أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد عزب يكتب: الخضوع.. السلطة والمجتمع والفرد فى التجربة الإسلامية

الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017 07:30 م
خالد عزب يكتب: الخضوع.. السلطة والمجتمع والفرد فى التجربة الإسلامية خالد عزب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دأب الكثيرون على دراسة التاريخ الإسلامى بوصفه تأريخا للسلطة، من هنا نرى تاريخ الدول هو الحاكم فى الكتابة التاريخية عند المسلمين، فتارة نرى الدولة الأموية وأخرى العباسية.. إلخ، لكننا ننسى المجتمع الذى تحكمه هذه الدول والأفراد الذين يكونون هذا المجتمع.

 

هذه التعمية ليست إلا محاولة لقراءة المشهد التاريخى كما رواه مؤرخو السلطة، لكن حتى هذه الروايات عبر العصور حملت فى داخلها رؤى أخرى نقرأها عبر السطور أو فى مضمون السطور، هذا ما يجعلنى أستحضر مشاهد إخضاع الجمهور للسلطة أيا كانت، فقد كان هناك من يبرر هذا، وهؤلاء هم الفقهاء العامون مع السلطة، فنرى كتابات السياسة الشرعية تتحول إلى أداة لنصيحة الملوك ورسم طرق الحكم حتى عند من اعتبرهم البعض متمردين كابن تيمية وابن القيم الجوزية، فنحن لدينا حاكم ورعية، ثنائية نراها مستمرة عبر العصور، ولا نرى من يتحدث عن واجبات الحاكم تجاه الرعية وقصور دوره تجاهها إلا على استحياء شديد.

 

سلطة الخضوع هنا نشأت من اضطرابات القرن الأول الهجرى الذى يعده البعض العصر الذهبى للإسلام، فالصراع الذى أدى لمقتل عثمان بن عفان ثم على بن أبى طالب، ثم صراع الأمويين مع الزيديين العوام، كل هذا استنزف المسلمين، مما انعكس سلبا على رؤية علماء السياسة الشرعية لفكرة السلم المجتمعى، إذ صار حفظ دماء المسلمين عندهم مقدم على كل شيء، فصار الجميع يرى أن لا فائدة من الصراع مع السلطة الحاكمة لأجل حكم عادل أو حقوق، هذا كله قاد إلى وجود مسافة بين السلطة والمجتمع والأفراد، فهنا المجتمع بهذه المسافة يأخذ من حصة الدولة وظائف يراها ضرورية بالنسبة له، فالرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم، وظائف قام بها المجتمع بعيداً عن الدولة، هنا المجتمع يبنى مؤسسة الوقف وينمى عبر العصور آليات هذه المؤسسة، التى شيدت منشآت التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وأوجد فى المقابل منشآت اقتصادية أو أراضى ذات ريع يمول عائدها دور هذه المنشآت.

 

لذا فنظرة هذه المجتمعات للسلطة أنها أداة للحماية والأمن بصورة أساسية، وإن كانت هذه الأداة تسبب الأذى للمجتمع حين تحاول إجباره على شيء ما، أو حين يحدث صراع بين فرقائها على نحو ما كان يحدث فى القاهرة خلال العصر العثماني.

 

لذا فالمجتمع لم يكن يعينه من يحكم المماليك أو العثمانيين أو الفاطميين أو السلاجقة أو غيرهم، وإن حدث صدام، كان المجتمع يحاصر مقر الحكم، أو يعزل الوالى كما حدث فى مصر فى العصر العثمانى، بل حتى فى مدينة كرشيد فى مصر سجل الأهالى فساد وإليها وعزلوه.

 

هنا نقف عند مقولات البعض التى تصل لحد المثالية مما يخلق عالم افتراضى غير واقعى فى نخيلة الكثيرين، فكما كانت الدولة فاسدة متجبرة، كان المجتمع به فساد، فنحن أمام مجتمعات بشرية بها الصالح والطالح، ونرى هذا فى نقد ابن الحاج فى كتابه المدخل لكل من ممارسات السلطة وفساد المجتمع، وكذلك السبكى، معيد النعم ومبيد النقم، وغيرهم كثيرين، أى أنه كان هناك من يراجع الجميع ليقيم العدل والمساواة اللذين هما الهدف الأسمى للإسلام.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة