سعيد الشحات يكتب :ذات يوم.. 3سبتمبر 1978 «كامل» يسهر حتى الفجر يفكر فى ألغاز السادات قبل السفر إلى كامب ديفيد

الأحد، 03 سبتمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب :ذات يوم.. 3سبتمبر 1978 «كامل» يسهر حتى الفجر يفكر فى ألغاز السادات قبل السفر إلى كامب ديفيد السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمضى محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية ساعات الليل ساهرا بعد انتهاء اجتماع مجلس الأمن القومى برئاسة الرئيس السادات مساء يوم 2 سبتمبر 1978، وذلك قبل السفر إلى مؤتمر كامب ديفيد الذى يضم السادات ومناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الأمريكى جيمى كارتر،ووفقا لما يذكره «كامل» فى مذكراته «السلام الضائع» عن «كتاب الأهالى القاهرة» أمضيت ساعات الليل حتى الفجر «3 سبتمبر» أسترجع الأحداث والتطورات الأخيرة، وأحاول فك الرموز والألغاز وأحلل تصرفات السادات الغريبة، واستنبط ما يدور فى رأسه» «راجع ذات يوم 2 سبتمبر 2017».
 
يذكر «كامل» أسباب اعتقاده بأن هناك ألغازا فى تصرفات السادات، شارحا ما حدث فى اجتماع مجلس الأمن القومى، فبعد أن أنهى السادات كلامه، سأل: «هل يريد أحد أن يتكلم»؟ وطبقا لـ«كامل»: «لم يبد أحد رغبة فى ذلك، فنظر إلى الرئيس وقال فى صوت هادى خيل إلى أنه يحمل شيئا من التحدى: «محمد عاوز تقول حاجة؟» وقلت والغضب يعصف فى صدرى: «طبعا عاوز أقول حاجات كثيرة»، وسمعت صوت أحمد ماهر وهو يهمس فى أذنى: «تكلم بهدوء يا محمد بك»، ويضيف كامل: «اخترت أن أبدأ الكلام فيما بدا لى أنه أخطر ما قاله وهو ما ذكره بشأن موافقته على صيغة «ترسيم الحدود» بين الضفة الغربية وغزة وبين إسرائيل بما يحقق أمانى الفلسطينيين وأمن إسرائيل، قلت: «إن الموافقة على هذه الصيغة تعنى تخلينا عن هدف استراتيجى ثابت، وتراجعا عما أعلنه الرئيس وأكده باستمرار من التمسك بوجوب إخراج الأرض والسيادة من دائرة التفاوض، وتعنى فى نفس الوقت أننا وافقنا على نظرية الأمن الإسرائيلية، وسلمنا بما تطالب به إسرائيل من تنازلات إقليمية فى الضفة وغزة بدعوى حماية أمنها، وهذا لن يجدى نفعا مع بيجن، فمتى انتزع منا اعترافا بأن أمن إسرائيل يقتضى تعديل الحدود، فسيتمسك بأن أمن إسرائيل يشمل أراضى الضفة وغزة جميعا، وربما يطلب تطبيق المبدأ على سيناء والجولان، وهو ما يتفق مع أطماعه التوسعية المعلنة، وسنكون ألحقنا ضررا جسيما بالقضية الفلسطينية دون أن نحقق سلاما أو استقرارا.
 
وانتقد «كامل» استعمال اصطلاح «الأمانى الفلسطينية»، مؤكدا أن الأحداث تجاوزته، وقال: «ما ينطبق على الفلسطينيين هو تعبير» الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى»، وهذا حقهم الأبدى وهذا ما قررته الأمم المتحدة، وما استقر عليه الإجماع الدولى، فما بالنا نستبدل به ذلك الاصطلاح المائع المهزوز»، يؤكد كامل، أن السادات لم يعلق على كلامه، وبدأ يسمح بالكلام لمن يطلب، فتكلم سيد مرعى «رئيس مجلس الشعب»، وتكلم الدكتور مصطفى خليل «رئيس الوزراء»، ووفقا لكامل: «لم يمس أى منهما ما قلت بخير أو بسوء وكأنى لم أقل شيئا، وتفرعا إلى الحديث عن نقاط أخرى فرعية كالاستعلام عن الموقف الأمريكى أو مصير المستعمرات فى سيناء، والوحيد الذى تعرض لما قلت كان المشير الجمسى «وزير الدفاع»، إذ أشار إلى أنه يوافق وزير الخارجية على أن تستبعد الأراضى من ترتيبات الأمن لما فى ذلك من عواقب قد تمس أراضى سيناء نفسها، أما حسن التهامى فقال: «يا أخ محمد لماذا تعترض على كلمة «أمانى»، إن كلمة «أمانى» ترجمتها بالإنجليزية أقوى من كلمة «حقوق».
 
بعد انتهاء الاجتماع انتقل الرئيس ومن ورائه أعضاء المجلس يهنئونه بعيد الفطر المبارك الذى يبدأ غدا ويتمنون له النجاح فى كامب ديفيد، والتفت الرئيس إلى كامل قائلا: «جهز نفسك يا محمد للسفر بعد بكره»، فرد: «أنا جاهز»، واقترح بدء المؤتمر الذى يستمر أسبوعا بمواقف أكثر تشددا حتى يكون هناك فرصة لإبداء نوع من المرونة أمام الأمريكيين، بدلا من أن يتعرض المشروع المصرى للضغوط والتنازلات إذا تم طرحه فى البداية».
 
يعلق «كامل» على رد فعل السادات: «شرع يقهقه ضاحكا بطريقة مسرحية تدل على التسفيه، ثم قال بصوت جهورى هز المحيطين به: بقى انت فاكر نفسك دبلوماسى ياسى محمد؟، ثم قهقه من جديد وقال: «والله ما أنت دبلوماسى، أسبوع إيه اللى انتظره يا سى محمد؟ أنا لازم أول ما حوصل أقدم مشروعى على طول وأفرقع المؤتمر وتنى راجع مصر بعد ثمانية وأربعين ساعة بالكتير»، يؤكد كامل: «شعرت بالدهشة فلم يسبق أن خاطبنى بهذه الطريقة أمام أحد من قبل ، وأحسست بقوة غريبة تسرى فى أوصالى، وقلت وقد اعتلت وجهى ابتسامة عريضة لم استطع التحكم فيها: «أنت حر ياريس طبعا، وعلى كل حال أنا لم أدع أبدا أنى دبلوماسى خطير».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة