أكرم القصاص - علا الشافعي

منصب رئيس الوزراء يشعل الصراع بالجزائر.. وعبد المالك سلال يجرى مشاوراته

الثلاثاء، 16 مايو 2017 09:04 م
منصب رئيس الوزراء يشعل الصراع بالجزائر.. وعبد المالك سلال يجرى مشاوراته عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائرى
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى ثبات وثقة بأنه المبشر بقيادة الحكومة الجزائرية للسنوات الخمس المقبلة، بدأ رئيس الوزراء الحالى عبد المالك سلال تحركاته ومشاوراته مع الأحزاب المختلفة، ولكن تلك التحركات للرجل القوى فى النظام الجزائرى أثارت علامات استفهام حول مدى شرعية ما يقوم به، خاصة أنها تتم فى وقت تلتزم فيه الرئاسة الصمت تجاه شخصية رئيس الوزراء المقبل.

سلال، الاسم الذى برز على الساحة الجزائرية من خلال قيادته للحكومة منذ عام 2012، باشر قبل أيام مشاورات سياسية مع أحزاب فى السلطة والمعارضة فى محاولة ضمها للحكومة الائتلافية فور إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الجمعة الماضية، حيث التقى بحركة مجتمع السلم الإسلامية وجبهة المستقبل والتحالف الوطنى الجمهورى والحركة الشعبية الجزائرية، والأغرب فى لقاءاته أنه تحدث باسم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وأن عروضه على الأحزاب ناجمهة عن رغبة الرئيس، فى وقت لم تعلن فيه الرئاسة فى بيان رسمى تكليف سلال بقيادة الحكومة الجديدة.

هذه الثقة التى يتحرك بها سلال تركت هواجس كثيرة داخل الأوساط السياسية وتساؤلات عن الجهة التى طلبت من رئيس الوزراء البدء فى الاتصال بالأحزاب، خاصة أن المراقبين اعتبروها تجاوزا للأعراف السياسية المعمول بها فى البلاد، والتى تتطلب خطوات محددة قبل البدء فى مشاورات تشكيل الحكومة، فى مقدمتها أن المجلس الدستورى لم يصدر أحكامه بعد فى الطعون التى تلقاها حول العملية الانتخابية، ولم يتم الاعلان النهائى عن نتائج الانتخابات بعد الطعون، وبالتالى لم تتقدم الحكومة الحالية باستقالتها، ولم يتم تكليف رسمى ليبدأ رئيس الحكومة المكلف الجديد باتصالاته.

ووفق تلك المعطيات برز على الساحة السياسية الجزائرية الصراع مبكرا على منصب الرجل الثانى فى الدولة بعد الرئيس، خاصة من قبل أحمد أويحيى مدير ديوان الرئاسة ورئيس حزب التجمع الديمقراطى الثانى برلمانيا والشريك فى السلطة، وهو يعد من أبرز المنافسين لسلال ليس فقط على منصب رئيس الوزراء وإنما يرى المراقبون أنهم من أقوى المرشحين لخلافة بوتفليقة فى قصر الرئاسة.

وفى إطار الكيد السياسى بينهما رفض أويحيى، لقاء سلال خلال المشاورات التى جرت على مدار الـ48 ساعة الماضية، واعتبر أنه ليس له صفه رسمية لإجراء أى اتصالات، حيث أكد أن الوحيد المخول له دستوريا باستدعائه للتشاور هو الرئيس شخصيا، بعد الفضل النهائى فى نتائج العملية الانتخابية من المجلس الدستورى، وتقديم الحكومة الحالية لاستقالتها، معتبرا أن ما يجرى هو خرق واضح للدستور ومحاولة لفرض سياسة الأمر الواقع.

موقف أويحيى حمل الكثير من الانزعاج تجاه تحركات غريمه سلال، والتى يرى مراقبون أن رئيس الحكومة الحالى سلال يحاول فرض الأمر الواقع على قيادات الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطنى" وقطع الطرق أمام من يهرول لهذا المنصب فى خطوة استباقية، وسط أنباء عن لقاء مرتقب سيجمع بوتفليقة لكل من ولد عباس الأمين العام للحزب الحاكم وأويحى على اعتبار أنهما يقودان الحزبين صاحبى الأغلبية فى البرلمان الجديد من أجل تسمية رئيس وزراء جديد.

تحركات سلال لم تٌثير فقط مخاوف أويحيى بل إنها أثارت مخاوف الأوساط السياسية جميعها والتى اعتبرت أنها مؤشر على خلاف داخل صفوف حزب بوتفليقة على الشخصية التى ستقود الحكومة المقبلة، خاصة بعد تصريحات أطلقها وزير الإعلام الجزائرى حميد قرين، أثارت مزيدا من الغموض على المشهد السياسى، حيث انتقد فى خطوة غير متوقعة تحركات سلال رغم أنه أحد رجال حكومته نافيا وجود أى تكليف لأحد بمشاورات جديدة حول التشكيل الوزارى، بل ونفى وجود مسعى لإشراك أحزاب سياسية أخرى فى التشكيل المنتظر.

تصريحات وزير الإعلام فى ظل المؤشرات على وجود خلاف داخل أروقة الحزب الحاكم على شخصية رئيس الحكومة المقبل تؤكد أن خطوة سلال تأتى ربما كمبادرة منه، تلك المبادرة لها أهداف سياسية فى مقدمتها قطع الطريق على أويحيى ووضع المعارضين له فى حزب بوتفليقة أمام الأمر الواقع، والهدف الثانى التمكن مبكرا من الوصول الى تشكيلة حكومية مستقره من حيث الأحزاب وبرنامج الحكومة، فى ظل تشتت المقاعد البرلمانية وسط الأحزاب فى انتخابات 4 مايو، والتى افرزت "برلمان الفسيفساء" والذى لا يؤشر على حالة من الاستقرار السياسى مستقبلا.

وبالتالى إذا استطاع سلال ان يستقر على تشكيلة مستقرة يتقدم بها للرئيس مبكرا سيكون قد كسب ثقة زائدة تؤهله للاحتفاظ بالمنصب للخمس سنوات المقبلة، خاصة أنه فقد الكثير من شعبيته فى الفترة الماضية بعد عدد من التصريحات غير المتزنة والتى قلبت عليه الرأى العام، فضلا عن سياسته الاقتصادية التى كلفت الجزائر خسائر فادحة خلال السنوات الماضية، حيث استهلكت البلاد مخزونها المالى فى عهد رئاسته للحكومة، بدون أن يحدث أى تقدم اقتصادى.

ويبقى أويحيى، رغم ثقة غريمة بنيل المنصب، على أمل بأنه الأوفر حظا لهذا المنصب حيث حصل على نصر تشريعى كبير فى الانتخابات باحتلاله المرتبة الثانية بعيدا عن جبهة التحرير بنحو 64 مقعدا، مما يحتم على جبهة التحرير التحالف مع الحزب لتضمن الأغلبية مما يجعل أو يحيى مرشح قوى لتولى منصب الوزير الأول.

ووفقا للنظام السياسى الجزائرى فهو نظام رئاسي، وتعيين الحكومة ورئيسها يظل من صلاحيات بوتفليقة بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، فأيا كان المتصارعون للظفر بالمنصب ستظل الكلمة الفصل للرئيس، ولكن بعيدا عن الدستور فإن الجزائر تعيش على صفيح ساخن وتواجه تحديات اقتصادية وأمنية صعبة، وبالتالى فإن رئيس الحكومة المقبل يتطلب مواصفات من نوع خاص فى مقدمتها أن يكون رجل دولة ويحظى بتقدير شعبي، وفى نفس الوقت يحمل فكرا سياسيا واقتصاديا جديدا تعبر بالبلاد من المرحلة الصعبة، وبين الطموحات الشعبية وحسابات السلطة سيظل الجدل حتى يحسمه الرئيس.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الجزائر

مقال جميل ومعبر جدا

لكننا في زمن الرداءة وللرداءة أناسها المتخصصون .أما الشعب فقد كره من هذه المسرحيات.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة