يومًا بعد يوم، تضطر كبرى وسائل الإعلام العالمية إلى التفكير فى سبل جديدة ومبتكرة لخفض التكاليف، فى إطار التحديات التى تواجه الصحافة المطبوعة بعد تراجع عائدات الإعلانات فى مختلف أنحاء العالم لصالح الصحافة الرقمية.
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تتجه لتخفيض انتاج طبعتها الورقية خارج الولايات المتحدة، فى الوقت الذى تراجع فيه عملياتها الدولية وتكثف التركيز على الاشتراكات الرقمية.
المطبوع مقابل الإلكترونى
ووفقا لمصدرين مطلعين على خطط تقليص الإنتاج، لن تتاح النسخة المطبوعة الخاصة بالأعمال والاقتصاد والتى تملكها شركة روبرت مردوخ الإخبارية فى أوروبا، كما سيتم إلغاء النسخ المجانية إلى الفنادق، تلك النسخ التى تشتريها الفنادق بأسعار مخفضة.
ومع ذلك، لا تزال تناقش الشركة التى تمتلك الصحيفة إمكانية الاستمرار فى إرسال النسخة المطبوعة للمشتركين الذين يريدون قراءة الجريدة الورقية. وأوضحت "فايننشال تايمز" أن وول ستريت تتبنى نهجا مماثلا فى آسيا وتتفاوض مع شريك لها حول مشروع مشترك للطباعة من شأنه أن يتيح الاستمرار فى التوزيع فى سوق كبيرة واحدة هناك، وذلك بحسب أشخاص مطلعين على المناقشات.
الصحف المطبوعة
وقالت الشركة فى بيان لها "ندرس بشكل مستمر التوازن بين المطبوع والرقمى فى وقت نرى فيه نمو حاد فى طلب العملاء للصحافة الرقمية. وخلال العام الماضى، تضاعفت الاشتراكات الرقمية لصحيفة وول ستريت جورنال فى آسيا، ونمت بنسبة 48 % فى أوروبا".
وأضافت "فايننشال تايمز" أن الشركة المالكة لصحيفة "وول ستريت جورنال" تبتعد عن استراتيجية الطباعة "القارية" –داخل قارة بعينها- وتركز أكثر على الطباعة بما يناسب كل دولة داخل القارة وحجم الإقبال عليها. وتأتى هذه الخطوة وسط تحول صناعى أوسع نطاقا بعيدا عن المطبوع، حيث عانت الإيرادات من انخفاض حاد فى الإعلانات.
وانخفضت مبيعات الإعلانات فى الصحف المطبوعة أكثر من 20 % فى عام 2016 في أغلب الصحف الكبرى ولم تعود إلى سابق عهدها، فى الوقت الذى تشهد فيه الاشتراكات الرقمية زيادة مستمرة، فمثلا ارتفعت نسبة الاشتراكات فى وول ستريت جورنال إلى 118000 اشتراك فى الربع الأول من عام 2017 بالمقارنة بنفس الفترة فى 2016.
أما صحيفة "نيويورك تايمز" فارتفعت اشتراكاتها الرقمية إلى 308 ألف اشتراك فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجارى وهو أقوى نمو في أي ربع سنوى منذ عام 2011.
وأكدت فايننشال تايمز أن جميع الصحف تتصارع مع كيفية استيعاب الانكماش في الإعلانات المطبوعة.
الإعلام الرقمى
نيويورك تايمز
وكانت إدارة صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تبنت خطة لتخفيض التكاليف كذلك تعتمد على شراء الموظفين العاملين بها لأسهم من الجريدة، وأكدت فى بريد إلكترونى داخلى للموظفين أن الصحفيين من الممكن أن يتعرضوا للتسريح الإجبارى فى حال عدم وجود عدد كافٍ من مشترى الأسهم.
كما ألغت "نيويورك تايمز" أيضًا منصب المحرر العام، المعروف عالميًا بـ"أمين عام المظالم"، والذى يشكل لجنة حكم بين القراء والمحررين حال حدوث مشكلات، مشيرة إلى أن الصحيفة ستعتمد أكثر على تعليقات القراء.
وكان من بين الوظائف المخطط تقليصها، وظيفة الديسك مان أو المحررين الذين يراجعون المحتوى قبل النشر وهو ما استقطب غضب هؤلاء المحررين الذين كتبوا رسالة إلى إدارة الجريدة، قالوا فيها إنهم "جهاز المناعة" بالنسبة لأى صحيفة وإنهم المجموعة التي تحمي المؤسسة من أخطاء محرجة للغاية، بحسب "فايننشال تايمز".
الصحافة الرقمية
تراجع الصحافة المطبوعة فى بريطانيا كذلك
وصحيفتا وول ستريت ونيويورك تايمز الأمريكيتين ليسا وحدهما اللتين تعانين من تراجع الإعلانات المطبوعة، فصحف مثل الجارديان والإندبندنت البريطانيتين تواجهان مشكلات تتعلق بالنسخ المطبوعة. فبعد عام من إعلان صحيفة "الإندبندنت" البريطانية المرموقة وقف نسختها المطبوعة بعد 30 عامًا من بدء إصدارها، أعلنت مجموعة "جادريان" الإعلامية ، أن صحيفة الجارديان وشقيقتها "الأوبزرفر" التى تصدر كل أسبوع يوم الأحد ستتحولان إلى صحف بحجم أصغر "تابلويد".
وأعلن مالك الصحيفة أنها ستتحول فى مستهل عام 2018 إلى حجم أصغر (تابلويد)، بعد قرار إسناد طبعها مع صحيفة أخرى معروفة إلى جهة ثانية لخفض التكلفة.
الصحف المطبوعة والرقمية
وأعلنت المجموعة الناشرة (جارديان ميديا جروب)، أنها وافقت على إبرام عقد مع شركة (ترينيتى ميرور) لتتولى طباعة صحيفتى الجارديان وذى أوبزرفر الأسبوعية فى مطلع 2018 مع تحول الصحيفتين إلى حجم التابلويد اعتبارًا من ذلك الحين.
وقالت جارديان ميديا إن هذه الخطوة "ستسهم بشكل ملحوظ" فى تحقيق أهدافها المالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة