أكرم القصاص

النحاس والملك وعبدالناصر.. انحيازات السياسة تفسد التاريخ

الأحد، 04 يونيو 2017 07:16 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع كل عمل درامى، مثل الجماعة، يعود الجدل والمبارزة حول التاريخ والوقائع التاريخية، وقد أعاد وحيد حامد فى مسلسل «الجماعة 2» الاختلاف الكبير فى روايات التاريخ حول علاقات الوفد والقصر والإخوان. غضب بعض الوفديين من مشهد طلب فيه النحاس تقبيل يد الملك، وهى ضمن رواية الوفد حول وقائع ثابتة، لكن تفسيراتها مختلفة. مثلا صدام الوفد والقصر عام 1942، خصوم الوفد يروون أن النحاس باشا عاد إلى رئاسة الحكومة على الدبابات البريطانية، بينما يدفع الوفديون أن العودة كانت بسبب شعبية الوفد. نفس الأمر يمكن التقاطه مع حدث توقيع الوفد لمعاهدة 1936 مع الاحتلال، ثم إلغائها عام 1951. والخلاف حول شخصية النحاس باشا كسياسى، ومدى تحولاته ومواقفه قبل وبعد حادث 1942، وانشقاقات قيادات مثل مكرم عبيد.
 
هناك أيضاً تعدد الروايات حول حريق القاهرة 26 يناير 1952، ومن هى الجهة التى اشعلت الحريق، هل هم الإخوان أم الملك أم الإنجليز، أو حتى القوى السياسية المعارضة؟
 
هى أحداث ليست فيها نتائج نهائية، أو اتهام محدد، لكن أغلب الشهادات والروايات تحمل صبغات سياسية وانحيازات من كل تيار لنفسه وضد خصومه. الجدل يأتى عندما تستند الدراما لروايات سياسية وليس لمؤرخين، يقدمون وجهات نظر مختلفة، ويحللون سعياً إلى تصور وليس لأحكام. وكل هذا يستلزم حياداً وموضوعية، لا تتوافر حال وجود الانحيازات السياسية.
 
نفس الأمر فى وقائع علاقة الضباط الأحرار بتنظيم الإخوان، خاصة جمال عبدالناصر، هناك شهادات سجلها الضباط الأحرار، مثل عبداللطيف البغدادى، وخالد محيى الدين، وأنور السادات، وجمال حماد وغيرهم، وأيضاً محمد نجيب، بعضها سجلها أصحابها بأنفسهم والآخر شهادت أدلى بها أصحابها فى مناسبات مختلفة. ولم تخل الشهادات من انحياز للعلاقة التى حكمت كلا من أعضاء الضباط الأحرار بعبدالناصر، ولم تخل بعض الشهادات من مرارة وشعور بالظلم، حسب القرب والبعد من السلطة، وبعض الشهادات لم تخل من تناقضات، وهذه الشهادت، تمثل مادة خام، وليست شهادات نهائية.
 
لهذا فإن ما يرد حول علاقة عبدالناصر بالإخوان، وسيد قطب، قبل وبعد يوليو 1952، تستند لروايات أو شهادات بعضها فردى والآخر متواتر. لكن السياق العام فى المسلسل، يوضح براجماتية الإخوان، ووقوفهم على الحياد حتى بعد نجاح الثورة، ومحاولة فرض وجهة نظرهم، ودعوتهم إلى حل الأحزاب، وضرب القوى السياسية، وما انتهى إلى صدام نهائى، وقطيعة، فضلا عن شعورهم بالقوة، وأنهم الأقوى والأحق.
 
بالطبع فإن ما يقدمه وحيد حامد، يمثل وجهة نظر، وليس تاريخاً، لكن الواقع أيضاً أن أغلب ما يطرح من شهادت وأحكام سياسية، يقوم على شهادات فردية وانحيازات، صحيح أن كل عمل درامى، يثير جدلاً، لكنه لايصل أبداً إلى حوار واسع، يمكن أن يفيد فى الوعى، لكنه يتوقف غالباً عند التشجيع، ويتعامل مع السياسة من باب الأبيض والأسود، بينما عالم السياسة متعدد الألوان والوجوه، أن انحيازات السياسة تفسد التاريخ.
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة