شارك الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر ،فى المؤتمر الدولى للوسطية، الذى يعقد بماليزيا تحت عنوان : فقه الولاء والطاعة ودوره فى ترسيخ رخاء الوطن، وقد ألقى الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، قائلا لقد ابتليت المجتمعات المسلمة فى الواقع المشهود بدعوات تظهر بين الحين والآخر، تنادى بالخروج على الحاكم، وتزين للعامة استباحة نزع اليد من طاعة ولى الأمر، وقد شغلت هذه الدعوات حيزا من تفكير كثير من الناشئة والشباب فى مجتمعاتنا المعاصرة، وحاول بعضهم أن يفهم هذه المسألة وغيرها من المسائل العظام بمنأى عن التأصيل العلمى الصحيح الذى أرساه الأئمة الفقهاء الثقات رحمهم الله تعالى.
وأكد أن إقامة أنظمة الحكم وتنصيب الحكام ضرورة تقتضيها حراسة الدين وسياسة أمور الدنيا، ويتطلبها استقرار المجتمعات واستتباب الأمن فيها، كما أن شريعة الإسلام تستوعب أنظمة الحكم المعاصرة على اختلاف أسمائها، بما فيها من أنظمة رئاسية وملكية وسلطانية وأميرية، أو غير ذلك مما تعارف عليه الناس وقبلوه نظاما يسوس أمورهم ويدينون له بالولاء، ولا يتعين نظام خاص كما يزعم بعض من قل فى الدين فهمهم ممن حصروا نظام الحكم فى نسق الخلافة التى كان عليها مدار الحكم بعد وفاة رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم - إلى أن أسقطت فى عشرينيات القرن الماضى.
وأضاف أن الإسلام لا يعرف للحاكم مركزا خاصا يحميه من النصح والتوجيه، ويعفيه من بعض ما يكون على أبناء الأمة من واجبات؛ فهو شخص تولى الحكم ليقوم على أمور الناس ويتولى تدبير شئونهم، فكان من الطبيعى أن يوجه له النصح، وأن يسأل عن أفعاله، بل ويحاسب عليها كذلك وفق ما هو معمول به فى هذا الشأن، باعتباره فردا مسئولا عن أفعاله وتصرفاته.
وتابع: للحاكم على المحكومين حق الطاعة، وعدم خروجهم على مقتضى البنود التى تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ما لم يثبت إنكاره شيئا معلوما من الدين بالضرورة، أو يأمر بمعصية الله عز وجل، ولا سيما إذا أدى الخروج على الحاكم - بأى شكل كان هذا الخروج - إلى مفاسد.
وتابع فإن للمحكومين الحق فى إبداء الرأي ولو كان في تقييم أداء الحاكم نفسه، شريطة أن يكون ذلك فى حدود التعبير عن الرأي بالطرق والوسائل المشروعة، ومن خلال الآليات المنظمة لذلك، دون خروج أو تطاول ينال من مكانة الحاكم أو شخصه، فإذا كان النيل من الغير - وإن كان من عامة الناس - من الجرائم المعاقب عليها فى شريعتنا؛ فإن هيبة الحاكم ورمزيته تزيد من قبح التطاول وجرم المتطاول.
وأوضح أن طاعة المحكومين لحاكمهم متوقفة على ألا يأمرهم بمعصية أو يقر أمرا فيه مخالفة صريحة لشريعة الله عز وجل، فإن أمرهم بشيء من ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما ليس للحاكم أن يحاسب صاحب رأى على رأيه ما لم يتعرض له بما يعد إهانة توجب عقابه، وليتأس الحاكم المسلم بسيد الخلق وأشرفهم - صلى الله عليه وسلم - فقد عورض وأوذى من بعض الناس قولا وفعلا بما أغضب الصحابة غضبا شديدا، فهموا بالنيل من هؤلاء والفتك بهم لولا حلم نبى الإنسانية ورحمته.