قالت الفنانة كاميليا للملك فاروق: «لنذهب إلى الجنة» فسألها: هل تعرفين عنوانها؟ أجابت: نعم، إنها فى وسط البحر الأبيض، وراحت تصف الجنة التى تقصدها وكانت جزيرة قبرص، وفقا لقول الكاتب الصحفى مصطفى أمين فى كتابه «ليالى فاروق» عن «مطبوعات قطاع الثقافة – أخبار اليوم – القاهرة» مضيفا: «قال لها فاروق: سنذهب إلى قبرص، ثم طلب إليها أن تسافر وحدها وتقيم فى فندق بارك نيقوسيا، فذهبت إلى المخرج أحمد سالم (مكتشفها) تقول له، إنها متعبة وتريد أن تسافر إلى عزبتها فى قبرص، ولم تكن كاميليا تملك عزبة هناك، وإنما كانت أمها تملك بضعة أفدنة لا تزرع ولا تحصد ولا قيمة لها، وأعطاها سالم ما تبقى لها من الألف جنيه (قيمة العقد الذى وقعه معها للقيام ببطولة فيلم من إخراجه) واشترت بالمبلغ كله ملابس وروائح عطرية، وسافرت إلى قبرص، أما فاروق فأعلن فى القصر أنه سيسافر فى رحلة بحرية فى شرق البحر الأبيض».
يواصل أمين: «صحب فى رحلته الأميرة فوزية (شقيقته) والسيدة ناهد رشاد ومراد محسن والدكتور يوسف رشاد وأنطون بوللى والبكباشى سليمان عزت ياور فاروق البحرى»، ويؤكد أمين: لم يخبر فاروق أحدا بسر الرحلة إلا بوللى طبعا، ووصل إلى قبرص يوم 30 أغسطس (مثل هذا اليوم) من عام 1946، ودهشت السلطات البريطانية لوصوله».
ويعود أمين إلى بداية العلاقة بين الاثنين، مشيرا إلى أنه فى صيف سنة 1946، كان أحمد سالم فى ملهى «الأوبرج بلو» بالإسكندرية فرأى فتاة صغيرة أعجبته، وراعه جمالها، وكان لا يفرق بين قلبه الأبيض والشاشة البيضاء، كانت كل فتاة تصلح لقلبه تصلح للشاشة البيضاء، وكل فتاة تصلح للشاشة البيضاء تصلح فى الوقت نفسه لقلبه، وحاول أن يتحدث إليها فى تلك الليلة فهربت منه، فازداد تعلقا بها، وذات يوم كان يسير فى محطة الرمل فرآها، وأسرع إليها يعرض عليها أن تكون نجمة سينمائية ففرحت الفتاة بالفرصة، فدعاها إلى أن تلتقى به فى فندق وندسور، وفى لحظة جنون وقع معها عقدا بألف جنيه، وسألها عن اسمها فقالت ليليان كوهين، فقال: سيكون اسمك كاميليا».
بدأت كاميليا تحب أحمد سالم وفقا لتأكيد مصطفى أمين، مؤكدا أنه فى ليلة ذهب بها إلى الأوبرج بشارع الأهرام، وكان فاروق موجودا ومن هذه الليلة بدأت علاقته معها: «تتبعها رجال فاروق فى تلك الليلة، فعرفوا أين تقيم واستطاعوا أن يتصلوا بها، وقالوا لها إن فاروق يريد أن يلقاها، وحملتها سيارة إلى قصر عابدين، لتقفز فى أسابيع من فتاة عادية مصروفها الشهرى 25 قرشا، إلى نجمة سينمائية بعقد ألف جنيه، ثم هاهى الآن تصبح عشيقة الملك، وذات يوم قال لها إنه يريد أن يذهب بها إلى مكان بعيد، يريد أن يمضى معها بضعة أيام كما يفعل العشاق».
نفذت كاميليا رغبة فاروق فسافرت إلى قبرص، ثم سافر هو إليها، ولم يخلو الأمر من مفاجآت: «دهشت السلطات البريطانية لوصوله، وكان الطراد البريطانى «موريتوس» يرسو فى الخليج، فأطلق مدافعه تحية لفاروق ولليخت فخر البحار، وجاء الأميرال كيناهان القائد البحرى للمنطقة يحيى فاروق ويدعوه لزيارة الطراد، وتضايق فطلب من قبطان فخر البحار أن يتولى هو زيارة الطراد، وإذا بأهل قبرص من المسلمين يدعونه ليؤدى صلاة الجمعة فى مسجد المدينة، ويلحون عليه فذهب إلى المسجد وأدى الصلاة، وحضر السير تشارلس حاكم المدينة لزيارته ودعوته إلى حفلة عشاء رسمية وإلى معرض الزهور».
يؤكد أمين: «قال فاروق إنه لا يستطيع أن يقبل أى مأدبة فى الليل، واقترح أن تكون مأدبة غداء قبل أن يحضر احتفال بافتتاح معرض زهور، ثم ذهب إلى فندق بارك، وكانت كاميليا تنتظره، وتقدم أحد رجال فاروق وقدمها إليه، وتظاهر فاروق بأنه يراها للمرة الأولى، وفى تلك الليلة أذاعت شركة روتر برقية جاء فيها: «بعد العشاء كانت الغبطة تبدو على محيا الملك فاروق، ومن المصادفات الغريبة أنه كانت فى الفندق الآنسة ليليان كوهين، وهى من ممثلات شركة نفرتيتى، وسيسند إليها دور رئيسى قريبا فى أول فيلم مصرى بالألوان، وتشرفت بالتعرف إلى جلالة الملك فكان اهتمام جلالته فى أثناء الحديث بصناعة السينما المصرية بالغا». يؤكد أمين: «بعد دقائق أقبل أحد رجال حاشية فاروق، وهمس فى أذن كاميليا بضع كلمات، واختفت، وبعد دقائق اختفى فاروق، وركب سيارة مضت بهما إلى قهوة فى أعلى الجبل، ونزل وأمسك بذراعها وضمها إلى صدره».