"القضاء الإدارى" توقف توزيع كتاب يشكك فى قصص القرآن.. المحكمة تؤيد الأزهر فى رفض الطباعة.. وتؤكد: طعن فى تفسير "هاروت وماروت" و"يأجوج ومأجوج" و"أصحاب الكهف"..واتهم موسى بالقتل العمد.. ولم يستند لمرجع واحد

الخميس، 10 أغسطس 2017 09:00 م
"القضاء الإدارى" توقف توزيع كتاب يشكك فى قصص القرآن.. المحكمة تؤيد الأزهر فى رفض الطباعة.. وتؤكد: طعن فى تفسير "هاروت وماروت" و"يأجوج ومأجوج" و"أصحاب الكهف"..واتهم موسى بالقتل العمد.. ولم يستند لمرجع واحد مجلس الدولة
كتب محمد أسعد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصدرت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، حكماً قضائياً هاماً، أيدت فيه قرار شيخ الأزهر، بصفته رئيس مجمع البحوث الإسلامية، برفض نشر كتاب "من معجزات القرآن الكريم فى الآيات والمخلوقات" لمؤلفه مبروك محمد حسن، ورفض طبعه ونشره وتوزيعه لما يحويه من مخالفات وعيوب وإدعاءات وتفسيرات خاطئة للقرآن الكريم والتشكيك فى بعض الروايات والقصص، وخلق الله تعالى للكون، ورفضت المحكمة الدعوى التى أقامها صاحب الكتاب للسماح له بنشره وتوزيعه.

 

قالت المحكمة إن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم أجمع، وهو المرجع النهائى فى كل ما يتعلق بشئون الإسلام وعلومه، وتراثه، واجتهاداته الفكرية الحديثة، ويمثل هذا الصرح العظيم شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأى فى كل ما يتصل بالشئون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام.

 

وذكرت أن قرار رفض الموافقة على مضمون الكتاب وطبعه ونشره وتوزيعه قد استند إلى تقرير فنى أعده مجمع البحوث الإسلامية، متضمناَ مثالب وعيوب عامة شابت الكتاب من أوله إلى آخره، وأهمها امتلاؤه بالأخطاء اللغوية والنحوية والإملائية والمطبعية، وافتقاده إلى التدقيق والصياغة فى الأسلوب مما جعل الكثير من عباراته تحتاج إلى تعديل، والكثير منها يشوبه الغموض، وثمة عيب آخر يفوق العيب الأول جسامة وهو فقدان الكتاب لأدنى مبادئ البحث العلمى، وهو توثيق المعلومات والأفكار الواردة به، وردها إلى مصادرها، حيث جاء خالياً تماماً من أية مراجع لغوية أو شرعية أو علمية، رغم أنه كتاب يستهدف تفسير بعض آيات القرآن الكريم.

 

وخالف مؤلف الكتاب– دون سبب واضح ولا استناد عقلى سائغ ولا استناد شرعى ثابت ولا تجربة عملية أو عدمية راسخة- ما استقر به وأجمع عليه أهل علم أو فن أو مجال تخصيصهم، فقد انتهج تفرقة غير مفهومة بين النفس والروح، والعاقر والعقيم، والسنة والعام والحول، والموت والوفاة، وهى تفرقة نفاها كل اللغويين والمفسرين.

 

كما خالف الكتاب ما استقر عليه العلماء، حيث قرر أن الأرض ثابتة وأن الشمس والقمر يدوران حولها محدثين الليل والنهار، كما أنكر أن يكون المطر ناتجاً عن عملية البخر والتقاء البخار بتيارات أو أجسام باردة معتبراً أن من يقول ذلك جاهلاً أو ملحداً ومخالفاً لكتاب الله.

 

وخالف الكتاب ما أجمع عنه الفقه الإسلامى فى شأن عدة الصغيرة، وقد ساق الكتاب وقائع تاريخية شرعية قاطعاً فيها برأى مخالف لما عليه جمهور المفسرين والمؤرخين، ومنها أن الأرض لم يخلقها الله بل مدها من تحت الماء، ومنها أن جدة عيسى عليه السلام لأمه علمت بولادته بلا أب.

ومن ناحية رابعة فقد جاءت كثير من موضوعات الكتاب تحكى أموراً تاريخية غيبية لم يتساند فيها جمهرة المفسرين من فحول اللغة وجهابذة البلاغة إلى مصدر تاريخى موثوق أو أثر نبوى متصل بين تفاصيلها، فاختلفت أقاويلهم وتنافرت آرائهم بشأنها، بداية من خلق الأرض وخلق أدم وخلافته وذريته فى الأرض، وخلق عيسى عليه السلام، وقصص "هاروت وماروت" و"يأجوج ومأجوج" و"أصحاب الكهف" و"ذو القرنين"، وقد اعتبر الله تعالى هذه الأمور من المتشابهات ونهى عن الخوض فيها بقوله "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ"

 

ورغم ذلك فقد ركب الكتاب ركاب الخوض فى كل ما تقدم جميعه، قائلاً برأيه حاشراً له بعض آيات الكتاب العزيز فى غير ما سيقت له يستنطقها بما لا تنطق ويقولها ما لا تقول.

 

واتهم الكتاب موسى عليه السلام بارتكاب جريمة القتل العمد فى قوله تعالى "فوكزه موسى فقضى عليه"، وقالت المحكمة إنه كان على مؤلف الكتاب أن ينتهج التحليل العلمى والعودة للمصادر، بدلاً من اتهام أحد الأنبياء من أولى العزم بجناية من أقبح وأشنع الجنايات، وهو التحليل الذى اعتمدته جمهرة الفقه الإسلامى فى معيار التفرقة بين أنواع القتل.

 

وفى ضوء ما تقدم لم تجد المحكمة إلا التسليم بصحة قرار مجمع البحوث الإسلامية فيما تضمنه من عدم الموافقة على اعتماد الكتاب وقبوله والتصريح بطبعه ونشره وتداوله لقيام القرار على أسبابه القانونية والواقعية التى تبرره.

 

وكان صاحب الدعوى قد طالب كذلك بتعديل كلمة "الملكين" بفتح اللام، الواردة فى الآيه رقم 102 من سورة البقرة، لتكون بكسر اللام، تأسيسياً على أن التفسير الصحيح للكلمة أنهما ملكين من ملوك البشر "بكسر اللام" وليس ملكين من الملائكة "بفتح اللام"، وتبين للمحكمة أنه تم عرض هذا الموضوع على لجنة مراجعة المصحف الشريف بمجمع البحوث الإسلامية، وأفادت اللجنة بوجود قراءتين لهذه الكلمة، إحداهما المتواترة بفتح اللام، والأخرى شاذة بكسر اللام، والأخيرة لا يقرأ بها، وقد اختلف المفسرون فى تفسير الآية بناء على القراءتين، فجمهورهم على أن الكلمة مفتوحة اللام، وأن التفسير أن الله أمر الملكين "بفتح اللام" بتعليم الناس السحر، ابتلاء لهم لينفوا مزاعم السحرة.

 

وانتهت المحكمة إلى أنه إن كان التوجيه اللغوى للآية يصح بكلا الروايتين المتواترة والشاذة إلا أنه لا يجوز العدول عن الرواية المتواترة والعمل بالقراءة الشاذة، إذ هو ترك للعمل الراجح والعدول عنه إلى المرجوع – دون سبب ولا مبرر- وهو من الأمور الممنوعة شرعاً وهو ما يجعل قرار المجمع بالامتناع عن إجراء التعديل الذى طلبه المدعى موافقاً صحيح حكم القانون.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة