إسلام الغزولى

قرارات جريئة

الجمعة، 04 أغسطس 2017 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن الدكتور طارق شوقى ملامح نظام التعليم الجديد ، ولأول مرة منذ زمن طويل تحظى الدولة المصرية بوزير يعتلى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى يمتلك رؤية واضحة وشاملة وقادر على وضع تصور يجمع بين جميع القطاعات المختلفة المعنية بالتعليم، ليضع حدا للتلاعب بالأهالى ويحفظ كرامتهم، ويعترف بحق الطفل فى الحصول على وقت لتكوين شخصيته عن طريق اشباع هوايته التى هى أساس التربية السليمة للطفل.
 
وفى مؤتمر صحفى واحد أعلن الدكتور طارق شوقى حزمة من القرارات التصحيحية لحالة التعليم، ولاشك أنها تضمنت العديد من القرارت الهامة بالطبع مثل إلغاء الشهادة الابتدائية واعتبار الصف السادس الابتدائى سنة نقل عادية، على أن تكون مدة الدراسة فى التعليم الأساسى تسع سنوات للتعليم الأساسى الإلزامي، ويتكون من حلقتين الحلقة الابتدائية ومدتها 6 سنوات، والحلقة الإعدادية ومدتها 3 سنوات، وإدراج القيم والأخلاق والمواطنة فى سنوات الثلاث الأولى من المرحلة الابتدائية وتم الاتفاق على إعداد ثلاث كتيبات للانشطة للصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية ترتكز على قيم عديدة منها الحب، التسامح، التعاون، قبول الآخر، السلام مع النفس، احتران النفس، العمل، المواعيد، الولاء، والانتماء، وربط مناهج العلوم والرياضيات للصفين الاول والثانى الثانوى العام ببنك المعرفة، تخفيف المناهج لإزالة الحشو والتكرار من المناهج الدراسية دون الإخلال بالتنظيم المنطقى للمواد الدراسية، واعتبار "الميد تيرم" امتحانا تدريبيا لا يضاف للمجموع، واعتبار مادتى الحاسب الآلى والرسم، مادتى نجاح ورسوب دون أن تضافا للمجموع بمختلف المراحل التعليمية.
 
وتعد تلك القرارات الأبرز ضمن مجموعة من القرارات التى وصلت لحوالى عشرون قرارا يمكن وصفهم بأنهم قطع صغيرة تكون صورة مبشرة للمستقبل، ، ولعل أهمها على الإطلاق هو القرار الخاص بتخفيف جميع المناهج بنسبة 40%ن وتعديل مناهج المرحلة الابتدائية حتى الصف الثالث الابتدائى لتكون معتمدة على تطوير مهارات الأطفال بدلا من التلقين والحفظ، بشكل يتيح وضع مساحات أكبر لممارسة الأنشطة المختلفة داخل اليوم الدراسي.
وفى ذات الوقت فقد اهتمت خطة الوزير بالسادة المعلمين بنفس قدر اهتمامها بالطلاب وإن ينم ذلك عن رغبة حقيقية فى بناء منظومة جديدة وقوية تتكامل حلقاتها.
 
إن أهم ما يميز استراتيجية التعليم الجديدة التى وضعها الدكتور طارق شوقى هى أنها لا تعتمد على سياسة دفن الرؤوس فى الرمال كالسابق، والتى اعتاد كل من مر على كرسى وزارة التربية والتعليم تنفيذها، حيث اعتمد الوزير فى قراراته على المواجهة بواقعية لآفات العملية التعليمية والتى منها على سبيل المثل الدروس الخصوصية، ولأول مرة تقرر الوزارة احتواء الظاهرة وأن تتعامل معها من خلال وضع إطار تشريعى ينظمها بدلا من الاكتفاء بتجريمها، ولم يكن يخطر على تفكير أحد أن يأتى يوما تتعامل فيه الوزارة بهذا القدر من الشفافية مع ظاهرة الدروس الخصوصية رغم فشل جميع الوزراء السابقين فى مواجهة هذه الظاهرة، وتحولها إلى تجارة تشوه العملية التعليمية وتدخل ضمن صورة الاقتصاد الأسود أو غير الرسمى، فظاهرة الدروس الخصوصية تحديدا كان هناك محاولات للتقنين عملها من خلال قرارات وزارية لتنظيم عمل المراكز التى تستقبل المدرسين والطلاب، ولكن هذه المرة يبدو أن الأمر مختلف وأن معالجة الأمر أكثر عمقا، من خلال إصدار تشريع جديد محدد المعالم والاختصاصات.
 
بالطبع، أنا معجب بجرأة وواقعية الوزير وربما تسهم خطة التطوير فى تقليص الظاهرة من تلقاء نفسها، ولعل قرار التعامل مع ظاهرة الدروس الخصوصية يعد الأكثر جرأة من وجهة نظري، فقد وجهت الوزارة ضربة قاضية للدروس الخصوصية على الأقل فى المرحلة الابتدائية والاعدادية، من خلال قرارين الأول هو اعتبار السنة السادسة الابتدائية سنة نقل عادية وليست شهادة، وأن مرحلة التعليم الأساسى تمتد لتيلغ تسع سنوات أى أن المرحلة الاعدادية تعتبر سنوات نقل عادية، وهو ما يعنى أن تجارة الدروس الخصوصية الذى تزدهر فى ويزيد عليه الطلب بسبب كثرة الشهادات، سوف تتضاءل لمستويات غير مسبوقة.
 
كما أن قرار إلغاء الشهادة الابتدائية يخفف عبء ثقيل عن كاهل الأسرة التى كانت تضطر إلى تحمل أعباء مالية كى تمر أعوام الشهادات بسلام ، ولأول مرة سيتم ضبط فوضى المصروفات المدرسية بعد قرار الدكتور طارق شوقى المتضمن دفع المصروفات المدرسية للطلاب من خلال البنوك وليس بشكل مباشر مع الإدارات المالية فى المدارس ، وذلك القرار ليس هدفه مراقبة المصروفات المدرسية فقط ، ولكن يستهدف مرحلة أخرى هى التفاوض مع البنوك لمنح أولياء الأمور قروض لسداد المصروفات ويتم تسديدها بعد ذلك للبنوك بنسبة فائدة بسيطة، لتفادى ممارسة المدارس مضايقات على الطلاب والأهالى فى حالة التعثر فى سداد المصروفات .
 
يستحق الدكتور طارق شوقى منا كل الدعم والتقدير والوقوف إلى جانبه لأن ما يقوم به حاليا من إصلاح فى منظومة التعليم ، يعتمد على مواجهة شرسة وحقيقية مع " مافيا " انتشرت وتوحشت طوال السنوات الماضية ، مستفيدة من ثغرات النظام التعليمى وانهيار الثقافة المجتمعية فيما يخص التعليم وغياب الهدف من وراء المنظومة التعليمية ككل ، وحولته لمشروع اقتصادى يدر عليهم الملايين من الجنيهات سنويا ، على حساب التربية والتعليم وبناء أجيال جديدة . 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة