أكرم القصاص

عندما نصنع «الأستيكة»

السبت، 22 يوليو 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان التصنيع فى مصر حلما بدأ مع قيام الرأسمالية المصرية الوليدة بعد ثورة 19، وكان حلم طلعت حرب هو تمصير الصناعة المصرية، وقامت مصانع الغزل والنسيج والجلود والكتان، وفى الستينيات كان التصنيع أحد أهداف الدولة، وقامت صناعات مختلفة، كانت فى بداياتها، ربما لم تكن بجودة عالية، لكنها كانت نواة لتصنيع واسع، بدأناه مع دول فى أوروبا وآسيا.
 
ما حدث عندنا أن الأمور أخذت مسارات أخرى، من السبعينيات حيث توقف تطوير الصناعات العامة، وأصبح الاستيراد هدفا أساسيا لكثيرين.
 
اليوم هناك محاولات لاستعادة الصناعة فى زمن المنافسة الكبرى، والتكنولوجيا أكثر تعقيدا.
 
وتكشف فواتير الاستيراد لدينا كيف أصبحنا نستورد حتى المنتجات البسيطة التى لا تحتاج إلى إمكانات عظمى فى التصنيع، لعل الإبرة خير مثال والأقلام والورق وحتى أربطة الحذاء، وهى منتجات يمكن أن تتيحها مشروعات صغيرة وتتوفر بالسوق المحلى، خاصة أن التطورات التكنولوجية والإلكترونية تتيح إمكانيات تصنيع أكثر دقة واتساعا.
 
نقول هذا بمناسبة ما أعلنه وزير الصناعة والتجارة المهندس طارق قابيل أن إحدى المجموعات الكبرى التجارية تتجه لإنشاء مشروع لإنتاج أقلام الرصاص والجاف و«الأستيكة»، باستثمارات 5 ملايين دولار، بالاشتراك مع عدد من الشركات العالمية فى دول آسيا وأوروبا.
 
بعض المعلقين على صفحات التواصل كالعادة تلبستهم حالة العمق السطحى، وشاركوا الخبر كنوع من السخرية، ولا يرى هؤلاء أهمية للاستثمار فى الأستيكة والقلم الرصاص والجاف، ولا يعرف هؤلاء أن هذه مجالات لم تكن مصر تستورد منها حتى السبعينيات من القرن العشرين أكثر من %10 من الاستهلاك، الآن انعكست الأية ونحت نستورد %85 من احتياجاتنا.
 
ربما لم يكن إنتاجنا من الأقلام الرصاص والأستيكة وقتها بكفاءة كبيرة لكنها كانت تؤدى الجزء الأكبر من الغرض. وكان من الممكن أن تتطور لتصبح منتجا منافسا، فى حالة دعمها وفتح أبواب الاستثمار فيها أو حتى تدعيم ما هو قائم بالخبرات والتكنولوجيا الجديدة.
 
ولا يعلم من يستبعدون الاستثمار فى «القلم والاستيكة» أننا نستورد أدوات مكتبية بأكثر 40 مليون دولار سنويا، وأن البدء فى تصنيع هذه المنتجات لا يوفر فقط هذه الملايين، لكنه يخلق فرص عمل وفرصا للتصدير إلى السوق الأفريقى والعربى.
 
والأستيكة هنا مجرد مثال والأدوات المكتبية أيضا، ومعها عشرات الصناعات التى كنا نتفوق فيها ونمتلك خبرات، لكن سنوات الاستيراد الواسع جعلت المستورد اهم من المنتج، ومنحت ميزات لمن يستوردون أكثر مما منحت للمنتج والصانع. ولهذا فلإن استعادة الصناعات التقليدية والبسيطة تبدا من إنتاج الأستيكة والقلم والورقة، وعندما نصنع الأستيكة يمكن أن نصنع ما هو أكبر وليس العكس.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة