سليمان شفيق

لغز داعش أزمة أمن أم أزمة الحضارة الأوروبية؟!

السبت، 12 أغسطس 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعددت الحوادث الإرهابية لداعش فى العديد من العواصم الأوروبية، الأمر الذى يطرح على مائدة الباحثين ماهية قوة ونفوذ تنظيم داعش؟ وإن كان الكثيرون ينتقدون بشكل مشروع أجهزة الأمن المصرية وأوجه القصور فيها ترى ماذا يحدث فى الأمن القوية جدا بأوروبا؟ هل هى أزمة أمن أم أزمة حضارة؟
 
بعد تعرض ستة أفراد أمن فرنسيين لحادث دهس متعمد وفق رواية الشرطة الفرنسية صباح الأربعاء الماضى أمام أحد معسكرات العاصمة الفرنسية باريس، يأتى ذلك بعد محاولة الطعن الفاشلة التى وقعت قبل حادث الدهس بأيام، يأتى هذا الهجوم قبل انتهاء المائة يوم من دخول ايمانويل ماكرون إلى الإليزية.. فى فرنسا.
 
وفى الفترة من 11 وحتى 19 مارس 2014 شهدت مدينتا مونتوبان وتولوز الفرنسيتين سلسلة من الهجمات استهدفت جنديا فرنسيا مسلم الديانة، وفى الهجوم الثانى قتل على أثره جنديان فرنسيان فى مركز تجارى بمدينة مونتوبان، بينما أسفر الهجوم الأخير الذى وقع 19 مارس عن مقتل أربعة بينهم ثلاثة أطفال فى إحدى المدارس اليهودية.
 
فى 7 يناير 2015، وقع حادث الهجوم المسلح على صحيفة شارل إبدو الفرنسية بالعاصمة باريس وأسفر الحادث عن مقتل 12 شخصا بينهم شرطيان و4 من فنانى الكاريكاتير، وأصيب 11، على إثر نشر الصحيفة رسوم مسيئة للدين الإسلامى.
 
فى 13 نوفمبر 2016، شهدت أيضا باريس سلسلة من التفجيرات استهدفت مناطق متفرقة، مثل مطعمى بيتيت كامبودج ولوكاريلون، إضافة إلى تفجيرات فى محيط استاد فرنسا، أثناء حضور الرئيس الفرنسى فرانسو أولاند لحضور مباراة ودية بين فرنسا وألمانيا، وبعدها تفاقم الوضع بعد احتجاز الإرهابيين رهائن فى مسرح باتاكلان، كل تلك الحوادث أسفرت عن مقتل 137 شخصا، ناهيك عن حوادث الدهس فى نيس وإطلاق النار فى الشانزازيه وغيرها من الحوادث، بعيدا عن الإدانة والتضامن فإن الحادث الأخير لن يكون الأخير كما أنه ليس الأول.
 
ومن فرنسا إلى عواصم أوروبية أخرى، على مدى السنوات السابقة وقعت الدول الأوروبية هدفا لتنظيم داعش وتكررت حوادثة الإرهابية فى عدة دول أوروبية، محطات ومطارات، وأماكن سياحية، مثل تفجيرات بروكسل التى أدت إلى مقتل 35 شخصا وإصابة 135، وتفجيرات، استوكهولم فى فى 2010 التى انفجرت فية قنبلتان فى وسط العاصمة السويدية، وأصيب شخصان، وفى مايو 2014 أطلق مسلح النار على المتحف اليهودى بالعاصمة البلجيكية بروكسل، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وأغلق المتحف أربعة شهور.
 
وحادث فرانكفورت مارس 2011، حينما فتح مسلح النار على حافلة تابعة للقوات الجوية الأمريكية خارج صالة الوصول فى مطار فرانكفورت بألمانيا، مما أدى إلى مقتل طيارين أمريكيين وإصابة آخرين، واكتشف أن الإرهابى كان كوسوفى.
 
ولا يفوتنا مثلا أن نذكر بهجمات العاصمة البريطانية لندن فى 3 يونيو 2017، ومن غرب أوروبا إلى شرقها مثل استهداف انتحارى فى يوليو 2012حافلة تقل سائحين إسرائيلين من مطار بورجاس ببلغاريا، مما أسفر عن مقتل 5 إسرائيلين والسائق البلغارى.
 
مرت ثلاثة سنوات على قيام دولة «داعش» دولة الخلافة، والسؤال الذى يطرح نفسه كيف استطاع «تنظيم داعش» أن يقدم نموذجا غريبا من تحول حرب العصابات إلى مقومات دولة؟!! المساحة التى وصلت إليها دولة الخلافة الإسلامية الممتدة بين العراق والشام، فإن مساحتها تجاوزت ضعف مساحة سوريا، وحتى بعد سقوط الموصل فإن النظر إلى جغرافية هذه الدولة يجب أن يمتد إلى أبعد من ذلك، فإنها بعد سقوط الموصل وحتى الرقة فما زالت داعش تغطى الآن مساحات واسعة ومترامية الأطراف من الصحراء الأفريقية الكبرى وسيناء ونيجيريا والصومال إلى مناطق من باكستان وأفغانستان، والفلبين وأندونيسيا، إن هذه كلها جغرافيا لدولة الخلافة الإسلامية سواء أعلنت المنظمات الإسلامية «الجهادية» العاملة فيها تبعيتها للدولة الإسلامية أم لم تعلن بعد، وما لم يستوعب أى حديث عن جغرافية هذه الدولة هذا البعد فإنه سيبقى حديثا ناقصا وضعيفا، ولا يستطيع أن يرى حدود هذا الصراع وتطوره ولا قواه، بل ولديها خبراء وتقنيات ومصانع سلاح وإعلام ومراكز تدريب وتجنيد وتسويق وتجارة تفوق دول الخليج فى صناعة السلاح مثلا، إن بإمكان رجالات هذه الدولة، وعلى رأسهم خليفتها الانتقال عند الضرورة إلى أى من هذه المواقع، وممارسة سلطاته منها، والتحرك فيما بينها وفق الاحتياجات، ووفق المصالح التى تفرضها طبيعة كل مرحلة. كما أن الحديث عن العنصر البشرى فى داعش يمثل القوة الأساسية للدواعش، إن كل «الجهاديين» فى مختلف دول العالم يكًونون الجغرافيا البشرية لهذه الدولة، الأفراد، والمنظمات، والدعاة. الدراسات الغربية تؤكد أن هناك آلاف المتطوعين من الدول الغربية ومن أصول غربية ومستعدين للقتال مع داعش فى أى مكان، وسيبدو سطحيا إلى أقصى حد القول بأن هؤلاء المتطوعين إنما جاؤوا بحثا عن مكسب مادى، أيا كانت طبيعة هذا المكسب، أو أنهم جاؤوا يدفعهم اليأس والفراغ، أو الجهل والتخلف الثقافى والفكرى، فكل هذه دعايات لا تجدى نفعا فى الدراسة الموضوعية لهذه الظاهرة، لان هؤلاء المتطوعين الأوروبيين الأقحاح تعلموا أفضل تعليم، بل نحتاج إلى دراسات جدية حول أزمة الحضارة الأوروبية «حضارة ما بعد الحداثة»، وألم يلفت نظر أحد أن الإسلام أصبح الدين الثانى فى أوروبا؟ وأن أوروبا القارة العجوز من نهاية سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن وفى ما يقارب النصف قرن وتحت رؤية حقوق الإنسان والرؤية الأمنية لاحتواء الإرهاب أدى بها الأمر إلى أن الكتل السكانية الإسلامية صارت مكونا أساسيا من مكونات المجتمعات الأوروبية بما فى ذلك الحياة السياسية والاجتماعية.. إلخ. هل يعرف أحد أن حجم ما تردد من غارات قام بها الحلفاء على داعش فى سنتين يتجاوز حجم ما ألقى فى الحرب العالمية الثانية؟ نحن أمام لغز كبير متشابك بشكل سرطانى ويحتاج إلى دراسة موضوعية بعيدا عن الاستسهال.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة