انعقد اليوم الثلاثاء الاجتماع السابع لمجلس المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى بروكسل، بعد توقف دام سبع سنوات منذ انعقاد الاجتماع السادس فى عام 2010.
وترأس سامح شكرى وزير الخارجية وفد مصر، بينما ترأست الجانب الأوروبى "فدريكا موجيريني" نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للسياسة الخارجية والأمنية.
وأعرب المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد فى بيان صحفى، عن ترحيب مصر بهذا الاجتماع الذى ينعقد لأول مرة منذ عام 2010، منوهًا إلى ما يمثله من أهمية فى تعزيز مجالات التعاون ومساحات التفاهم المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى.

وزير الخارجية سامح شكرى يترأس وفد مصر فى الاجتماع
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن الاجتماع شهد زخما سياسيا واقتصاديا هاما، وجاء تتويجا لجهود متواصلة خلال العامين الماضيين بهدف إعادة إحياء البنية المؤسسية لاتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبى، وهو ما تمخض عنه التوصل إلى اتفاق فى ديسمبر الماضى حول "وثيقة أولويات المشاركة المصرية الأوروبية"، والتى تحدد المبادئ والأطر التى ستحكم التعاون بين الجانبين خلال فترة الأعوام الثلاثة القادمة 2017-2020، وتشمل عددًا من المجالات الحيوية اتساقًا مع أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المصرية التى أفردتها "رؤية التنمية المستدامة : مصر 2030" .
وأضاف أبو زيد، أن الجانبين المصرى والأوروبى أكدا عزمهما على البدء الفورى فى ترجمة وثيقة أولويات المشاركة إلى برامج تعاون محددة خلال الفترة القادمة، حيث يتوقع أن يتم إقرار حزمة من البرامج التنموية بتمويل أوروبى فى مجالات دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والطاقة، ودعم المرأة والشباب، ومواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية من خلال مقاربة شاملة تراعى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وتعالج الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، بما فى ذلك من خلال تعزيز قدرة مصر على التعامل مع التبعات الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة الهجرة.
وأكد الاتحاد الأوروبى على دعمه الكامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الذى تنفذه مصر بالتعاون مع صندوق النقد الدولى، معربًا عن التزامه بمساندة مصر لتحقيق الاستقرار والتنمية المنشودة، باعتبار ذلك يعد حجز الزاوية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط، وبما يصب بشكل مباشر فى مصلحة تحقيق الاستقرار والأمن والرخاء فى القارة الأوروبية.
ومن ناحية أخرى، كشف المتحدث باسم الخارجية، عن أن الاجتماع مثّل أيضا فرصةً هامة للإعراب عن شواغل مصر الرئيسية إزاء أسلوب تعامل الاتحاد الأوروبى مع العديد من القضايا، وذلك حرصا على إيجاد مناخ صحى وملائم بين الجانبين يساعد على مواجهة التحديات المشتركة.
سامح شكرى وفيدريكا موجرينى ويوهانس هان
وأوضح فى هذا الإطار، شدد وزير الخارجية سامح شكرى، على أن علاقات الشراكة بين الطرفين يجب أن تقوم على الاحترام والتقدير المتبادل، رافضًا ما يوجهه الاتحاد الأوروبى من انتقادات للأوضاع الداخلية فى مصر استنادًا إلى معايير مغلوطة ومنطق متناقض يفتقر إلى الموضوعية، ومنوها إلى أن أحدا لا يملك الحق فى تنصيب نفسه حكما على الآخرين.
وتابع المتحدث باسم الخارجية، أن مصر دعت الاتحاد الأوروبى فى إطار من المصارحة والمكاشفة إلى وقفة صادقة مع النفس فيما يتعلق بموقفه السلبى تجاه سبل التعامل مع خطر الإرهاب والتطرف، والذى يصل إلى حد غض الطرف عن ممارسات بعض الدول والكيانات الإقليمية التى تقدم دعمًا صريحا للتنظيمات الإرهابية سواء بالتمويل أو بالسلاح أو بالإيواء، أو بالدعاية والترويج الإعلامى.
وأعربت مصر عن بالغ انزعاجها إزاء عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبى لخطوات فعالة لمنع نشر أفكار التطرف التى تبثها قنوات تابعة لتنظيمات متطرفة أو إرهابية عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، كما أعربت مصر عن رفضها لتزايد حالات الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية فى أوروبا، مشددةً على ضرورة البعد عن سياسة غلق الحدود والتصدى للنزعات الحمائية، والتأكيد على المسئولية المشتركة فى تناول قضايا الهجرة، وتحقيق التوازن المنشود فى هذا الإطار بين البعدين التنموى والأمنى.
وأضاف أبو زيد، أن مصر انتقدت بشدة خلال الاجتماع موقف الاتحاد الأوروبى السلبى بالإصرار على إقرار برنامج التعاون فى إدارة الموارد المائية فى حوض النيل بالتعاون مع مبادرة حوض النيل رغم تجميد مصر لمشاركتها فى المبادرة، وهو الأمر الذى ترى مصر أن من شأنه أن يزيد من حالة الانقسام بين دول الحوض، بدلًا من تشجيعها على التوافق ورأب الصدع، فى مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولى والممارسات التى يلتزم بها الاتحاد الأوروبى نفسه فى تناوله لموضوعات التعاون فى أحواض الأنهار العابرة للحدود فى أوروبا وغيرها من المناطق على مستوى العالم.
وعلى الجانب الآخر، أكدت مصر حرصها على مد جسور الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، وتدشين مرحلة جديدة على مسار التعاون والتنسيق من خلال الحوار الصريح والبناء، وفى إطار من الاحترام المتبادل تحقيقا للمصالح المتبادلة، وإدراكا لأهمية العمل سويا من أجل تعزيز الأمن والاستقرار على جانبى المتوسط، ودرءا للأخطار المتصاعدة التى تحيق بنا جميعا، كما أعربت عن حرصها على تنفيذ برامج ومشروعات التعاون المشتركة مع الاتحاد الأوروبى بشكل يعود بالنفع والمصلحة المشتركة على الطرفين.
وتناول الاجتماع أيضا التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبى إزاء عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الوضع فى ليبيا والأزمة السورية وسبل إعادة إحياء عملية السلام، فضلًا عن الأزمة مع قطر، حيث ثمّن الاتحاد الأوروبى الدور المصرى الداعم للاستقرار والسلام فى المنطقة.
وقام وفد مصر بتسليم الوثيقة المرفقة إلى الجانب الأوروبى عقب الاجتماع ردا على البيان الأوروبى الذى تم تسليمه إلى مصر اليوم، والتى تتضمن رؤية مصر وتقييمها لمختلف جوانب علاقات مصر مع الاتحاد الأوروبى بمناسبة انعقاد مجلس المشاركة.