فى روايتها عما دار بينها وبين الملك عبدالله الأول مؤسس الأردن وحاكمها الأول فى لقائهما السرى يوم 12 مايو من عام 1948، تذكر جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل «1969 - 1937» أن مرافقها «دانين» أحد خبراء الوكالة اليهودية فى الشؤون العربية حذره قائلا: «أنك تصلى فى الجامع «المسجد الأقصى»، وتسمح لرعاياك بتقبيل أطراف ردائك، وفى يوم من الأيام سوف يلحق بك أحد الأشرار ضررا، لقد آن الأوان أن تمنع هذه العادة ولو على سبيل السلامة، فرد عبدالله بجفاء: «لن أصبح أبدا سجينا لحراس، لقد ولدت بدويا، رجلا حرا، وسأبقى حرا، ودع أولئك الذين يريدون قتلى يفعلون ذلك، فلن أضع نفسى فى القيود».
كانت «مائير» وقتذ تشغل موقع رئيسة الدائرة السياسية بالوكالة اليهودية، وكان لقاء «12مايو» هو الثالث بينها وبين الملك، وتم حسب طلب مائير لسؤاله عن حقيقة انضمامه إلى الجيوش العربية التى ستقاتل العصابات الصهيونية «راجع مذكرات جولدا مائير» ترجمة: عزيز عزمى «دار التعاون- القاهرة».
وفى يوم 20 يوليو «مثل هذا اليوم» عام 1951 توجه الملك كعادته إلى المسجد الأقصى للصلاة، و«بينما كان يدخل المسجد من باب فيصل انطلقت رصاصة تسببت فى جرح مستدير فى أعلى عظم الوجه الأيمن فحدث نزيف داخلى أدى إلى وفاته» «برنامج «الجريمة السياسية»، اغتيال الملك عبدالله - فضائية الجزيرة».
كان الشيخ عبدالحميد السائح وزير الأوقاف فى الأردن ورئيس المجلس الوطنى الفلسطينى «1984 - 1996» أحد المرافقين للملك، ويروى فى مذكراته «لا صلاة تحت الحراب» «مؤسسة الدراسات الفلسطينية»، أن الملك سأله قبل أن يهم بدخول المسجد للصلاة: «إذا كان يجوز أن يصلى منتعلا حذاءه» صلاة الجمعة، وكان يلبس بطا خفيفا، فأجابه الشيخ السائح: «لا مانع»، فتقدم الملك على حراسه الذين انشغلوا بخلع أحذيتهم، مما سهل الفرصة للقاتل لإطلاق رصاصه على الملك، وكان الأمير حسين حفيد عبدالله، وملك الأردن فيما مرافقا لجده وقت الحدث.
كان القاتل هو «مصطفى عشو» فلسطينى الجنسية ويعمل خياطا فى القدس و«له صلة بشخص من أنصار الحاج أمين الحسينى مفتى القدس يدعى عابد عكة «حسبما يؤكد» شاهين أبوالعز، موقع فلسطين، السفير اللبنانية»، وأطلق حراس الملك النار عليه فأردوه قتيلا مع سره، مما أدى إلى تشعب الاجتهادات حول الجهة المسؤولة عن الجريمة، ووفقا لقراءة الدكتور محمد الأرناؤوط للأعمال الكاملة للمؤرخ الأردنى سليمان الموسى الصادرة عن «دار ورد - وزارة الثقافة - عمان 2016»، فإن إحدى هذه الاجتهادات اتهمت مصر بتورطها فى الحادث، مستندة إلى «أن المسدس الذى استخدم فى الاغتيال كان مفتاحا للكشف عن شركاء القاتل، حيث اعترفوا أن الدكتور موسى الحسينى، قريب الحاج أمين الحسينى الذى كان يرافقه فى ألمانيا هو الذى دفعهم إلى ذلك، وخلال التحقيق معه اعترف أن الضابط الأردنى المعارض المقيم فى القاهرة عبدالله التل كان مشاركا فى الإعداد لاغتيال الملك، مما وسع دائرة الاتهام باتجاه الحاج أمين الحسينى وعبدالله التل الذى كانت الصحافة المصرية تستفيد مما لديه لتشن حملات عنيفة ضد الملك «راجع جريدة المستقبل - بيروت - 20 سبتمبر 2016».
أما الاجتهاد الآخر الذى يرجحه «الموسى» فينطلق من أن الوثائق البريطانية تحتوى على ما يثير الاستغراب «لكون مكتب الشرق الأوسط البريطانى فى القاهرة وضع تقريرا من سبع صفحات، بعنوان «ردود الفعل المحتملة فى الشرق الأوسط فى حالة وفاة الملك عبدالله»، وأرسله إلى السفارة البريطانية فى عمان يوم 11 يوليو 1951، أى قبل اغتيال الملك بتسعة أيام فقط»، ويستكمل «الموسى» بأن هذه الوثائق تكشف أيضا»تقرير للسفير البريطانى فى عمان إلى حكومته يوم 17 سبتمبر 1951 ينتهى فيه إلى التشكيك بمسؤولية الحاج أمين الحسينى عن الاغتيال أو اختيار قريبه موسى الحسينى «الذى كان على شىء من البلادة»، ويشير «الموسى» إلى دور محتمل لزوجة موسى الحسينى النمساوية التى كانت لها ارتباطات مع دوائر الاستخبارات منذ أيام الحرب العالمية الثانية»، وينتهى «الموسى» إلى القول: «على الرغم من الزلزال الذى أحدثه اغتيال الملك عبدالله، الذى لا تزال الجهة التى خططت له غامضة إلا أنه لم ينتج عنه أى تعديل أو تبديل فى مجرى السياسة العامة فى بلاد العرب عموما أو فى الأردن خصوصا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة