صدرت جريدة «أخبار اليوم» صباح يوم الخميس 5 أغسطس «مثل هذا اليوم» من عام 1950، وعلى صفحتها عنوان كبير يقول: «نازلى هانم صبرى تجرد من لقب الملكة الوالدة»، وفى تفاصيل الخبر: «وقع جلالة الملك «فاروق» بعد ظهر الخميس الماضى، أمرا ملكيا بتجريد الملكة نازلى من لقبها، وقد سبق هذا الإجراء تغيير اسم شارع الملكة نازلى باسم شارع الملكة، وسيصبح اسمها بمقتضى هذا الأمر «نازلى هانم صبرى»، ويشمل الأمر عدا ذلك حرمان نازلى هانم من جميع الامتيازات، التى كانت تتمتع بها بحكم كونها الملكة الوالدة».
كانت «أخبار اليوم» هى الجريدة الوحيدة، التى نشرت هذا الخبر المثير، حسب تأكيد رشاد كامل فى كتابه «الملكة نازلى غرام وانتقام» عن «دار المنتدى - القاهرة»، مشيرا إلى أنه كان ينقل معركة الملك مع أمه «نازلى» إلى الشارع المصرى، الذى يتابع تفاصيلها بكل الأسى والحزن. ويؤكد «كامل»: «كان الكل متصورا أنه لا أساس له من الصحة تماما، وعندما ذهب المراسلون الأجانب فى مصر إلى شركة «ماركونى» لإرساله إلى صحفهم نقلا عن أخبار اليوم، منعت الرقابة المصرية إرسال هذه البرقيات، وقالت للمراسلين الأجانب: إن ما نشرته أخبار اليوم غير صحيح، واضطر مراسل وكالة الأسوشيتدبرس إلى أن يسافر إلى مطار البصرة فى العراق بطائرة خاصة ومعه نسخة من الخبر ليستطيع من هناك أن يرسله إلى وكالته، كما اضطرت جريدة البلاغ «الوفدية» أن تنشر هذه السطور الغاضبة قائلة: «نشرت إحدى المجلات اليوم نبأ قالت فيه: إن صاحب الجلالة الملك وقع يوم الخميس الماضى - أى منذ يومين - أمرًا ملكيًا بتجريد جلالة الملكة نازلى من لقبها، فإذا كان النبأ صحيحا فلسنا ندرى لماذا لم يصدر به بلاغ رسمى، كما نرجو نحن الصحفيين، ولم انفردت به صحيفة دون غيرها من الصحف؟، وأما إذا لم يكن صحيحا فإننا نحب أن نعرف موقف السلطات المختصة من هذا الاستهتار المتعمد بالخطر الواجب على أبناء الأسرة المالكة الكريمة، وإننا فى الواقع نقف حيارى إزاء صحف معينة توالى النشر كل يوم تقريبا، فى حين تحترم الصحف الوفدية كلها الرغبات البادية فى عدم التعرض لهذه الأنباء جميعا».
ينقلنا صلاح عيسى فى كتابه «البرنسيسة والأفندى» عن «دار الشروق - القاهرة» إلى بدايات القصة التى دار حولها هذا الخبر، مؤكدا، أن «رياض» كان شابًا مسيحيًا يعمل فى وزارة الخارجية المصرية، وتعرفت عليه الملكة «نازلى» أثناء زيارتها وابنتيها الأميرتين «فائقة» و«فتحية» إلى فرنسا ضمن رحلتها الأوروبية فى صيف عام 1946، ثم اصطحبته معها من فرنسا إلى أمريكا، ونمت علاقة حب بينه وبين فتحية بالرغم من فرق العمر بينهما «هو مواليد 1919، وهى مواليد 1930»، والأهم فرق الديانة فهو مسيحى، وهى مسلمة، وأثار الإعلان عن هذا الزواج ضجة هائلة، وفشلت كل الجهود لإثناء الملكة عن هذا الزوج، وردت على مسألة اختلاف الديانة بالقول: «رياض أصبح مسلمًا».
فى 16 مايو 1950 انعقد مجلس البلاط الملكى للنظر فى طلب الملك بتوقيع الحجر على الملكة الأم، وحسب لطيفة سالم فى كتابها «فاروق وسقوط الملكية فى مصر» عن «مكتبة مدبولى - القاهرة»: «قرر مجلس البلاط» حرمان الأميرة فتحية من لقب الأميرة، وشطب اسمها من كشف أسماء الأميرات، والتفريق بينها وبين رياض غالى أفندى، ووضعها تحت يد جلالة الملك فاروق، ومنع الملكة نازلى من التصرف فى أموالها ووقف وصايتها على فتحية، وقرر المجلس تعيين محمد نجيب سالم باشا ناظر خاصة الملك مديرا مؤقتا على جميع أموال الملكة نازلى إلى أن يفصل فى الحجر، وحسب صلاح عيسى، فإن سكرتارية مجلس البلاط، خاطبت وزارة الخارجية بأن تعلن الثلاثة «نازلى وابنتيها فائقة وفتحية» بالحضور أمام جلسة مجلس البلاط المنعقدة فى يوم «31 يوليو 1950» للاستماع إلى أقوالهن، وتسلم مدير الفندق، الذى تقيم فيه نازلى بأمريكا الإعلان، لكن نازلى أعلنت رفضها الحضور والعودة إلى القاهرة إلا إذا عاد المجلس عن قراراته، ولم تكتف بذلك بل أقدمت على إتمام زواج فتحية ورياض على يد شيخ باكستانى فى أمريكا يوم 25 مايو.
وفى يوم 31 يوليو 1950، انعقد مجلس البلاط للمرة الثانية وقرر: الحكم ببطلان عقد زواج فتحية هانم فؤاد من رياض غالى والتفريق بينهما، نظرًا لأن الزواج غير كفء، وتوقيع الحجر على الملكة نازلى، أما الملك فأقدم على إجراءات أخرى أهمها: «تجريد أمه من اللقب الملكى، ومن الحقوق، التى تتعلق به حسبما نشرت جريدة «أخبار اليوم» يوم 5 أغسطس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة