطلب التلاحم بين الأطراف والتوحد بين المواطنين والتركيز على العمل والنهضة والإعمار والاهتمام بإعطاء صورة واقعية تحمل جرعة أمل حقيقة بمشروعات جديدة نفذت على كل المساحات والمحافظات، نعلم وعلمتنا الأيام أن أمام هذه الإنجازات نجد كل فى مرة رد الفعل انتقامى ضد مصر والمصريين فأصبح غير مستبعد احتمالات تكليف عناصر إرهابية بالقيام بعدد من عمليات جديدة لتشوية المشهد الذى يشهد استقرارا كبيرا، ولكن مصر أعلى من هذا التراشق وارقى وتدهش الآخريين دائما، فشموخ مصر لا يسمح لها بالتهاون فى حقوقها، وتملك كل مفاتيح اللعبة والقدرة على الرد على هذا التراشق والتطاول، ولكنها تفضل اللجوء إلى المنطق والقيم والمبادئ الأخلاقية وتعمل بنظرية الاحتواء مع عدد من الأشقاء أو الجيران وتتبع سياسات جديدة أمنية، وتسعى لتوسيع نطاق الشراكات والتحالفات مع دول الجوار الجغرافى.
 
 ومع مرور الوقت ومع تطور عدد من الأحداث وسقوط أوراق التوت عن عدد من الشخصيات ومنظمات وميليشيات والتصعيد الممنهج لعمليات الإرهاب، مؤخرا كشفت التصريحات من المدير لمنظمة نيو سنشرى لمكافحة الإرهاب الكولونيل تيم كولنز أن الحزب الحاكم فى تركيا يقدم ملاذا آمنا لقادة وعناصر جماعة الإخوان المسلمين ويساهم فى تطوير ودعم الإرهاب فى العالم، وذلك كان من خلال مداخلة منذ أيام بمجلس اللوردات البريطانى بشأن الدعم القطرى والتركى لتنظيم الإخوان، وقال: إن هذه الجماعة تتبع أسلوب التقية، فالإخوان دائما ما ينادون بالديمقراطية لكنهم يخفون أجندة سرية من أجل تغيير المجتمعات من أجل تمكينهم من السلطة لتنفيذ أجنداتهم، وأضاف أن بالفعل استغل الرئيس رجب طيب أردوغان تخبط وتردد أميركا فى إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، مما ساهم بدعمهم ومساعدتهم على التوسع فى العالمين العربى والغربى، وأضاف كولنز أمام الجميع بتأكيدات أخرى منها أن أردوغان يستقبل فى تركيا أعداد كبيرة من الإخوان المسلمين من أغلب الدول العربية ويرفض إعادتهم إلى دولهم رغم مطالبة دولهم بهم، لأن عليهم أحكاما وهناك منهم موجهة له عدد من الاتهامات. وفى الوقت الذى نجد بشكل متناقض آخر أمامنا فنجد أردوغان يطلب بتبجح من أميركا أن تسلمه جولن على أساس أنه «إرهابى»، ثم نجده يغضب ويتوعد ويبدى استياءه، لأن الجانب الأمريكى لم يستجب له.
 
ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن عمل أردوغان، وفق كلمات كولنز، عبر الإخوان المسلمين على تغيير شكل تركيا التى عرفناها من دولة أتاتوركية علمانية إلى دولة أقرب للإسلامية، ويرى كولنز أن هناك تناقضات عند أردوغان، فبينما كان يدعو الإخوان فى مصر إلى تبنى العلمانية كان يحول تركيا العلمانية إلى إسلامية، ولو فرضنا حقا أن إخوان مصر المدعومين من تركيا التزموا بدعوات أردوغان وتبنوا العلمانية كمفهوم للدولة المصرية لما وجدناهم الآن فى السجون.
 
 وكشف التقرير أن الدوحة والإخوان بينهم تعاون منذ الخمسينيات، فبعد أن هرب الإخوان من مصر خلال حكم جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك، تبنّتهم قطر ومولتهم وساندتهم، وعملت على نشر مفهوم الإخوان، كما تحت رعايتها تستضيف قطر أحد أبرز وجوه الإخوان يوسف القرضاوى الذى كتب عنة فى التقرير أن وجه معروف للارهاب وإلى التشدّد من الدوحة ويحث على الجهاد والعمليات الانتحارية ضد الأعداء.
 
وفى تلميح واضح لاتهام قطر بتمويل الإخوان، وأن أحد أكبر ما يعانيه دول كثيرة فى الغرب هو فشل منع تمويل الإرهاب، فقد وصل إلى الإخوان فى أوروبا 165 مليون يورو، وقال كولنز فى خطابة إن أمير قطر الشيخ حمد آل ثانى قدم لدار الإسلام 20 مليون يورو لبناء مسجد فى كوبنهاجن وهى جماعة تابعة للإخوان من فرع حماس فى الدنمارك. وفى بريطانيا، وصل حوالى 25 مليون جنيه لتمويل الإخوان تم إعطاء بعضها للجامعات البريطانية «قسم الدراسات الإسلامية»، لتحافظ على ترابطها مع الإخوان، ويقول كولنز إن يوسف القرضاوى دعا إلى تقديم الدعم لهذه الأقسام الإسلامية فى الجامعات البريطانية، وقام أمير قطر بإرسال حوالى 2.8 مليون جنيه لقسم الدراسات الإسلامية فى جامعة أوكسفورد عبر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، وقدمت قطر 15 مليون يورو عبر منظمات وجمعيات قطرية ذهبت إلى الإخوان فى بريطانيا، الذين استخدموا قسما من الأموال فى بناء مركز إسلامى فى شيفيلد. وهذه المراكز الإسلامية بإشراف وإدارة الإخوان سيكون لها دور معرقل لاندماج المسلمين فى أوروبا.
 
عجبى على إدراك الحقائق متأخرا، لقد لقيت هذه المداخلة اهتماما بالغا فى ظل تصاعد المواقف التى تطالب الحكومة البريطانية باتخاذ إجراءات حاسمة ضد الإخوان والمتشددين الذين استغلوا سياسة التسامح واستقبال بريطانيا لهم كلاجئين سياسيين ومواطنين فروا، حسب زعمهم، من تضييق الأنظمة لهم ليمارسوا داخل بريطانيا الفوضى التى تفطن إليها قادة الأنظمة فى بلدانهم، لذلك قطعوا عليهم الطريق، وبالتالى ندخل عام جديد بتضييق الخناق على عصابات الإخوان من أول وأهم الداعمين لهم إنجلترا التى تُهدد من الداخل بسبب تفاقم العمليات الإرهابية على أرضهم، ولكن هل ستترك الأمور حتى تستفذ أغراضها من هذه الجماعة ام سيتم الحصار عليها لتحديد توجهها وضمان الأسلوب المطلوب فى الشؤون السياسية ومكافحة التشدد والتطرف والإرهاب فعلى قطر وتركيا وغيرهما أن تدرك أن المرحلة الداعمة للإخوان وأتباعهم توقفت، ومصر لم لن تتوقف عن التحرك للكشف عن مدى ما تشكله هذه الجماعات المسلحة والكامنة من تهديد وخطر على المنطقة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة