أكرم القصاص - علا الشافعي

وائل السمرى

الفكهانى وبتاع الفاكهة

الثلاثاء، 13 يونيو 2017 07:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تحسب أننى قصدت بعنوان هذا المقال شخصا واحدا، فالفكهانى شخص، و«بتاع الفاكهة» شخص آخر، الفرق بينهما شاسع ومهول، فرق كبير بين رجل يحب عمله، ورجل من الممكن أن يتحول إلى «بتاع» أى شىء آخر، الفكهانى يستقبلك فى محله بابتسامة وترحاب، يجذبك إلى عربته بصوته الشجى وأفكاره الاستعراضية المختلفة، أما بتاع الفاكهة فتكاد تأنف من المرور أمامه.
الفكهانى يعرف أنه يتاجر فى سلعة جميلة، يحب الثمرة التى يشتريها، والرجل الذى اشتراها منه، والأرض التى أخرجتها، والرجل الذى سيشتريها منه، بتاع الفاكهة يريد أن يتخلص من بضاعته، فيمنحك إياها وكأنها مصحوبة باللعنات ويضعها فى «شنطة» ضيقة سرعان ما تتقطع وتنهمر الثمار على الأرض، الفكهانى يحب ثماره حتى وهو يودعها، فيضعها فى شنطة داخل شنطة، وإن اشتريت منه أكثر من نوع يضعهم فى النهاية فى شنطة كبيرة لييسر عليك حملها، بتاع الفاكهة لا يحب سوى النقود التى سيحصل عليها من عملية بيع الثمار، الفكهانى يحمل «رسالة» يريد توصيل «الفاكهة» إلى كل العالم، رسالته ملونة، حمراء بلون الفراولة، بيضاء بلون الجوافة، صفراء بلون المانجة، برتقالية بلون البرتقال واليوسفى، على كل لون تجدها، وفى كل موسم تغير من سمتها، أما بتاع الفاكهة فصاحب «مصلحة».. تسألنى وكيف تعرف الفرق بينهما؟ فأقول لك: هذا هو المعيار.
كل المهن تؤثر فى أصحابها، وفى المثل «من جاور الحداد ينكوى بناره» الإعلامى يميل دائما إلى المعرفة، يتملكه حب الاستطلاع يدفعه الفضول إلى التدخل فيما يعنيه وفيما لا يعنيه، السياسى يغرم بحب القيادة والتأثير، يميل إلى الاستحواذ على منصة الحديث حتى لو كانت تلك المنصة فى سيارة أجرة، ويتوغل تأثير المهنة فى الكثيرين حتى تصبح المهنة «منظور حياة»، ولهذا فإن الفكهانى الذى لا يشبه الفاكهة لا يعد فكهانيا على الإطلاق، وقد حفظت لنا بعض الكتب ما يميز هذا الرجل من سمات جمالية فذة، فهو معلم «محمد القصبجى» وهو معلم «سيد درويش» وهو الذى كان يصيغ بفطرته الناصعة أعذب الألحان وأشدها تأثيرا فى قلوب الناس، فتتحول الفاكهة فى شرعه إلى نغمات فى سلم موسيقى باهر الألوان، وهو صاحب الرسالة الجمالية الشائعة فى شوارعنا، فإن رأيت «الفكهانى» فاشتر منه وشجعه على الاستمرار فى رسالته الجمالية، ولقد هلكنا يوم أن أهملنا التفاصيل الدقيقة، فماتت العلاقة بيننا والحياة، وأصبح «البتاع» هو العملة الرسمية والناطق باسمنا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة