أكرم القصاص - علا الشافعي

عباس شومان

جمع الصلوات

الأربعاء، 02 أغسطس 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقع كثير من الخلط فى فهوم بعض المتدينين، فيغفلون عن مقاصد الدين من تشريعاته وعباداته، ويخلطون بين شعائره ومراميه وغاياته، وهو ما يسميه البعض: فقه الموازنات والمواءمات.
 
ومن ذلك أنك ربما تذهب إلى مستشفى من المستشفيات فلا تجد الطبيب المنوط به تخفيف آلام المرضى، وخاصة فى وقت صلاة التراويح فى رمضان أو فى صلاة الجمعة، وربما تتجول فى عنبر من عنابرها فلا تجد لا طبيبا ولا ممرضا، بينما تسمع أنات المرضى تخلع القلب، فإذا أشفقت على مريضك وأخذتك قدماك إلى المسجد القريب مبتعدا عن سماع تألمه، وداعيا الله أن يخفف عنه وجدت صفا كاملا خلف الإمام بالبالطو الأبيض، وساعتها تأخذك الحيرة: هل تقترب من الطبيب المعالج وتطلب منه المساعدة لتخفيف آلام المريض؟ أم تدخل إلى صلاتك وذهنك وقلبك معلقان بأنات المريض المتألم، وتجعل دعواتك أن يخفف الإمام القراءة ليصحبك الطبيب بعد الفراغ من القيام إلى غرفة مريضك الذى قد يفارق الحياة دون أن يدرى أحد؟
 
وهذا المشهد لا يقتصر على المستشفيات فقط، بل قد يتكرر فى كثير من المصالح الحكومية التى يفد إليها الناس من محافظات بعيدة فيجدون من ينهى مصالحهم معتكفا طاعة لربه تاركا موقعه بلا بديل يقضى حوائج الناس!
 
وهذه التصرفات لا علاقة لها بسماحة الدين ويسر الشريعة، ولا تصدر إلا من فهم مغلوط للتدين، فبقاء الطبيب وصلاته إلى جانب مرضاه هو ما تقضى به شريعتنا السمحة، فكيف يترك بعضهم عمله الذى يتقاضى عليه أجرا من أجل صلاته وقيامه فى المسجد؟ 
 
ودائما أوجه بعض النصائح إلى أبنائى الخريجين فى طب الأزهر منها: التحذير من ترك مرضاهم بدعوى الصلاة فى المسجد، فالاطلاع على أحوال المرضى ورعايتهم أولى، ومن الجميل إمامة مرضاهم أو الائتمام بهم للصلاة معا بدلا عن تركهم والذهاب إلى المساجد، وأنه يجوز لهم جمع الصلوات فيصلون الصلاتين فى وقت إحداهما إذا احتاج مرضاهم لكامل الوقت بين الصلاتين كمن يعملون فى أقسام الطوارئ أو العمليات أو العناية المركزة متى وجدت حالات تقتضى المتابعة ومواصلة العمل، لأن الخوف من أسباب جمع الصلوات وتغيير هيئتها كما ورد فى كتاب ربنا، بل إن الشرع الحنيف ليجيز الصلاة إلى غير القبلة إذا كانت الجهة الأخرى مصدر خوف، ليكون مترقبا ومستعدا للدفاع عن نفسه وهو فى صلاته، وأنه لا يجوز بحال التعلل بالصلاة ولا بالاعتكاف ونحوهما وترك الأعمال، وأخشى ألا تقبل صلاة الفاعل متى ترتب عليها ضرر أو تفريط فيما كلف به بمقتضى عمله.
 
وإذا كانت المحافظة على الطاعات مطلوبة، فإن المحافظة على مصالح الناس وقضائها مطلوبة كذلك، والناس بين الإفراط والتفريط فى هذا الأمر فبعضهم قد لا يصلى بدعوى انشغاله بمرضاه أو مصالح الناس، وبعضهم يترك مرضاه للصلاة، وكلاهما مذموم.
 
ومن الفهم المغلوط كذلك أن يفهم البعض أن جمع الصلوات جائز على إطلاقه، فمتى أراد المصلى أن يجمع جمع، ويستدل بما ورد فى الصحيح من أن النبى، صلى الله عليه وسلم، جمع بين الصلوات فى غير خوف ولا مطر، ويتخذ منه ذريعة ليفرط فى الفرائض المكتوبات، لكن جمع الصلوات الذى تبيحه الشريعة، مضبوط بضوابط، وليس على إطلاقه كما يفهم البعض، فيجمع متى شاء.
 
وأرى أن النص الوارد عن النبى، صلى الله عليه وسلم، أنه جمع فى غير خوف أو مطر، وفى رواية أخرى: «أنه جمع فى غير خوف أو سفر» يمكن توجيهه والنظر فيه، بما يتفق مع مقاصد الشريعة.
 
وللفقهاء فى توجيه الروايتين ثلاثة اتجاهات على النحو الآتى:
الاتجاه الأول: التوقف وعدم إدراك مراده لتعارض الروايتين ظاهرا مع الثابت من أحكام الشرع، وهو ارتباط الصلوات بأوقاتها، واستثناء الجمع كرخصة فى حالات خاصة للتخفيف وعدم المشقة.
 
الثانى: أن المقصود الجمع الصورى وليس الحقيقى، وهو أن يصلى الأولى فى آخر وقتها فإذا فرغ منها دخل وقت الثانية فقام فصلاها فى أول وقتها، فيكون ظاهرا صلى الصلاتين متعاقبتين وكأنه جمع بينهما مع أنه صلى كل صلاة فى وقتها، وهذه الصورة هى الصورة التى أخذ بها الحنفية فى الجمع فى غير عرفة والمزدلفة.
 
الثالث: أن أعذار الجمع أربعة هى: الخوف والسفر والمطر والمرض، وجملة ما ورد فى الروايتين ثلاثة منها وبقى المرض، ولذا فإن المعنى عندهم: أنه صلى الله عليه وسلم جمع للمرض فهو الباقى من الأعذار.
 
وأيا كانت تفسيرات العلماء لجمعه، صلى الله عليه وسلم، فى غير السفر والخوف والمطر، فإن القول بجواز الجمع لغير سبب يخل بالمعلوم من شرعنا وهو ارتباط الصلوات بأوقاتها: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا»، وأفضلية الصلاة فى أول وقتها، وتحديد أوقات بداية ونهاية لكل صلاة، وتقسيم العلماء لهذه الأوقات بين موسع وهو من أول الوقت إلى قرب نهايته، ومضيق وهو إذا بقى مقدار ما يتسع لركعات الفريضة فقط قبل دخول الوقت الذى يليه، وتقسيمهم لكيفية وقوعها بين الأداء وهو تأدية الصلاة فى وقتها والقضاء وهو تأديتها بعد خروج وقتها، بالإضافة إلى أنه يؤدى إلى التهاون فى الصلاة والتفريط فيها ويفسد الجماعات فى المساجد ونحوها، ولذا فإن علماء السنة لم يقولوا به، وإن توسع بعضهم فى أسباب الجمع كالانشغال بالأعمال والسوق ونحو ذلك. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

المرضي والصلاه

يعني يا فضيلة الشيخ اقول للي بتولد أولدي بعد صلاة التراويح

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

جمع الصلوات

ربنا لطيف بالعباد يا فضيلة الشيخ والدين يسر وليس عسر

عدد الردود 0

بواسطة:

حفاة الوطن

اذا رايتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان كثير يفهمون هذا الكلامعلى انه اصبح من اهل الجنة

وهذا خطأ فقد يصلى المؤمن ويصوم ويزكى وعمله غير صالح وهو من المفلسين والمضحك انى رايت اخد المدافعين عن الاخوان يردد هذا الحديث على انهم متدينون فقيل له وما رأيك فى اعضاء حزب النور ينطبق عليهم هذا الحديث فاخذ يسبهم لانهم ضد الاخوان المفلسين الذين لم تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر والبغى فهم منافقون

عدد الردود 0

بواسطة:

الفيلسوف

النصح اولى لاصحاب المصالح الدنيوية

الذين يتركون المرضى ومصالح المواطنين لاغراض دنيوية اخرى غير الصلاة اكثر بكثير من الذين يتركونهم لمجرد دقاءق معدودة للصلاة فالاولى ان نوجه لهؤلاء النصح

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة