د. فتحى شمس الدين

ديسباسيتو والعصر الجديد للتسويق

الإثنين، 24 يوليو 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى عام 2012 ظهرت أغنية تسمى بـ"جانجام ستايل" وقد شاعت هذه الأغنية عالميا وحققت إيرادات هائلة خاصة على شبكة اليوتيوب، لتحقق ثراء كبيرا ليس لصاحبها فحسب، بل جلبت لكوريا الجنوبية إيرادات كبيرة وفائدة ترويجية لسياحتها، حيث حققت الأغنية 1.7 مليار دولار كأرباح من عرضها على يوتيوب فقط !!. واكتسبت شهرة عالمية لا نظير لها، وهذا يعود بشكل كبير إلى طبيعتها غير المألوفة، مما دفع النجاح الكبير للأغنية شبكة اليوتيوب إلى تطوير نظامها لحصر المشاهدات ، الذى كان يسمح بحد أقصى محتمل من المشاهدات يصل إلى مليارين و147 مليونا و483 ألفا و647 مشاهدة .

وقال مسئولو اليوتيوب: "لم نكن نتوقع مطلقا أن معدل مشاهدة لمقطع فيديو سيتجاوز 32 بيت (أى مليارين و147 مليونا و483 ألفا و647 مشاهدة)".

وفى يناير من العام الحالى طرحت الأغنية الإسبانية "ديسباسيتو" لتتحول لظاهرة جديدة فى عالم الموسيقى وتحقق مشاهدات قياسية بعد مشاهدة أكثر من ثلث سكان العالم لها بمشاهدات تجاوزت ال 2.7 مليار مشاهده. لتطيح بأغنية ـ"جانجام ستايل" من على عرش اليوتيوب.

و"ديسباسيتو" – لمن لا يعرفها بعد – هى أغنية باللغة الاسبانية, وتعنى "ببطء"، تم تصويرها فى عدّة مناطق من بورتوريكو, للفنان البورتوريكى "لويس فونسي" بالتعاون مع مغنى الراب البورتوريكى "دادى يانكي".

وحديثنا فى هذه المقالة ليس عن الأغنية أو طبيعة إنتاجها ولكن عن آثارها التى يجب أن نأخذها كمثال لنا فى مصر، وليدرك المسئولون أن هناك آلية جديدة للتسويق تسمى إدارة المحتوى عبر شبكات التواصل الاجتماعى والتسويق من خلالها، وإن كنت أكاد أجزم أن غالبية المسئولين عن تسويق مصر خارجيا وداخليا ليس لديهم حسابات عبر شبكات التواصل الاجتماعى ولا يعملون قوتها ولا كيفية توظيفها بالشكل الأمثل وبالطبع ليسوا من ال 2.7 مليار(حوالى ثلث سكان العالم) الذين استمعوا لديسباسيتو!!! .

قبل عدة أشهر أعلنتْ بورتوريكو إفلاسها بِدُيون وصلتْ إلى 70 مليار دولار! إلى أن حدثت المُعجزة التى غيّرت مجرى الأمور وأنقذت اقتصاد بورتوريكو … إنها "ديسباسيتو"!!.. لكن ما علاقةُ الأغنية باقتصاد بورتوريكو؟ ما حدَثَ هو أنّه بعد الشُّهرة الجنونية للأغنية بدأَ الناس من جميع أنحاء العالم بالتوجّه إلى بورتوريكو لزيارة الأماكن التى ظهرتْ فى “الفيديو كليب”, والتى كانت أغلبُها أحياء فقيرة ومهمّشة, فمنذ انطلاق هذه الأغنية إلى العالم ارتفع عدد السّياح بنسبة 45% وانتعشَ اقتصادُ البلاد مِن جديد.

وكشفت تقارير سياحية عالمية أن نسبة اهتمام السياح ببورتوريكو ازدادت بنسبة 45% منذ أن انتشرت الأغنية عالميا، وعزت تلك التقارير الفضل إلى المشاهد والمعالم السياحية الطبيعية المميزة التى ظهرت فى كليب الأغنية. ووفقا للتقارير فإن تركيز جولات منظمى الرحلات السياحية فى بورتوريكو شملت بعض المناطق والأماكن التى كانت بمثابة المسرح لإنتاج الفيديو كيلب.

شاركت المواقع الاجتماعية فى نسخ أغنية ديسباسيتو بأعداد لا نهاية لها، الأمر الذى ساهم أيضا فى انتشارها. ويذكر أن شركات الدعاية والإعلان تستثمر أكثر من 5 مليارات دولار سنويّا فى منشئى المحتوى على اليوتيوب عالميّا، ورغم أن معظم هذا المبلغ يذهب إلى حسابات تجارية، مثل حسابات المغنين، فإنّ بعض أصحاب القنوات يربحون مبالغ تتجاوز عشرة ملايين دولار من عائدات الإعلانات على قنواتهم، إضافة إلى صفقات الكتب، والفيديوهات المدفوعة، والظهور على شاشة التلفزيون.

وفى مصر بدأ نمط إعلامى جديد يستخدم عبر شبكات التواصل الاجتماعى ويعتمد على المؤثرين (Inflounseres) أو من يطلق عليهم أحيانا يوتيوبرز(YOUTUBERS) وهم الذين تتجاوز مشاهدات الفيديوهات الخاصة بهم الملايين, وهى الأعداد التى لم تستطع أى جهة قادرة مسئولة عن التسويق لمصر فى الوصول لهذا المعدل من المشاهدات, وتقوم شركة "فيس بوك الشرق الأوسط" بعمل لقاء سنوى لهؤلاء المؤثرين لدعمهم واستغلال شهرتهم فى الجوانب الدعائية وتقوم بإعطاء البعض منهم مبالغ ماليه تتجاوز 1000 دولار شهريا للاستمرار فى إنتاج المحتوى , هذا بالطبع بالإضافة إلى العوائد الكبيرة التى تعود عليهم من النشر عبر شبكة اليوتيوب .

 تغير طبيعة أنماط الترويح والتسويق فى العالم يجب أن يتبعها تغير فى طبيعة النمط المتبع فى مصر التى تعانى من أزمة سياحية حادة لا لشيء إلا لعدم التسويق الجيد لها, فكما انقرضت الديناصورات لعدم قدرتها على التكيف مع البيئة المحيطة لها ستنقرض مصر سياحيا لعدم قدرتها على فهم الطبيعة الجديدة فى التسويق واعتمادها على الآليات التقليدية الباليه التى عفى عليا الزمن فمن منا لم يرى عرض التنورة الذى يكون دائما فى استقبال السائحين منذ عشرات السنين!!

إن إدارة المحتوى عبر شبكات التواصل الاجتماعى والتسويق من خلالها يجب أن تهتم به الدولة المصرية بشدة فى الفترة القادمة وهو الأمر الذى ممكن تنفيذه بكل سهولة لوجود شباب على قدر كبير من التميز والقدرة , ولديهم الفهم بالآليات الرقمية الجديدة واستراتيجيات استخدامها, وهو الأمر الذى فى حال تنفيذه ستستفيد منه مصر بأشكال متعددة سواء على الجانب السياحى أو حتى على الجانب السياسى فى تحسين صورتها على الصعيد العالمى والذى تقوم جهات على قدر كبير من الاحترافية فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى لتشويه صورتها خارجيا -وبالمناسبة ناجحة بصورة كبيرة فى ذلك الأمر- إن لم تتكيف مصر مع الواقع الترويجى والتسويقى والدعائى الجديد ستنقرض سياحا بما يؤثر بشده على وضعها الاقتصادى و لك عزيزى القارى أن تقوم بعمل بحث عن معبد دابو الذى أهدته مصر لاسبانيا فى الستينيات لتعلم مقدار الملايين من الدولارات التى تجنيها اسبانيا سياحيا من معبدنا المصري, والذى يعد بمثابة نقطة فى بحر تراثنا الذى لا مثيل عالميا . لتتغير مصر يجب أن يتغير فكر المسئولين بها لتظل حقيقة لا مفر منها بقوة شبابها ستحيا مصر.. والتكامل الحقيقى بين الشباب والأجيال الأكبر سنا ضرورة لا مفر منها لتغير البيئة الاتصالية والتسويقية التى يعلم عنها الشباب الكثير, والتى بدونها من الممكن أن تختفى مصر سياحيا .

 







مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

مقال رائع جدا

أكون شاكرا لو ذكرت كلمات تلك الاغاني وكيفية الاتصال ب فيس بووك الشرق ..لدي أعمال سوف تحوز اعجابهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة