أكرم القصاص - علا الشافعي

جمال أسعد

الإرهاب والأنشطة الكنسية

الثلاثاء، 18 يوليو 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الظاهرة الإرهابية فى مصر ومنذ سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن، وهى تتخذ من الأساليب والطرق والآليات المتطورة، وتستفيد من حالة التطور التقنى والتكنولوجى واللوجستى، حتى أصبحت ظاهرة عالمية الآن، ولم تستثن أحداً من دول العالم، وتستهدف المصريين المسيحيين فى عملياتهم الإرهابية،  باعتبار أنهم الحلقة الأضعف والصورة المثلى، التى تحدث صدى إعلاميا محليا وعالميا، الشىء الذى يحرج النظام السياسى ويحدث خلخلة فى التوحد الوطنى يمكن استغلاله، ودائما تستخدم كورقة لإثارة المناخ الطائفى، الذى دائماً ما يعتمد عليه كل أعداء الوطن فى الداخل والخارج، الذين يريدون هدم الدولة، لذا وجدنا تلك العمليات الإرهابية ضد الأقباط وكنائسهم طوال السبعينيات والثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، ثم كان تهديد تنظيم القاعدة بالعراق للكنيسة المصرية وللأقباط، حول ما يسمى بالمتأسلمات، ذلك التهديد الذى نفذ فى عملية كنيسة القديسين فى الإسكندرية ليلة 31/12/2010. 
 
وبعد تنظيم القاعدة، جاء داعش الذى يتبنى العمليات الإرهابية على المستوى العربى والعالمى ليتخذ من الأقباط أيضا هدفا دائما لعملياته الإرهابية وعلى نفس الأرضية ولذات الأسباب، إضافة إلى اصطفاف الأقباط فى 30 يونيو 2013 مع المصريين فى إسقاط نظام الإخوان ومشاركة البابا فى اجتماع 3 يوليو 2013، حيث أعتبرت هذه التنظيمات أقباط مصر وكنائسهم هدفا موازيا للعمليات الإرهابية لمحاولة إسقاط النظام، بل إسقاط الدولة، وكانت عملية الكنيسة البطرسية ثم تبعها عملية طنطا وعملية الإسكندرية التى كانت تستهدف البابا شخصيا حتى عملية رحلة الأقباط إلى دير الأنبا صموئيل فى مغاغة المنيا، وبعد عملية المنيا مباشرة وفى تصريحات إعلامية، قُلنا وقتها كيف لا يكون هناك خطط أمنية تواجه تلك التهديدات الصادرة دوريا من داعش، التى تهدد بعمليات إرهابية ضد الأقباط فى كل مكان، حيث كان يجب أن يكون هناك حماية أمنية ترافق هذه الرحلات، كما قُلنا إن هذه الحماية يمكن أن تكون هدفاً مع الرحلة ذاتها، ولذلك نبهنا بأنه يجب أن تلغى هذه الرحلات نظراً للحالة الأمنية ومواجهة لهذه التهديدات، والأحداث تتوالى والعمليات الإرهابية تتراكم والتهديدات مستمرة، لذا كان من الطبيعى أن تكون هناك رؤية ثابتة راصدة ومحللة للوضع وللواقع من ناحية الكنائس، ولم نجد ذلك، ولذلك كان من الطبيعى أن يكون هناك تحذيرات أمنية لمواجهة هذه التهديدات فاستجابت الكنائس، وتم إلغاء اللقاءات الجماعية ووقف الرحلات الدينية والأنشطة الكنسية، لحين استجلاء الأمر وتغيير الظروف، فكانت هذه التحذيرات وتلك القرارات مطلوبة وواجبة نتيجة لهذه التهديدات المتحدية، التى تنفذ على أرض الواقع وحفاظاً على أرواح المصريين التى تذهق دماؤهم.
 
الغريب والمريب فى الأمر، وبالرغم من ضرورة اتخاذ هذه القرارات الواجبة لصالح المصريين المسيحيين ولصالح الوطن كله، وحتى لا نعطى الفرصة كاملة لهذه التنظيمات الإرهابية أن تفعل ما تريد وبالطريقة التى تريدها، حيث إن هذا الإرهاب وتلك الحرب ليست حربا نظامية، ولكنها تأخذ أشكالا عدة من الصعب مواجهتها بصورة كاملة متكاملة مع ما نراه بعمليات إرهابية فى كل دول العالم وبأساليب متعددة ومتغيرة. وبالرغم من ذلك وجدنا بعض الشباب القبطى الذى يتخذ من وسائل التواصل الاجتماعى طريقا وأسلوبا خاطئا وسيئا لممارسات لا علاقة لها بفكر أو رأى أو رؤية بل هو طريق لإثبات الذات، التى ترى نفسها ولا تجد دوراً لها، فوجدنا هؤلاء يشعلون حرباً ضد هذه القرارات، وكأنها نوع من الاضطهاد ضد المسيحيين ونوع من منع الأقباط عن ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم الكنسية، وهذا بالطبع ادعاء كاذب وخلط مريب للأوراق واستغلال الظروف للتنفيس عن مشاكل تشعره بالمظلومية ونوع من رفض النظام بصورة مقنعة، فلا علاقة بالقرارات الخاصة بالتجمعات والرحلات والأنشطة بما يدعونه على الإطلاق، فالكنائس مفتوحة ومتاحة لمن يريد الصلاة وممارسة العقيدة، ولكن بصورة فردية أو أسرية وهذا غير الأنشطة والرحلات التى لا علاقة لها بالمسيحية ولا بالعقيدة ولا بممارسة الطقوس الدينية، فالكنيسة دورها الأساسى والأهم هو الدور الروحى والدينى والكنسى، فلا علاقة للأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية بالعقيدة المسيحية، ما علاقة هذه الرحلات إلى الأديرة بطول البلاد وعرضها طوال العام، التى غالبا تتم من باب الترفيه وقضاء الوقت فى الأديرة، التى يجب أن تكون مكانا للعبادة والبعد عن العالم للرهبان، الذين ماتوا عن العالم فنرى العالم يذهب إليهم فى أديرتهم؟ وإن كان الذهاب للصلاة والتبارك فيمكن التعويض عنه خلال هذه الفترة الصعبة بالصلاة والتبارك فى الكنائس داخل المدن، وما علاقة المسيحية وطقوسها بالرحلات إلى شرم الشيخ والغردقة وغيرها للمصيفين؟ هذه الرحلات وتلك الأنشطة جاءت وتراكمت وتكاثرت بما يمثل خطورة على التوحد الوطنى الحقيقى للمصريين، فهذه الأنشطة وتلك الممارسات المغلقة على المسيحيين فقط تكرس وتؤسس لعزلة طائفية ثم فرز طائفى يفرز بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى، مما يجعل الكنيسة بهذه الممارسات فى ذهن القبطى وبطريقة غير مباشرة وغير واعية، بديلاً للوطن والدولة، الشىء الذى يؤسس لدولة دينية، ويتناقض مع الدولة المدنية التى نطالب بها نظرياً ونناقضها عمليا، ولنتعلم من درس الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية، الذين انعزلوا بشبابهم بنفس ذات الأنشطة، فأصبحوا غير منتمين للوطن بل لجماعتهم.
 
اذهبوا إلى الكنائس حتى ولو استشهدتوا فأنتم شهداء الدين، ولكن لا يجب أن يكون هناك شهداء الرحلات أو الأنشطة، التى يجب أن تمارس مع كل المصريين فى مؤسسات الدولة، حتى نؤسس لتوافق وطنى وأرضية ثقافية، وتعامل اجتماعى نتفق عليه كمصريين، ونعمل بصدق وبحق على أن تكون مصر لكل المصريين المحبين لها والمنتمين إليها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة