الطواف عرايا وتلطيخ الكعبة بالدماء.. أغرب عادات العرب فى الحج قبل الإسلام

السبت، 02 سبتمبر 2017 10:00 م
الطواف عرايا وتلطيخ الكعبة بالدماء.. أغرب عادات العرب فى الحج قبل الإسلام الحجاج على عرفات
كتب صابر حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك".. بتلك الكلمات يتجمع المسلمون من جميع بقاع الأرض لتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، والذى يبدأ بالطواف حول الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين التى بناها إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، مصداقا لقوله تعالى: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".. [البقرة : 127].

 

بعدما فرغ إبراهيم، عليه السلام، من بناء الكعبة، أمره الله تعالى بالنداء فى الناس ودعوتهم للحج،"وأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ "، وقال ابن كثير فى تفسير الآية، إن إبراهيم نادى يا أيها الناس إن ربكم اتخذ بيتاً فحجوه، ومنذ يومها كتب الحج على الناس فى هذا البيت.

 

وكان العرب فى الجاهلية يحجون إلى البيت من جميع البقاع، الموحدون الحنفاء، والنصارى واليهود، فضلاً عن الهنود والفرس والصابئة، يشاركهم فى ذلك أهل مكة، الذين أطلق عليهم لفظ "الحمس"، أى أهل البلد أو ابن الحرم والوطنى المقيم، كما كانوا يقدسون شهر الحج وهو ذى الحجة، والشهر الذى قبله والذى بعده، بالإضافة إلى رجب ويسمونه شهر الله "الأصم"، أى الذى لا يسمع فيه قعقعة السيوف، حيث يحرمون فى تلك الأشهر القتال ويتوقفون عن الغزو تعظيماً للحج.

 

ومع انتشار الأوثان فى شبه الجزيرة العربية على يد عمرو بن لحى الذى أدخل الأصنام إلى الكعبة، تغيرت مناسك الحج، ففى الوقت الذى تجد بعضهم يطوفون حول البيت عراة تجد آخرين يسعون بين الصفا والمروة ويصعدون جبل عرفات ثم يذبحون الذبائح وتلطخ جدران الكعبة بالدماء تقرباً إلى الله.

 

ولم يكن "الحمس"، وهم قريش، يحضرون عرفة، وإنما يقفون بالمزدلفة، ولما رأى أحد الصحابة رسول الله واقفاً بعرفة تعجب وأنكر منه ما رأى لأنه من الحمس، وما كان يظن أنه يخالف قومه فى ذلك، فيساوى نفسه بسائر الناس ،فنزلت الآية الكريمة "ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، واستغفروا الله إن اللّه غفور رحيم" فشمل ذلك الجميع.

 

وتروى السيدة عائشة رضى الله عنها أن قريشا كانت تحج إلى البيت الحرام قبل الإسلام، غير أن صفة حجهم وطوافهم وإفاضتهم مخالفة لما جاء به الّإسلام الذى أبطل عددا من تلك الطقوس والعادات وأبقى على الآخر، وأن المسلمين كرهوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة كما يفعل المشركون، فأنزل الله تعالى "إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ".

 

إذن الحج كان موجودا قبل الإسلام.. فما هى أركانه؟
 

أول أركان الحج قبل الإسلام هو الطواف، وكان بعض العرب يطوفون حول البيت عرايا دون ملابس، رجالاً ونساءً، حيث كانوا يكرهون أن يطوفوا فى ثياب عصوا الله فيها، فكانوا يخلعون ملابسهم فإذا انتهوا من الطواف ارتدوا تلك الملابس، ثم صنعت قريش ملابس مخصصة للحجاج، عبارة عن مآزر غير مخيطة، وكان من لا يقدر على شراء تلك المآزر يطوف عرياناً، وظلت تلك العادة موجودة حتى فتح مكة وحرمها النبى صلى الله عليه وسلم.

 

ويقول ابن كثير عن طواف بعض القبائل عراة حول الكعبة: كانت العرب عدا قريش لا يطوفون بالبيت فى ثيابهم، يتأولون فى ذلك بأنهم لا يطوفون فى ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش وهم الحمس يطوفون في ثيابهم ومن أعاره أحمسي ثوبًا طاف فيه ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه فلا يتملكه أحد ومن لم يجد ثوبًا جديدًا ولا أعاره أحمسي ثوبًا طاف عريانًا".

 

وذكر بعض المفسرين فى أسباب نزول  آية "يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" للتنديد بأفعال العرب فى الطواف حول الكعبة عرايا، وضرورة ارتداء الملابس والظهور بوقار   عند ارتياد المساجد.

 

 السعى بين الصفا والمروة
 

أخذ العرب تلك الشعيرة عن السيدة هاجر أم نبى الله إسماعيل، والتى سعت بين هذين الجبلين اللذين يقعان على مشارف مكة باحثةً عن الماء لطفلها، قبل أن يرسل الله تعالى جبريل عليه السلام الذى ضرب الأرض فتفجرت المياه من بئر زمزم، فكانوا يفترشون أصنامهم بين الصفا والمروة لبيعها للحجيج فراجت تجارة الأصنام فى موسم الحج، وبعد الإسلام تحرج المسلمون من ممارسة تلك الشعيرة كما يفعل المشركون، فنزل قوله تعالى، "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما"  لرفع الحرج عنهم.

 

أما الوقوف بعرفة فقد روى المؤرخون أن العرب، من غير أهل قريش، كانوا يقفون بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة، ومنه تكون الإفاضة إلى المزدلفة ثم منى، وعن زمعة عن سلمة ابن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال، "كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال دفعوا".

 

أما عن الأدعية التى كانوا يرددونها فإنها وإن اتفقت فى مضمونها إلا أنها اختلفت ألفاظها باختلاف القبائل، فنجد قبيلة جرهم مثلاً تردد عبارات "لبيك مرهوبا وقد خرجنا والله لولا أنت ما حججنا.. مكة والبيت ولا عججنا، ولا تصدقنا ولا تحججنا"، أما خزاعة فكانت تردد، "نحن من بعدهم أوتاد، نحن ورثنا البيت بعد عاد، فاغفر فأنت غافر وهاد"،  واعتادت قريش ترديد "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك".

 

الهدى


والهدى هو ما يذبحه الحاج بعد الانتهاء من الحج، تقربا إلى الله عز وجل، واعتاد العرب ذبح الحيوانات وتقديمها قربانا، وذكر المؤرخون أنهم اعتادوا ذبح الحيوانات تيمنا بنبى الله إبراهيم حينما اختبر ربه إيمانه بذبح ولده قبل أن يفديه بذبح عظيم، وحرصوا على وضع السوار فى رقاب تلك الحيوانات وتركها سائبة لا يعترضها أحد لأنها محرمة، وبعد ذبحها يلطخون الكعبة بالدماء، وتقدم لحومها للفقراء.  

 

وعندما جاء الإسلام قضى على العادات الجاهلية وأعلى القيم الروحية،  طبقا للشريعة، التى أضاء بها نبى الله محمد عليه الصلاة والسلام.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة