"مصر كلها رزق".. بالصور.. الطفل بشار السورى خباز فى المنصورة.. يعول أسرته بعد دمار بلاده..ويؤكد: ننعم بالأمن والأمان هنا والمصريون كرماء.. والمحروسة تستحق أن يموت الناس لأجلها فى البحار

الأربعاء، 05 يوليو 2017 01:00 ص
"مصر كلها رزق".. بالصور.. الطفل بشار السورى خباز فى المنصورة.. يعول أسرته بعد دمار بلاده..ويؤكد: ننعم بالأمن والأمان هنا والمصريون كرماء.. والمحروسة تستحق أن يموت الناس لأجلها فى البحار لطفل بشار السورى خباز فى المنصورة
الدقهلية ـ محمد حيزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"جوبر كلها حرب ومصر كلها رزق"، هكذا استهل الطفل السورى بشار حميد ابن 17 عاما، والذى فر من الحرب الدائرة فى بلاده، فى منطقة جوبر التابعة لمحافظة دمشق، بعد أن تهدم بيته جراء سقوط قذيفة.

 

بشار أتى مصر، قبل 3 أعوام، استقر بمدينة 6 أكتوبر فى بداية الأمر، لم يستطيع هو وأسرته العيش بها، بسبب ارتفاع الأسعار، وكثرة الأيدى العاملة السورية بها، مما أدى لانخفاض الدخل، فسافر هو وأسرته، إلى مدينة دمياط الجديدة، لم يجدها مختلفة عن مدينة 6 أكتوبر، فانتهى به المطاف، بمدينة المنصورة، التى كانت فاتحة خير عليه كما يقول، وحقق فيها نجاحات واسعة، فكانت وطنه دون ترتيب الأول أو الثانى.

 

بشار ابن 17 عاما، بدأ فى بداية حياته طالب، كان يريد، أن يكون مهندسا للحاسب الآلى، وإصلاح الإلكترونيات، فلم تكن تعرف يده العجن أو الخبز قبل ذلك، ولكن طمعا فى لقمة العيش لابد من أن يجد له مصدرا للرزق وموردا يقتات منه هو وأسرته، فبشار لم يفقد وطنه وبيته فقط، إنما فقد والده رب أسرته، فأصبح الطفل ابن الـ17 عاما، هو رب الأسرة، والعائل لها.

 

يقول بشار، فى حديثه لـ "اليوم السابع"، أنا لابد أن أعمل، وأكسب لقمة العيش، من أجل أن أطعم نفسى، وأطعم أهلى، فأبى توفى فى الحرب، وبشتغل 12 ساعة، الأوضاع كانت فى الشام صعبة، تركتها وما استطعت أن أعود إليها، من أجل ذلك أتيت إلى هنا، أتيت أبحث عن وطن جديد، وحياة جديدة وأمل لطالما كنت أحلم به، أن أكون آمنا قادرا على كسب لقمة العيش، ولا أجوع لا أنا ولا أحد من أسرتى ولا أهلى.

 

يضيف بشار "أعمل يوميا فى فرن، يملكه أحد السوريين من مدينة حلب، استأجر المحل، وبدأ يعمل فيه وننتج جميع أنواع المعجنات السورية، مثل لحم بعجين على الطريقة السورية، والمعروك، جبز العيش الشامى، الجلاش السورى، صفيحة، معروك خلية النحل، معروك التمر، معروك خلية النحل، معروك الجبنة، معروك شى ناهى، معروك الفول، معروك الخبز، معروك سادة، معروك بحشوة المكسرات، وما إلى هذه المعجنات التى يقبل عليها المصريون خاصة سكان المنصورة".

 

ويتابع الخباز الصغير "أشعر بالفرح والسعادة، وأنا أتقاضى راتبى وأقوم بالإنفاق على أسرتى المكونة من أمى وأختى، وأخى الصغير، وأنى لم أجعل أحدا منهم يحتاج شيئا، ولم أهن عرضى ولا لحمى، وأقول لأبى فى مقبرته خلفت ورائك رجال، زلمة منيح، بده يقود العالم، مهما اختلفت الأماكن والأزمان، الزلمة ياللى كان بسوريا صغير خواف، الحين بقى زلمة كبير ومسؤل، ويقوم على شأن الدار".

 

يذهب كل يوم فى الصباح الباكر، إلى المخبز الذى يقع فى وسط مدينة المنصورة، فى السادسة صباحا، قبل أن يقرع الضياء الأرض، يقرع بشار باب المخبز، ليفتح له أحد زملائه فى العمل السوريين، يبات فى المخبز، فلا مأوى له غيره، يبدآن العمل، فى الصباح الباكر سويا، فبشار أكثر تخصصه فى إنتاج وصنع المناقيش، والمعروك، والمناقيش تتطلب فنان قبل أن يكون خباز على حد وصفه، فيبدأ باستلام العجين من زميله العجان، ويبدأ بتشكيلة، على شكل أشكال هندسية مختلفى، منها المستدير، والمربع، والمستطيل، والإسطوانى، والسداسى، وكل شكل له طريقة خاصة فى إنتاجه، ومذاق مختلف ومسمى مستقل عن الآخر، إلا أن كله يندرج تحت عنوان المناقيش.

 

يقول بشار، أنا ناجح جدا فى مصر، لم أكن أتخيل فى يوم من الأيام، أن أحصل على هذه الصنعة، وأن أجيدها بهذا الشكل، أنا الآن معلم زين، مطلوب بالاسم فى الحفلات، والعزائم والولائم، والمنقوشة ياللى اعملها ما فى أطيب منها، والعالم ياللى تشترى منا المناقيش، يعرفون كيف طعمها ومذاقها، وأشعر بالسعادة وانا أرى الطوابير، فى انتظار المناقيش التى أنتجها، وأرى لذة الطعام فى عيونهم قبل أن أسمع ثنائهم على المنتج الذى يبيعه الفرن ياللى بداوم فيه، ومع ذلك السعادة ناقصها شئ، كل شئ فى الغربة ناقصة شئ، ومهما كنت ناجح، فأنا لست على مايرام، إلى أنى أفضل من أى وقت مضى.

 

ويضيف "بشار"، فى مصر الحين، أنا أتقاضى راتب 100 جنيه فى اليوم، أى نعم لا يكفونا بعد غلاء الأسعار بس أنا فى سوريا لا أستطيع أن أتحصل على هذا المبلغ، أنا أقيم فى شقة إيجارها ألف جنيه، أوفر من راتبى اليومى 35 جنيها، للإيجار، وأدبر احتياجاتى أنا وأسرتى المكونة من 4 أفراد، 65 جنيها، والله لا ينسى أحدا، والأمور الله يسهلها وييسرها رب العباد عالم بحالنا.

 

يحاول بشار جاهدا أن يبدو متماسكا، ينظر إلى محرر "اليوم السابع"، ثم إلى السماء رافعا حاجبيه متعجبا ويقول، "يعنى أتحداك لو فى مصرى واحد يستطيع أن يعيش فى هذه الأيام بـ 65 جنيها، أنا أعيش أنا وأسرتى 4 أفراد، بـ 65 جنيه، نكتوى بنار الأسعار، ولكن ننعم بالأمان، ننعم بمصريين والله لم نر بشرًا مثلهم قط، غير فى سوريا، والأفلام والمسلسلات المصرية أكبر عدو لمصر والمصريين، والدولة المفروض تواجه المنتجين والممثلين الذى يشوهون صورة الشعب المصرى لأننا لولا حب وكرم وأصالة المصريين لم نكن نستطيع أن نكمل حياتنا فى هذا البلد.

 

ترتسم فرحة مصحوبة بابتسامة على وجهه ويقول، "صاحب البيت ياللى نعيش فيه زارنا أول يوم رمضان، ومعه "شنطة رمضان" هدية لنا، كان فيها احتياجاتنا من سمن وزيت وبقوليات طيلة الشهر، وقال لنا، أنه الإيجار فى شهر رمضان مجانا، ولن يتقاضى منا إيجارا هذا الشهر، أخى وأختى، لا ننفق على تعليمهم شيئا، مدير المدرسة يقبلنا بدون مصاريف، بل ولنا جيران كل عام دراسى يشترون الكتب والأدوات المدرسية، حتى ملابس المدارس كهدية لإخوتى، مصاريف الدروس، لا يتقاضاها منا المدرسون مجرد أن يعلموا أننا سوريين، أتعجب من السوريين الذين يهدرون عمرهم فى البحر من أجل السفر إلى أوروبا، مصر والله أولى بإهدار العمر فى البحر، من أجل الوصول إليها".

 

ويضيف "بشار"، أنا فقدت تعليمى، ولم أكمل تعليمى أنا كنت فى المرحلة الإعدادية، لما أتيت مصر، وحاليا المفترض أن أكون فى الثانوية العامة، لكن لقمة العيش تستوجب أن أعمل دون أن أكمل تعليمى، وكيف أهنأ فى تعليم وأنا أشعر أنا وأسرتى بالجوع، بيئة العمل فى مصر ميسرة، والعمل فى مصر مفتوح، وبدون مصر، كان من الممكن أن نكون لاجئين أو شحاذين، أو ضحايا فى البحار.

بشار أثناء العمل
بشار أثناء العمل

 

بشار مع بعض اصدقائه
بشار مع بعض اصدقائه

 

بشار فى المخبز
بشار فى المخبز

 

بشار يعجن المناقيش
بشار يعجن المناقيش

 

بشار يحضر عجينة المعروك
بشار يحضر عجينة المعروك

 

بشار امام الفرن
بشار امام الفرن

 

شقيق بشا رينتظره
شقيق بشا رينتظره

 

بشار خلال العمل
بشار خلال العمل

 

تحضير العمل
تحضير العمل

 

زملاء بشار فى المخبز
زملاء بشار فى المخبز

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة