سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 سبتمبر 1978.. مجلس الأمن القومى المصرى يجتمع قبل السفر إلى «كامب ديفيد».. والسادات يدعو همت مصطفى

السبت، 02 سبتمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 سبتمبر 1978.. مجلس الأمن القومى المصرى يجتمع قبل السفر إلى «كامب ديفيد».. والسادات يدعو همت مصطفى السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وصل محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية، إلى مطار ألماظة الحربى، فى الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 2 سبتمبر «مثل هذا اليوم» من عام 1978، يصحبه السفير أحمد ماهر، وزير الخارجية فيما بعد، وحسب مذكرات كامل «السلام الضائع» عن «كتاب الأهالى، القاهرة»: «بدأ أعضاء مجلس الأمن القومى يتوافدون تباعًا، وما إن اكتمل جمعهم حتى ركبنا الطائرة الأنتينوف، سوفيتية الصنع، وانطلقت إلى الإسماعيلية، وفى المطار ركبنا السيارات وتوجهنا إلى جزيرة الفرسان، حيث تقع استراحة الرئيس السادات».
 
قاد الحرس القادمين إلى التراس الفسيح الذى يطل على البحيرات المرة التى تجتازها قناة السويس، وحسب «كامل»: «كان السادات جالسًا أمام التليفزيون الذى كان يذيع إحدى حلقات فوازير نيللى، ووقف لاستقبالنا، وعندما جاء دورى فى مصافحته خُيل إلىّ أن استقباله لى يعتريه شىء من الفتور لم أعهده من قبل، خاصة وقد مضت مدة طويلة دون أن أقابله، ولكنى لم أعر ذلك كثيرًا من الاهتمام، ثم تركنا الرئيس واتجه إلى داخل الاستراحة، حيث تابعنا بعض الوقت الاستعراض التليفزيونى، وقدمت إلينا الحلويات والمكسرات والمشروبات المعتادة فى شهر رمضان، وفى هذه الأثناء أحضرت منضدة مستطيلة إلى الشرفة، وصفت حولها المقاعد، ولم يلبث أن عاد الرئيس ودعانا إلى أخذ أماكننا حول المائدة، وساد السكون برهة، ثم تلفت حوله وفجأة صفق بيديه فحضر أحد رجال الحرس على الفور وقال الرئيس: «أين همت وسعد زغلول؟، استدعهما وجهز لهما مكانًا بالقرب من منضدة الاجتماع»، وهرع الحارس، وبعدها بدقيقة وصلت السيدة همت مصطفى، مديرة التليفزيون ومندوبته المعتمدة لدى الرئيس، وسعد زغلول نصار، مسؤول الشؤون الصحفية بالرئاسة، حاملين أوراقًا وأقلامًا، وجلسا بالقرب من مكان جلوس الرئيس».
 
تعجب كامل: «عقدت الدهشة لسانى، فاجتماعات مجلس الأمن القومى هى أخطر الاجتماعات، وما يثار فيها مفروض أنه على أكبر درجة من الأهمية والسرية، وكانت الاجتماعات تجرى دون تسجيل محاضر عما يدور فيها من مناقشات ومعلومات، وفى نهاية كل اجتماع كان الرئيس يكلف - إذا وجد ذلك من المناسب - أحد أعضاء المجلس، وقد يكون رئيس الوزراء أو وزير الخارجية أو وزير الداخلية، بإذاعة بيان بما يرى إذاعته بشأن موضوع الاجتماع، وكان هذا الاجتماع بالذات، المخصص لمناقشة الخطة المصرية فى كامب ديفيد، خطيرًا للغاية، إذ سيتناول المسائل الاستراتيجية والتكتيكية التى سنتبعها فى المؤتمر، وهى أمور غاية فى الحساسية، وذات سرية قصوى، وإذا كان المطلوب هو تسجيل محضر سرى بما يدور فى الاجتماع، فكان من الممكن أن يعهد به إلى أحد أعضاء المجلس».
 
يسجل «كامل» أنه لم يُعر أى من الحاضرين أى التفات لما حدث، أما هو فشعر بالغضب وعدم الارتياح، ويؤكد: «أحسست أن وجودهما فيه نوع من الحجر على حريتى، فلن أستطيع أن أبوح أمامهما بأسرار غاية فى الدقة والخطورة، ولن أستطيع أن أناقش الرئيس وأن أعارضه إذا اقتضى الحال دونما حرج، وتركت مقعدى وتوجهت نحو الرئيس لأسترعى نظره، ولكنى عندما وصلت إليه تداركت نفسى بسرعة، إذ إن الأمر لن يخرج عن إحراجه أو إحراج نفسى، لأنه كان من الصعب عليه أن يطلب منهما الانصراف بعد أن دعاهما إلى الحضور أمام أعضاء المجلس، أما أنا فماذا يكون موقفى لو رفض الرئيس الأخذ بملاحظاتى وأصر على حضورهما، ونظر إلىّ الرئيس وقال: «فيه حاجة يا محمد»، فقلت له: «أسامة الباز وأحمد ماهر هنا، وأرجو أن يسمح لهما بالحضور، فقال: لا مانع، وبالفعل أرسلت فى استدعائهما وحضرا».
 
بدأ الرئيس الاجتماع بمقدمة استعرض فيها تاريخ «النزاع العربى الإسرائيلى» بتعبير «كامل»، حتى مبادرته للسلام وزيارة القدس فى 1977، واستعرض ما حققته هذه المبادرة من مكاسب ضخمة فى الرأى العام الأمريكى والدولى. ويضيف «كامل»: «أشار إلى تعنت وتصلب بيجين، رئيس وزراء إسرائيل، ومحاولته التخلص من هذه المبادرة، واتخاذه موقفًا متشددًا جامدًا على أمل الوصول إلى حل جزئى أو منفرد»، واستكمل الرئيس حديثه متناولًا كيفية أن نكسب الرأى العام العالمى والرئيس الأمريكى كارتر إلى جانبنا، وتقرير المصير للفلسطينيين بعد خمس سنوات فترة انتقالية، وأنهى كلامه وسأل: هل يريد أحد أن يتكلم؟، وبدأ الكلام الذى جعل «كامل» مستيقظًا حتى فجر اليوم التالى 3 سبتمبر الذى شهد استكمالًا للقصة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة