سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 25 مايو 1923 ترحيل بيرم التونسى إلى فرنسا بعد وشاية من أهل الأدب عن مكان اختفائه

الخميس، 25 مايو 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 25 مايو 1923 ترحيل بيرم التونسى إلى فرنسا بعد وشاية من أهل الأدب عن مكان اختفائه بيرم التونسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتاق بيرم التونسى إلى العودة لمصر من منفاه فى فرنسا، فلجأ إلى حيلة، هى اختصار اسمه فى جواز سفره الجديد الذى كان يحمل ختم القنصلية البريطانية، واستطاع بهذا الجواز أن يصعد إلى السفينة «دون أن ينتبه أحد فى قلم الجوازات» حسب مذكراته, «قطاع الثقافة - أخبار اليوم - القاهرة»، وينزل فى ميناء بورسعيد يوم 27 مارس 1922، ويتجه منه إلى «الأنفوشى»  بالإسكندرية للقاء زوجته التى تركها وهى حامل، ثم وضعت طفلة أسمتها «عايدة»، لكنه فوجئ بأنها حصلت على الطلاق فى غيابه، بعد أن أثبتت أن زوجها مغضوب عليه ولا أمل فى رجوعه.
 
كانت هذه المفاجأة واحدة من دراما حياة هذا الرجل الاستثنائى فى تاريخ الإبداع المصرى والعربى، والمولود فى «الأنفوشى» بالإسكندرية يوم 23 مارس سنة 1893 وفقًا لمذكراته، ونفى إلى تونس يوم 25 أغسطس 1920، صبيحة أول أيام عيد الأضحى، الذى وصفه فى قصيدته «يوم الدبايح كان آخر مواعيدك»، وفقًا لـ«عبدالغنى داود» فى «بيرم التونسى.. قيثارة الفن»، «كتاب الهلال - القاهرة». ويذكر «بيرم» سبب نفيه فى مذكراته: «كان على رأس البلد فى ذلك الحين السلطان فؤاد، أخو توفيق، الذى أدخل الإنجليز إلى مصر، وبدلًا من أن يكون راعيًا للبلد مسؤولا عن رعيته، لم يكن يهمه هو وعائلته سوى نهب خيرات البلد بالمشاركة مع الاستعمار، وأغرق فؤاد بن إسماعيل البلاد فى الديون من أجل نزواته الجنسية، ويظهر أنه أراد تقليد أبيه فى هذه الناحية، فتزوج ودماء الناس تسيل فى مصادمات مع الإنجليز، وسط شائعة تقول إنه ما تزوج إلا بعد علاقة غير شرعية بينه وبين من تزوجها».
 
يضيف «بيرم»: «نشرت قصص الفضائح السلطانية فى أزجال ساخرة سميتها «قصائد البامية السلطانى والقرع الملوكى والباذنجان العروسى»، ودأبت كل يوم على نشر فضيحة جديدة عن فؤاد وأنصاره، واتصل بى أذنابهم واعدين بالمناصب الكبيرة والخدمات الكثيرة إذا أنا رجعت عن طريقى، ولكننى رفضت أى شىء من متاع الدنيا على حساب ضياع استقلال البلاد واستغلال الناس، ولما وجدت الحكومة المصرية أنها عجزت عن إغرائى، كما أنها عاجزة عن أن تنال منى بمحاكمها، أصدرت أمرًا إداريًا بإبعادى من البلاد إلى تونس، وهناك اتصلت بالعائلة التى قال جدى وأبى إنهما ينتميان إليها هناك، فاقتصرت صلتى بها على المجاملات البسيطة».
 
لم يستطع «بيرم» العثور على عمل فى تونس، فتوجه إلى فرنسا، وذاق فيها العذاب أيضًا بحثًا عن عمل، واتصل ببعض أهل الصحافة فى مصر عارضًا عليهم قصائده، وحسب تأكيده: «وجدت من أحدهم تجاوبًا، وصرت أحرر له جريدته الأسبوعية من الجلدة إلى الجلدة، ولا يصلنى منه إلا ما يعنينى على حياة الكفاف، وكان من أطرف ما كتبت، كتيب «السيد ومراته فى باريس» الذى كان مشحونًا بالمفاجآت الطريفة التى تقابل سيدة مصرية من صميم الأحياء الشعبية لدى ذهابها إلى فرنسا».
 
تتواصل معاناته: «كان جو فرنسا القارس الذى يحتاج شتاؤه إلى مصاريف تدفئة تساوى جميع نفقات الإنسان الأخرى، جعلنى أسقط فريسة البرد، إذ لم أملك ما يساعدنى على التدفئة، حتى أتمكن من الإنتاج، وهجرنى من كنت أراسلهم رغم أننى علمت أنهم أكلوا من إنتاجى المن والسلوى، واقتنوا العزب والعمارات».
 
يقطع رحلة المنفى، ويعود إلى مصر، لكنه بقى منفيًا أيضًا فيها، حيث دخلها بحيلة، هى اختصار اسمه فى جواز السفر دون أن ينتبه أحد فى «قلم الجوازات»، ويقول عبدالغنى داود إنه اختبأ فى منزل سيد درويش بحى «كلوت بك»، لكن عيون السلطة وشت به فأعادته القنصلية الفرنسية منفيًا إلى فرنسا يوم 25 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1923، لكن بيرم يتهم «أهل الأدب» بأنهم هم الذين وشوا به: «إذا كان رجال السياسة لم يشعروا بى حينئذ، فقد شعر بى الزملاء من أهل الأدب، فأبلغوا السلطات عنى وعن أمكنة وجودى وحركاتى وسكناتى، فقامت بترحيلى من جديد إلى خارج مصر».
 
ويضيف «بيرم» أنه فور ترحيله علم بوفاة سيد درويش فى مقتبل العمر، ويقول: «رحل بعد أن اعتصر شبابه فى تحويل الموسيقى المصرية من أنات مملة إلى نغمات تعبر عن أحاسيس الناس وانفعالاتهم». 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة