وفاء عبدالسلام

دورة رمضانية…… «الألفة»

الإثنين، 12 يونيو 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن نجتمع، أن نتحابب، أن نتوادد، أن يكون بعضنا دعمًا لبعض، أن نكون كالبنيان المرصوص، أن نكون كالصف الواحد، أن نكون كتلة واحدة فهذا هو التآلف سبب القوَّة، والقوَّة سبب التَّقوى، والتَّقوى حصنٌ منيع وركن شديد، بها يُمْنَع الضَّيم، وتُنَال الرَّغائب، وتنجع المقاصد. 
 
قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} 
قال العلماء «قول الله عز وجل: وَلاَ تَفَرَّقُواْ 
به حث على الأُلْفَة والاجتماع، الذى هو نظام الإيمان واستقامة أمور العالم»
فإذا لم يكن هناك إيمانٌ يجمعنا، ما لم يكن هناك منهجٌ يجمعنا، ما لم يكن هناك كتاب يجمعنا، ما لم تكن هناك سنةٌ تجمعنا، ما لم يكن هناك هدف يجمعنا، ما لم تكن وسائل لهذا الهدف تجمعنا، إذًا فلن نجتمع، فالدنيا تفرق والدين يجمع، والمال يفرق والحق يجمع، والمعصية تفرق والطاعة تجمع، فعلينا أن نتمسك بالدين والحق والطاعة.. 
 
ولن نكون كتلةً واحدة، ولن نكون صفًا واحدًا، ولن نكون يدًا واحدةً على أعدائنا، إلاّ إذا أخذنا بقوله سبحانه وتعالى: 
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}
ولو أنفقت ما فى الأرض جميعًا، ما ألفت بين قلوبهم، لو أنفقت المال جزافًا، لو أعطيت مساعدات، لو أعطيت بيوتًا للناس مجانًا، ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم، لأنه لا يقدر على تقليب القلوب إلَّا الله تعالى
إذًا فتأليف القلوب شىءٌ يخلقه الله فى القلوب، الذى يجمعنا هو دين الله
ولعل للأنصار رضى الله عنهم موقفا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الأمر، حينما وزع النبى عليه الصلاة والسلام الغنائم فى معركة حنين، لم يعطهم لثقته أنهم مؤمنون، فألَّف بهذه الغنائم قلوبَ أناس ضعاف، فجاءه زعيم الأنصار سيدنا سعد بن عبادة وقال له: يا رسول الله إن قومى وجدوا عليك فى أنفسهم، فى شأن هذا الفىء، الذى وزعته بين أناس كثيرين، ولم تعطِ منه الأنصار، فقال: يا سعد أين أنت من قومك؟ فقال سيدنا سعد: ما أنا إلا من قومى، أنا واحد منهم، أى متألم مثلهم، فقال: اجمع لى قومك، فجمع سعد قومه الأنصار إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وعندئذٍ وقف النبى صلى الله عليه وسلم وقال: يا معشر الأنصار مقالةٌ بلغتنى عنكم، وجدةٌ وجدتموها عليّ فى أنفسكم، من أجل لعاعة تألفت بها قومًا ليسلموا، ووكلتكم لإسلامكم، يا معشر الأنصار – الآن دققوا، فالنبى صلى الله عليه وسلم حينما انتقده الأنصار كان فى أعلى درجات قوته، فَتَحَ مكة، وانتهت معركة حنين وانتصر عليهم، وصار الجيش، الذى تحت إمرته أقوى قوةٍ ضاربةٍ فى الجزيرة، والنبى زعيم هذه الأمة، ونبيها، ورسولها، وقائدها، وفئةٌ من الأنصار غمزت، وانتقدت، وقالت: يعنى نحن أَوْلى، لم نأخذ شيئًا – فقال صلى الله عليه وسلم: 
 
««يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضُلَّالًّا فهداكم الله بى، وكنتم متفرِّقين فألَّفكم الله بى، وعالة فأغناكم الله بى؟ كلَّما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ. قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا: الله ورسوله أَمَنُّ. قال: لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا، أترضون أن يذهب النَّاس بالشَّاة والبعير، وتذهبون بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءًا مِن الأنصار، ولو سلك النَّاس واديًا وشعبًا لسلكت وادى الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والنَّاس دثار، إنَّكم ستَلْقَون بعدى أَثَرَة فاصبروا حتى تلقونى على الحوض»..
وهذا مِن أكبر نعم الله فى بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ألَّف الله به بين قوم قويت بينهم العصبيَّات، وينبغى أن يكون شأن المسلم هكذا يؤلِّف بين المتفرِّقين ويأتلف حوله المحبون.. 
 
ولقد قال صلى الله عليه وسلم: ««المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف»..
وقيل المؤمن يأْلَف لحسن أخلاقه وسهولة طباعه 
ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف لضعف إيمانه، وعُسْر أخلاقه، وسوء طباعه.
 
اللهم اجعلنا نخرج من هذه الدورة الرمضانية وقد
عرفنا كيف نتآلف ونكون على قلب رجل واحد
اللهم وحد صفوف المسلمين واجمع كلمتهم على الحق وألف بين قلوبهم واهدهم سبل السلام وانصرهم على من عادهم وأعلِ بهم راية الدين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة