جمال أسعد

احذروا فشل الدولة وسقوطها

الثلاثاء، 01 أغسطس 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ البداية، كان الصراع بين الإنسان وبين الطبيعة، ثم بين الإنسان والإنسان، وأخذ هذا الصراع أشكالا مختلفة وصورا متباينة، توازيا مع حالة التطور الإنسانى بشكل عام، فكان الصراع الإيجابى، الذى يحفز على العمل، ويدعو للتقدم وينتج الحضارات، كما كان أيضا الصراع السلبى تحقيقا للثنائية الكونية للخير والشر، ذلك الصراع السلبى الذى أنتج الحروب والمواجهات المسلحة بكل أشكالها بهدف السيطرة والاستحواذ والتحكم، كما أخذت الحروب أشكالها وأساليبها بداية من القتال بالحجر للقتال بالخناجر والدروع والسيوف والرماح، ثم تطورت أساليب المواجهة، فكان البارود الذى جاء بالأسلحة النارية الصغيرة التى تطورت وتحولت إلى رصاص وقذائف وصواريخ ودانات ودبابات وطائرات وغواصات وبوارج وسفن حربية، وهذه الحرب التى اشتعلت على الأرض والتى راح ضحيتها ملايين من البشر، حيث كانت الاشتباكات بين الجيوش بعضها، والبعض الآخر والمتفوق هو من يستوعب ضربات العدو ويردها دون أن ينهار، ثم كانت الحروب الاستباقية التى تتم بغير اشتباك جيشين على الأرض، حيث يتم حسمها بالصواريخ بعيدة المدى والطائرات التى لا يمكن رصدها عن طريق الدفاع الجوى أو أى نوع من الردارات. 
 
وهذه الحروب هى ما يعرف بحروب الجيل الثالت، التى تم استعمالها فى أفغانستان 2001 والعراق 2003 حيث إن سقوط أفغانستان والعراق عن طريق هذه الحروب الاستباقية عزز وأكد تطبيق نظرية الفوضى الخلاقة الأمريكية، التى أفرزت ما يسمى بالجيل الرابع من الحروب، وهى تلك الحروب التى يتم فيها تحقيق الأهداف دون حروب عسكرية أو مواجهات مباشرة بين قوتين، والبديل لذلك هو زرع كل عوامل الفشل داخل الدولة المستهدفة، حيث العمل على إفشال الأجهزة الحكومية عن القيام بدورها، كما لا بد أن تسقط قطعة أرض من الدولة فى يد قوى أخرى معادية، كما يجب التشكيك فى شرعية مؤسسات الدولة من رئيس وحكومة وبرلمان وهيئات أخرى حتى يمكن وصف هذه القرارات بغير الشرعية. ويتم هذا عن طريق الإرهاب وإنشاء ومساعدة قواعد وتنظيمات إرهابية غير وطنية ومتعددة الجنسية، إضافة إلى شن حروب نفسية وإطلاق شائعات مغرضة باستغلال السوشيال ميديا، وذلك لاستخدام كل الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والطائفية مع استخدام حرب العصابات واستغلال حركات التمرد، وذلك بهدف الوصول بالدولة إلى حالة الفشل، والدولة الفاشلة هى التى تفتقد السلطة فيها القدرة على السيطرة الفعلية، واحتكار القوة المسلحة على أراضيها وفقدانها الشرعية، واتخاذ القرارات العامة وتنفيذها مع عجزها عن توفير الحد الأدنى من الخدمات لكل مواطنيها، وفقد قدرتها ودورها بالتفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل فى الأسرة الدولية، وهذا ما نراه الآن متجسداً بعد الربيع العربى، الذى تم استغلاله وتسخيره للعب الدور الأساسى فى هذه الحرب «العراق وسوريا وليبيا واليمن». 
 
وبالطبع كما معلن ومعروف منذ 1983 وبناء على نظرية برنارد لويس والشرق الأوسط الكبير، الذى يعتمد على تقسيم المنطقة على أسس طائفية حتى تكون إسرائيل هى الدولة الرائدة والقائدة، ولذا يكون سقوط مصر وإفشالها هو الجائزة الكبرى لكل قوى الشر، التى تريد السيطرة على المنطقة، سواء كانت سياسية أو دينية، فكانت مصر بعد 30 يونيو 2013 هى التى أوقفت كل هذا المخطط الاستعمارى، الذى يأخذ شكلا جديدا متطورا، وجدناهم يقفون ضد يونيو وضد السيسى ونظامه، حيث إن هذا النظام قد أبطل خططهم فى استمرار الإخوان فى حكم مصر، حيث كانت هى البداية لتنفيذ المطلوب، فكان ما كان بعد فض رابعة حتى الآن ليس فى سيناء فقط، ولكن فى الداخل وعلى الحدود الغربية والجنوبية. 
 
وتطبيقا للجيل الرابع من الحروب، نرى ذلك التشكيك فى شرعية النظام رئيسا وحكومة وبرلمانا، ووصفه بالانقلاب فى الوقت الذى توصف فيه يناير بالثورة، بالرغم من أن ثورتى «25و30» هما من قام بهما الشعب بمساندة جيش مصر الوطنى، ولكن الغرض مرض، وشاهدنا ذلك التشكيك فى المشروعات القومية، خاصة مشروع قناة السويس، الذى عبر فيه الشعب عن مدى التماسك القوى مع النظام، بحجة أن هذه المشروعات ليس وقتها الآن فى ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. نشاهد إثارة الفتنة الطائفية بضرب وتفجير الكنائس بهدف إحداث شرخ فى جدار التوحد الوطنى، الذى كان وسيظل هو الدرع الحامى فى مواجهة كل المخططات، نرى تلك الاجتهادات والتفسيرات فى إطار فكر دينى غير صحيح بهدف رفض الآخر الدينى وغير الدينى للوصول إلى التفتيت والتشرذم الذى يؤدى إلى الفشل والسقوط، نرى التشكيك فى قواتنا المسلحة الباسلة، حيث إنهم يعلمون أنها عمود الخيمة فى الحرب والسلام. نعم هناك حرب وجود، ومصر دائما قادرة بشعبها ووحدتها لمواجهة هذه التحديات، ولكن للحفاظ على التوحد الذى يواجه عمليات الإفشال والسقوط هو الحفاظ على هذا التوحد، وذلك التوافق الوطنى حتى لا يتم استغلال الواقع، مطلوب الرأى والرأى الآخر، الذى يهدى وينير الطريق لصاحب القرار، مطلوب دولة القانون والعدل والعدالة الاجتماعية، حتى تكون مصر بحق لكل المصريين وحتى نهزم الأعداء ونواجه التحديات. حمى الله مصر وشعبها العظيم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة