تكشف هواتفنا الذكية الكثير عنا، أين نعيش ونعمل وعاداتنا الشخصية؛ وعائلتنا وأصدقاؤنا ومعارفنا، وكيف حتى نتواصل معهم؛ مع كل المعلومات المخزنة عليها، فإنه ليس من الغريب أن يحاول مستخدمو الهواتف الذكية اتخاذ خطوات لحماية خصوصياتهم، مثل استخدام أرقام التعريف الشخصى أو رموز المرور لفتح هواتفهم، لكن قد يكون كل هذا غير كاف، فالتطبيقات التى يحملها المستخدمون على هواتفهم قد تكون سببا فى التجسس عليهم والكشف عن بياناتهم الشخصية لجهات أخرى.
وسلط الموقع الإلكترونى لصحيفة "ديلى ميل" البريطانية الضوء على دراسة جديدة أجريت لمعرفة خطورة تطبيقات الهواتف الذكية، والتى كشفت أن 70 فى المئة من تطبيقات الهواتف الذكية ترسل البيانات الشخصية لشركات التحليلات مثل Google Analytics وFacebook Graph API و Crashlytics
فوفقا للدراسة عندما يقوم الأشخاص بتثبيت تطبيق أندرويد أو ios جديد، يطلب إذن المستخدم قبل الوصول إلى المعلومات الشخصية، وهو أمر ليس خطيرا فى كل الأحيان، فبعض المعلومات التى تجمعها التطبيقات ضرورية بالنسبة لهم للعمل بشكل صحيح مثل تطبيقات الخرائط على سبيل المثال، ولكن بمجرد أن يكون التطبيق لديه إذن لجمع تلك المعلومات، فإن مطور التطبيق يملك الصلاحية لمشاركة البيانات الخاصة بك مع أى شخص يريده، بالإضافة إلى السماح للشركات بتتبع مكانك، ومعرفة مدى سرعة تحركاتك وما تفعله.
ولا يجمع التطبيق البيانات لاستخدامها على الهاتف نفسه فقط، فتطبيقات رسم الخرائط، على سبيل المثال، ترسل موقعك إلى خادم تشغيل من قبل مطور التطبيق لحساب الاتجاهات إلى الوجهة المطلوبة، كما يمكنه إرسال البيانات فى مكان آخر، أيضا.
كما أن هناك ما يسمى مكتبات الطرف الثالث، والتى تساعد المطورين على تتبع تفاعل المستخدمين، والتواصل مع وسائل التواصل الاجتماعى وكسب المال عن طريق عرض الإعلانات وغيرها من الميزات، فعلى سبيل المثال، قد يعطى الشخص إذنا واحدا للتطبيق لمعرفة موقعه، وتطبيق آخر للوصول إلى جهات اتصاله، ورغم أنها أذونات منفصلة فى البداية، واحد لكل التطبيق، ولكن إذا كان كل تطبيق يستخدم نفس مكتبة الطرف الثالث ويشارك معلومات مختلفة، يمكن للمطور ربط هذه المعلومات معا.
ولن يعرف المستخدمون أبدا، لأن التطبيقات غير مجبرة لإخبار المستخدمين بمكتبات البرامج التى يستخدمونها، فهناك فقط عدد قليل جدا من التطبيقات التى تجعل المستخدمين على علم بسياساتها الخاصة، وإذا فعلوا ذلك، وعادة ما تكون فى شكل وثائق قانونية طويلة لن يقرأها شخص عادى.
وللحصول على رؤية عن البيانات التى يتم جمعها ونقلها من الهواتف الذكية، طور الباحثون تطبيقا مجانيا على هواتف اندرويد، اطلقوا عليه اسم Lumen Privacy Monitor والذى يحلل "ترافيك" التطبيقات، للإبلاغ عن التطبيقات والخدمات التى تجمع البيانات الشخصية بنشاط، كما يعطى المستخدم القدرة على رؤية المعلومات التى تجمعها التطبيقات فى الوقت الحقيقى ومع من يتم مشاركتها، لعرض تفاصيل سلوكيات التطبيقات الخفية بطريقة سهلة الفهم.
وعلى وجه الخصوص، يتابع تطبيق Lumen التطبيقات التى تعمل على أجهزة المستخدمين، وهل تجمع البيانات الحساسة من الهاتف، وما هى مواقع الإنترنت التى ترسل البيانات إليها، وبروتوكول الشبكة التى تستخدمها، وما هى أنواع المعلومات الشخصية التى يرسلها كل التطبيق إلى كل موقع.
ويحلل التطبيق حركة المرور محليا على الجهاز، ويجهز هذه البيانات قبل إرسالها إلى الباحثون لاستكمال دراستهم عن خطورة تطبيقات الهواتف الذكية، ومنذ أكتوبر 2015 استخدم أكثر من 1600 شخص التطبيق وسمحوا للباحثين بتحليل أكثر من 5000 تطبيق.
واكتشف الباحثون نحو 598 موقعا على شبكة الإنترنت يتتبع المستخدمين لأغراض الدعاية، بما فى ذلك خدمات وسائل التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك وشركات الإنترنت الكبيرة مثل جوجل وياهو، وشركات التسويق عبر الإنترنت التى تعمل تحت مظلة مقدمى خدمة الإنترنت مثل فيريزون ووايرلس.
ووجد الباحثون أن أكثر من 70 فى المئة من التطبيقات تتصل على الأقل بجهة تعقب واحدة، و 15 فى المئة منهم متصلة بخمسة أو أكثر، كما أن واحدا من كل أربعة جهات تعقب تحصل على الأقل على معرف الجهاز الفريد من نوعه، مثل رقم الهاتف أو رقم IMEI، إذ تعتبر المعرفات مهمة لخدمات التتبع عبر الإنترنت لقدرتها على ربط أنواع مختلفة من البيانات الشخصية التى تقدمها تطبيقات مختلفة لشخص أو جهاز واحد.
ويجهل معظم المستخدمين، حتى من ذوى الخبرة والدهاء بالخصوصية، تلك الممارسات الخفية.
ويعد تتبع المستخدمين بواسطة هواتفهم الذكية هو مجرد جزء من مشكلة أكبر، فأكثر من نصف تطبيقات التعقب تتبع المستخدمين من خلال المواقع، بفضل تقنية، تسمى cross-device والتى تساعد فى الحصول على لمحة أكثر اكتمالا بكثير من الشخصية الخاصة بك على الانترنت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة