سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 أغسطس 1925.. «هيئة العلماء» تحكم بخروج على عبدالرازق من «زمرة العلماء» بسبب «الإسلام وأصول الحكم»

السبت، 12 أغسطس 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 أغسطس 1925.. «هيئة العلماء» تحكم بخروج على عبدالرازق من «زمرة العلماء» بسبب «الإسلام وأصول الحكم» على عبد الرازق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل الأستاذ الشيخ على عبدالرازق إلى اجتماع هيئة كبار العلماء، وحيا الجالسين: «السلام عليكم»، فلم يسمع لتحيته ردا أحسن منها ولا مماثلا، هكذا يصف أحمد شفيق باشا فى «حوليات مصر السياسية- الحولية الثانية» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة» بداية الحالة التى كانت عليها المحاكمة التى انعقدت يوم 12 أغسطس (مثل هذا اليوم) من عام 1925 لعلى عبدالرازق بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم».
 
أثار الكتاب ضجة كبيرة فور صدوره لأنه وحسب «شفيق باشا»: «تعرض للخلافة الإسلامية ودلل على أنها ليست من أصول الإسلام فى شىء، وكانت مسألة الخلافة محل اهتمام الشعوب الإسلامية ومطمح أنظار بعض الملوك والسلاطين الراغبين فى توسيع نفوذهم» ويؤكد الكاتب الصحفى محمود عوض فى كتابه «أفكار ضد الرصاص» عن «دار المعارف- القاهرة»: «هناك ارتباطا بين صدور الكتاب بما جاء فيه وبين الجدل الذى ساد فى مصر وقتئذ حول أن الملك فؤاد ملك مصر أحق بأن يكون خليفة للمسلمين بعد أن ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة فى تركيا يوم 3 مارس 1924»، ويضيف عوض: «بينما كان «فؤاد» يشجع هذا الجدل سرا فاجأ عبدالرازق الجميع بكتابه الذى يقول فيه: «ليس بنا من حاجة إلى تلك الخلافة لأمور دنيانا ولو شئنا الدقة لقلنا أكثر من ذلك، فإنما كانت الخلافة ولم تزل نكبة على الإسلام والمسلمين»، ويؤكد عوض: «عقب صدور الكتاب الذى انتهى المؤلف منه أول إبريل 1925 بدأت عاصفة الاحتجاجات وتنوعت أساليبها، من مؤلفات مضادة لشيوخ تتهمه بالكفر ومن أشهرها كتاب «حقيقة الإسلام وأصول الحكم» للشيخ محمد نجيب المطيعى مفتى الديار المصرية سابقا، إلى مظاهرات غاضبة فى الجامع الأزهر».
 
انتقلت العاصفة إلى الأزهر ممثلا فى «هيئة كبار العلماء» ويذكر شفيق باشا: «رأت محاكمة الأستاذ الشيخ على عبدالرازق وفقا لقانون صدر ولم يستعمل، وجاء عليه الدستور فلم يجعل له أثرا»، ويؤكد شفيق: «كانت أشد دهشة المنصفين فى أنهم رأوا أن خصوم عبدالرازق هم قضاته»، وعقدت الهيئة محاكماتها للرجل الذى هو من أعضائها ويعمل قاضيا شرعيا فى محكمة المنصورة، لكنه وفقا لشفيق باشا: «معروف منذ نشأته بحرية الفكر وسعة أفق العقل».
 
وينقل «شفيق» أجواء المحاكمة، مشيرا إلى عدم رد الأعضاء وعددهم 25 للسلام الذى ألقاه «عبدالرازق»، ويضيف: «أمره شيخ الجامع الأزهر (محمد أبوالفضل) بالجلوس، فجلس فى المقعد المواجه لمقعد حضرة صاحب الفضيلة الشيخ الأكبر، فسأله: «الكتاب ده كتابك؟»
فأجابه إيجابا، فسأله: «وهل أنت مصمم على كل ما فيه؟» فأجابه: «نعم».
 
ألقى الشيخ أبوالفضل الكتاب أمامه على المنضدة وصاح: «هذا الكتاب كله ضلال وخطأ، ولكننا نحن كتبنا لك عن سبع فقط فيه، ولو أن فيه غيرها كثير كلها ضلال أيضا، وسأقرأ لك هذه النقاط السبع التى تضمنها كتابك»، وهى حسب شفيق: «الكتاب جعل الشريعة الإسلامية شريعة روحية محضة لا علاقة لها بالحكم والتنفيذ بأمور الدنيا، وإن الدين لا يمنع من أن جهاد النبى، صلى الله عليه وسلم، فى سبيل الملك لا فى سبيل الدين ولا لإبلاغ الدعوة إلى العالمين، وإن نظام الحكم فى عهد النبى كان موضوع غموض وإيهام أو اضطراب وموجبا للحيرة، وأن مهمة النبى كانت بلاغا للشريعة مجردا عن الحكم والتنفيذ، وإنكار اجتماع الصحابة على وجوب نصب الإمام، وعلى أنه لابد للأمة ممن يقوم بأمرها فى الدين والدنيا، وإنكار أن القضاء وظيفة شرعية، وإن حكومة أبى بكر والخلفاء الراشدين من بعده، رضى الله عنهم، كانت لا دينية».
 
بعدما أتم شيخ الأزهر تلاوة الاتهامات سأل: «هل عندك ما تقوله؟» فأجاب عبدالرازق فى هدوء وابتسام طبقا لوصف شفيق باشا: «نعم إنى كتبت مذكرة، وإذا كنتم تسمحون لى أن أقرأها، وأما إذا أردتم شفهيا فأنا مستعد للمناقشة»، وطلب تسجيل احتجاجه على الهيئة، ثم أذن له شيخ الأزهر بقراءة مذكرته، وانصرف».
 
فى الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، نطقت الهيئة حكمها: «حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر وبإجماع آراء أربعة وعشرين عالما معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ على عبدالرازق أحد علماء الجامع الأزهر والقاضى الشرعى بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية ومؤلف كتاب (الإسلام وأصول الحكم) من زمرة العلماء، وتعلن الأسباب بعد إعدادها فيما بعد».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة