من منا لم يتعرض لمواقف صعبة فى حياته، فإذا أحب الله عبدًا ابتلاه، ولكن يأتى الابتلاء على قدر الإيمان، هكذا نستطيع أن نلخص مأساة مواطن مصرى فى الغربة، تحدى ظروفه الصحية الاستثنائية وعبر محنة كبيرة وصعبة.
"أحمد جبر" البالغ من العمر 38 عامًا، من محافظة الشرقية، كتب "بوست" على الـ"فيس بوك"، سرعان ما انتشر هذا البوست بشكل كبير للغاية وتداوله الآلاف، وحصل على عشرات الألوف من الإعجابات، وأصبح "أحمد" نموذجًا للإرادة والتحدى.
وبكلمات يملؤها الرضا بقضاء الله وقدره، روى لنا "أحمد جابر" والذى يعد نموذجًا مصريًا فى الإرادة والتحدى، تفاصيل إصابته بسكتة دماغية، كادت تودى بحياته، ومشوار علاجه الذى استمر عدة أشهر، ووقوف زوجته وأصحابه معه فى محنته الكبيرة.
فالأقنعة تتساقط وتظهر معادن الرجال فى المواقف الصعبة التى يتعرض لها الإنسان، وتكشف أيضا مدى صلابة هذه المعادن المتمثلة فى أصحابها، بقدر شهامتهم وجدعنتهم، خاصة إذا حدث ذلك خارج الوطن أى فى "الغربة".
"أنا مكنش عندى أى مشكلة خالص، غير إنى بشرب سجاير بشراهة"، بهذه الجملة بدأ "أحمد جابر" حديثه لـ"اليوم السابع"، يقول أحمد، "بعد التخرج اشتغلت علطول فى شركات كتير داخل مصر، و بعد ما اتجوزت من سنة ٢٠٠٨ اشتغلت فى الكويت، وربنا رزقنى بشذى وحسين، وظيفتى مدير مالى فى إحدى الشركات وليا عمل تطوعي.
وأضاف "جبر" فى حديثه لـ"اليوم السابع"، "أنا لقيت نفسى تانى يوم العيد وأنا رايح خطوبة واحد صاحبى مش عارف أتكلم و حاسس بصداع رهيب، نقلونى للمستشفى، نتيجة نزيف حاد فى المخ مفاجئ وشلل حسى وحركى فى الجانب الأيمن، كما ذكر تقرير الطبيب المعالج.
ومضى فى حديثه قائلا: "حصلى خلل فى الذاكرة، يعنى مهارة الكتابة والقراءة انتهت عندي، مكنتش فاكر أرقام صحابى و لا رقم مراتى ولا حتى رقمى أنا، بس المحاسبة فاكرها كقوانين بس".
ويحكى "جبر" عن شهامة الكويتيين ووقوفهم بجانبه فى محنته، مشيرًا إلى أنه وقبل مرضه بشهر واحد فقط، تعاقد على عمل جديد، ولكن لم يكمل إجراءات نقله على الكفيل الجديد، مضيفًا:"الاثنين وقفوا جنبى وماسبونيش".
وقال "جبر" طول ما أنا فى العناية المركزة كنت متخيل أن أنا مت، والحاجز الزجاجى اللى هو كان بيفصل بينى و بين الزوار، وكنت حاسس فى عيون مراتى و فى عيون صحابى إنهما بيعيطوا، فقولت فى سرى هما بيعيطوا ليه دا أنا فى الجنة، واتصدمت و أنا خارج للجناح إن أنا عايش مموتش".
وبالحديث عن نزع جزء من جمجمته من أجل إنقاذ حياته، قال" "جبر"، مكنتش عارف إنهما شالولى حتة من الجمجمة، و بدأت تبان، لأن النزيف أصله كان كتير حوالى ١١٥ سم، أى فى حجم البرتقالة الكبيرة، الدكاترة كان رأيهم صح و قرروا انهم يشيلولى العظمة اللى هى جزء من الجمجمة لتخفيف ضغط المخ".
وأشار إلى أنه وبعد إفاقته كان كلامه غير مفهوم بالمرة، متابعا بقوله:" مراتى قالتلى إقرأ قرآن، أنا مكنتش موافق لأنى كنت هلخبط فى القراءة، قالتلى مفيش مشكلة، وكانت بتعقد جنبى و تمسك المصحف و بتقولى اقرأ، ومثلا كنت بقول الرحمن الرحيم، وهى السميع العليم، وكنت بحس بصداع جامد من بعد قرايتى للقران مع إنها صفحه أوصفحتين بس، وفضلت مداوم عليها الى الآن، ولاحظت بعدها إن الصداع بيخف تماما حتى اختفي، وكمان لاحظت أيضا إن مهاراتى فى القراءة زادت".
وواصل جبر حديثه، "قعدت ٧ شهور فى المستشفي، و بعد ما ركبولى العظمة بدأت تظهر عليا علامات جيدة ان الكلام اتحسن بس بسيط، وخرجت من المستشفى و بعديها بشهرين بدأت تجيلى حالة من التشنجات.
وبين جبر، أن هناك نوعان من "العظمة"، الأول "الثرى دي"، ولكن هذا النوع لم يكن متوفرا فى وزارة الصحة الكويتية، وأخرى "عجينة" أى يتم تشكيلها حسب رغبة المريض، والأخيرة تم تركيبها لى".
وفى نهاية حديثه، قدم "جبر" الشكر لكل من زوجته وأصدقائه وكفيله فى الكويت، قائلا: "مراتى قدمت ليا اللى انا مش هعرف اوفى جميلها ليا، وأصحابى اللى هما فعلا مكسب فى الغربة، فكانوا بيبدلوا مع بعض،عاملينها زى ما يكونوا شفتات طول ما أنا كنت فى المستشفي، وكفيلى كمان وقف جنبي".
ووجه رسالة إلى الشباب داعيا إياهم للإقبال على التعلم وعدم التحدث كثيرًا، متابعًا: "عطاؤك لا تبخل به أيا كان علم، نصح، كتاب، فكرة، فإنك لا تدرى أين يصل مداه، كلما اخطأت اذهب وحاول أن تكفر عن ذنبك، إذا جهلت، تعلم، إذا أذنبت استغفر، إذا غبت عوض غيابك، وإذا قصرت فلتكن كريما فى قدومك، كن شخصا قابلا للتعلم، فمثلا بدلا من التحدث استمع كثيرا، وجه أسئلة إذا لم تفهم، ابدأ قراءة كتاب، خطط لتقدمك، تخلص من عادة سلبية، بعض البلاء من الله تطهير ومحبة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة