لم يكن المسرح ببعيد عن تناول الحدث الأهم فى حياة المصريين وهو ثورة 23 يوليو عام 1952 فقد قدم المسرح المصرى مجموعة من الأعمال بفضل كتاب كبار تناولوا الثورة ومبادئها وأهدافها وتكونت أول فرقة باسم فرقة المسرح الحر وقدمت مسرحية " الرضا السامي " وكانت هناك ارهاصات مسرحية أخرى عن الثورة.
لكن يكاد يكون الكاتب الكبير توفيق الحكيم هو أفضل من عبر عن ثورة يوليو فى كتاباته فقد قدم الكثير من الأعمال التى دافعت عن الثورة ومجدتها مثل مسرحيات " الصفقة " و" الأيدى الناعمة " كما أنه فى مرحلة أخرى انتقد الثورة فى مسرحية " السلطان الحائر " حينما طرح السؤال المهم : هل الحكم بالسيف أم بالقانون ؟ كما كتب فى مرحلة أخرى " بنك القلق " التى جمعت بين فنى المسرح والرواية وتناول فيها فكرة ضياع الحلم وتغيير مسار الثورة فى مرحلة النكسة .
كتاب واعمال ومسرحيات ثورة يوليو
ومن الكتاب أيضا الذين كان لهم إسهامات فى كتابة أعمال مسرحية عن ثورة يوليو، الكاتب الكبير نعمان عاشور فى مسرحيات : " الناس اللى تحت " و"الناس اللى فوق" و"الجيل الطالع " و"عيلة الدوغرى "، والذى اتجه فى أعماله نحو النقد الاجتماعى للظواهر الاجتماعية السلبية فى قالب كوميدى ساخر، كما كتب سعد الدين وهبة أعمالا مسرحية جسدت العديد من الواقع المصرى ومدى تأثيرها على الفقراء والبسطاء ومنها مسرحية "السبنسة- كبرى الناموس- كفرالبطيخ" وبعدها فى مرحلة أخرى انتقد سعد الدين وهبة الثورة فى "سكة السلامة" لسعد الدين وهبة و"يا سلام سلم الحيطة بتتكلم"، كما قدم على سالم مسرحيات " أنت اللى قتلت الوحش" و"عفاريت مصر الجديدة " و"عملية نوح " ، وكان أيضا الكاتب محمود دياب من الكتاب الذين تناولوا الثورة فى مسرحيات " أرض لا تنبت الزهور ".
وبعيدا عن المسرحيات التى تناولت الثورة، فقد شهد المسرح المصرى نهضة حقيقية، والسنوات التى أعقبت قيام الثورة من عام 1952 إلى عام 1967 تعد العصر الذهبى للمسرح المصرى والعربى على حد سواء وفى تلك الفترة تأسست العديد من الفرق المسرحية ولمعت عشرات الأسماء لكتاب ومخرجين وممثلين أفذاذ تركوا بصماتهم الواضحة فى تاريخ فن المسرح فى مصر أمثال عبد الرحمن الشرقاوى، ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور، وألفريد فرج، وكبار النقاد أمثال رجاء النقاش، ومحمد مندور، ولويس عوض وغيرهم.. ونجحت الثورة فى تفريخ كوكبة من كتاب المسرح المصرى الذين تأثروا إلى حد كبير بالمناخ الثورى الذى أشعلته الثورة، والذين كشفوا النقاب عن أوجاع الوطن من خلال مؤلفاتهم التى عبرت عن مدى تفاعلهم مع روح وأفكار ثورة يوليو، إلى جانب تأثرهم بالحركات المسرحية العالمية .
ومن مسرحيات تلك الفترة: "على جناح التبريزى وتابعة قفة"، و"سقوط فرعون" لألفريد فرج والأعمال المسرحية للأديب الراحل "يوسف إدريس" ومنها "المخططين" التى تناول فيها رؤيته للنظام السياسى، إلى جانب تألق العديد من الوجوه المسرحية البارزة فى تلك الحقبة مثل سعد أردش، وكرم مطاوع، كما تألق المسرح الشعرى على يد صلاح عبد الصبور، وعبد الرحمن الشرقاوى، ونجيب سرور وغيرهم .
مسرحية الناس اللي فوق من أعمال الكاتب الكبير نعمان عاشور
أما من حيث الفرق المسرحية، فقد كان هناك ثلاث فرق قبل الثورة، اثنتان تحت إشراف الحكومة هما : "الفرقة المصرية للتمثيل" وتقدم الهزليات والميلودراما والمسرحيات الشعرية، والفرقة الثانية "فرقة المسرح الحديث"؛ وكانت تسير على نفس النهج، وبعد الثورة ضُمت الفرقتان تحت اسم "المسرح المصرى الحديث" بإدارة يوسف وهبى حتى 1956.
ومن إنجازات الثورة فى المسرح أيضا ما سمى بمشروع مسرح التليفزيون الذى بدأ تأسيسه مع بدايات النهضة الثقافية بعد ثورة 23 يوليو ويعد الأب الروحى لمعظم الفرق المسرحية التى ساهمت فى خلق مناخ مسرحى غير مسبوق فى مصر بالإضافة إلى أن مسرح التلفزيون هو صاحب الفضل فى تقديم معظم النجوم الكبار من الرعيل الأول والثانى من ممثلين ومخرجين وكل العناصر الفنية التى قدمها مسرح التلفزيون للجمهور المصرى والعربى ومنهم على سبيل المثال لا الحصر عبد المنعم مدبولى وعبد المنعم ابراهيم وأبو بكر عزت ومحمد رضا ومحمد عوض وزوزو ماضى وفؤاد المهندس ونور الدمرداش، وكرم مطاوع وعبد الرحيم الزرقانى وسعد أردش .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة