لا يجب النظر إلى أزمة المسجد الأقصى على أنها مجرد رفض من الفلسطينيين، للإجراءات التى اتخذها الاحتلال الإسرائيلى بوضع أجهزة فحص فى محيط الحرم القدسى، ولا يجب النظر إليها بوصفها أزمة عابرة فى مسيرة النضال الفلسطينى ضد الاحتلال الصهيونى، ولايجب أن يعتبر أى فصيل فلسطينى أنه صاحب الفضل فى إدارة المواجهة على الأرض ضد الإجراءات الإسرائيلية التى تمت.
تعلمنا فى كل مراحل الصراع العربى الصهيونى، أن إسرائيل لا تقف فى صنع الأزمات عند أسبابها المعلنة، وإنما يكون لها أهدافها الخبيثة التى تحقق لها أطماعها التوسعية، سواء تم ذلك بالحروب الكبيرة أو بالإجراءات الصغيرة، وبناء على ذلك فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتم فصل ما حدث فى المسجد الأقصى طوال الأيام الماضية عن كل التطورات التى تشهدها المنطقة، وجميعها تقود إلى تصورات أو سيناريوهات معينة لحل للقضية الفلسطينية، وأقول: «تصورات» أو «سيناريوهات»، لأننا وحتى هذه اللحظة لم نر مبادرة مطروحة بشكل حقيقى يتم الحوار والتفاوض على أساسها بين الأطراف المعنية، والحديث عن أى مبادرات عربية سابقة تجاوزها الزمن، فإسرائيل لم يعد شيئا يجبرها على قبول ما يتعارض مع تصوراتها، ولا تخرج هذه التصورات عن ابتلاع كامل الأرض الفلسطينية، وإن حدث وأصبح للفلسطينيين فستكون بلا سيادة، ولإسرائيل التحكم فيها.
فى هذا السياق فإن التقديرات الصحيحة لما حدث فى الأقصى التى تتوافق مع طبيعة الصراع تتخطى بكثير مجرد أنها مواجهات بسبب وضع كاميرات فى محيط الأقصى، أو بسبب إجراءات أخرى مضادة للفلسطينيين حين يتوجهون إلى المسجد لأداء الصلاة، وإنما نستطيع القول: أنها اختبار عملى للفلسطينيين حول طبيعة رد فعلهم على نوع الحل الذى سيأتى لقضية القدس، الذى سيكون ضمن حل شامل للقضية الفلسطينية، أى أننا أمام حدث يقع فى الحاضر لكنه يخاطب المستقبل.
نعم استطاعت إسرائيل خلال السنوات الماضية تحجيم الأطراف الفاعلة فى الصراع ضدها، وذلك بتوقيع اتفاقيات للسلام مع بعضها، وبإجراءات تخريب كما حدث فى سوريا، وتفجير الصراعات العربية العربية كما أهدت الفصائل الفلسطينية لها هدية الانقسام فيما بينها، وبدت حماس راضية مرضية بحكم «غزة» كطموح لتطبيق نموذجها «الإخوانى» الفاشل، فقدمت بذلك أعظم الهدايا لإسرائيل.
وأدى كل ذلك إلى أن تعيش القضية الفلسطينية أسوأ مراحلها، فهى لم تعد قضية العرب الأولى، ومن المؤكد أن إسرائيل ومن يساندها تاريخيا فى أطماعها التوسعية تدرس الأوقات المثلى لطرح ما يحقق لها مطامعها، وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن إقدام إسرائيل على جريمتها فى الأقصى ينطبق عليه ذلك، أى أنه بمثابة جس نبض، وقياس لرد الفعل الذى قد يحدث أمام الحلول النهائية التى سيتم طرحها للقضية الفلسطينية، نعم هى تدور الآن فى الغرف المغلقة، ويتم التجهيز لإخراجها، وحسب كل شئ فيما يتعلق بها، ومن هنا فإن القصة فى عمومها أكبر من مجرد إجراءات أمنية ضد المصلين الفلسطينيين.
واجه الفلسطينيون الإجراءات الإسرائيلية بتصميم معهود، وبالرغم من أن رد الفعل الشعبى على المستوى العربى لم يكن بالمستوى اللائق، إلا أن ذلك لم يؤدى إلى إحباطهم أو تراجعهم، وبطبيعة الحال فإن ذلك لن يمر مرور الكرام أمام الذين يعدون حلولهم النهائية للقضية الفلسطينية.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
أحداث الاقصي
وما أكثر البروفات التي سوف نراها...