يؤكد سامى شرف، مدير مكتب الرئيس جمال عبد الناصر، أنه لم يشاهد «الرئيس» يضحك من يوم نكسة 5 يونيو 1967 إلا فى يوم 30 مايو «مثل هذا اليوم من عام 1970»، الذى تعتبره إسرائيل يوم السبت الحزين (موقع مجموعة 73 مؤرخين)، وأطلقت عليه إسرائيل تلك التسمية، بسبب العملية البطولية التى يروى وقائعها الفريق أول محمد فوزى «وزير الحربية بعد نكسة 5 يونيو وحتى استقالته يوم 13 مايو 1971» فى مذكراته حرب الثلاث سنوات -1967 -1970 «دار المستقبل العربى - القاهرة»، بالإضافة إلى عملية أخرى تمت فى نفس اليوم «30 مايو 1970»، حيث تمكنت صواريخ الدفاع الجوى غرب قناة السويس من إسقاط طائرة استطلاع جوى إلكترونى وتدميرها وبها 12 خبيرا فنيا إسرائيليا، وكانت الولايات المتحدة قد دعمت إسرائيل بها لإمكانية استطلاع مواقع الصواريخ الجديدة فى العمق.
العمليتان تؤكدان أننا أمام يوم ملتهب فى مواجهات أبطال الجيش المصرى ضد إسرائيل، أثناء مرحلة حرب الاستنزاف التى بدأتها القوات المسلحة المصرية ضد إسرائيل فور وقوع نكسة 5 يونيو، وسجلت فيها بطولات نادرة وانتصارات باهرة، جعلت الجميع مشغولين فى إسرائيل بالفرحة الطاغية لوقف إطلاق النار يوم 8 أغسطس عام 1970، وقال «آبا ابيان» وزير الخارجية الإسرائيلى: «تم استقبال وقف إطلاق النار فى إسرائيل بشعور من الرضا، وحينما أعلنته مس مائير، رئيسة الحكومة، فى التليفزيون كان رد فعل الرأى العام كما لو أننا حصلنا على تسوية سلمية، إن نشرات الأخبار لن تبدأ بعد الآن بالصوت الحزين لمذيع الراديو وهو يخبرنا بأسماء الشباب الإسرائيلى الذى سقطوا فى المعركة، إن ما حصدته الحرب من الأرواح والمعدات الثمينة جعل الحرب مكلفة بالنسبة لنا» (محمود عوض - الحرب المستحيلة - حرب الاستنزاف - دار المعارف - القاهرة).
أعاد سامى شرف ضحكة «عبد الناصر» إلى عملية السبت الحزين، لكن المؤكد أن ضحكته تضاعفت حين استقبل فى نفس اليوم خبر «إسقاط الطائرة الإسرائيلية وقتل الـ12 فنيا الموجودين فيها.
بدأت عملية «السبت الحزين» كما يذكر «فوزى» بتخطيط للحصول على أسرى من الجيش الإسرائيلى، ويقول: تم التخطيط للحصول على أسرى فى كل القطاعات بالجبهة، وركز الجيش الثانى الميدانى على مراقبة المنطقة من شمال القنطرة حتى «رأس العش» فى المنطقة التى تسمى «رقبة الوزة» وكان يتحرك فيها الجيش الإسرائيلى يوميا بقوافل إمداد تحت حماية جوية متواصلة، وحراسة مدرعات وعربات نصف جنزير وتعود هذه القوافل بجنود الإجازات والفوارغ، واستمرت المراقبة طوال شهر مايو، وبمقتضاها تم وضع خطة للهجوم على هذه القوافل للحصول على أسرى، وشملت الخطة، عمل كمين أول يتكون من 8 أفراد من الكتيبة 83 صاعقة فى الكيلو 30، وكمين ثانى من 21 فرد مشاة فى الكيلو 14 جنوب «رأس العش» مباشرة.
قاد الضابط ملازم محمد التميمى وملازم عبد الحميد خليفة مجموعة الصاعقة، وقاد النقيب شعبان حلاوة مجموعة المشاة، ودارت معركة رهيبة استمرت سبع ساعات، واستطاع الجندى خليفة مترى ميخائيل أسر جندى إسرائيلى وحمله قائد العملية «التميمى» وعبر به إلى «الشط» الآخر من القناة، بالإضافة إلى أسير آخر حمله الجندى الصعيدى «هارون» من سوهاج»، وبلغت خسائر إسرائيل 35 قتيلا خلاف الجرى والمصابين، ويؤكد الفريق فوزى: «لم نفقد سوى سونكى واحد فقط وعاد كل رجالنا سالمين، ليثبتوا أن الجندى المصرى خير أجناد الأرض» أما عملية إسقاط طائرة الاستطلاع الإسرائيلية، فكان لها آثار كبيرة على إسرائيل، فحسب إنجى محمد جنيدى فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967 «1970 - (دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة): «أوضح ريتشارد هيلفر مدير المخابرات الأمريكية للقيادة السياسية الأمريكية أن قدرة مصر على تدمير الطيران الإسرائيلى سيشكل ضغطا نفسيا على إسرائيل»، ويذكر محمود عوض: «فى إسرائيل كانت حالة هستيريا تتضاعف كلما تقدم المصريون بموقع صاروخى جديد فى اتجاه جبهة قناة السويس» وزادت بإسقاط طائرة الاستطلاع يوم 30 مايو وبها 12 خبيرا فنيا إسرائيليا»، ويؤكد أن أمريكا دعمت إسرائيل بها لإمكانية استطلاع مواقع الصواريخ الجديدة فى العمق، وعلى أثرها: «خرج موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يعلن أن إسرائيل مصممة على منع المصريين من إدخال صواريخها إلى أى منطقة تبعد عن قناة السويس بأقل من ثلاثين كيلو مترا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة