سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مايو 1948.. «مائير» تستعد لرحلتها إلى اللقاء السرى الثالث مع الملك عبدالله فى عمان

الأربعاء، 10 مايو 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 10 مايو 1948.. «مائير» تستعد لرحلتها إلى اللقاء السرى الثالث مع الملك عبدالله فى عمان جولدا مائير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 أرسلت جولدا مائير «رئيسة الحكومة الإسرائيلية من 1969 إلى 1974» رسولاً إلى الملك عبدالله، ملك الأردن ومؤسسها «عام 1921» تطلب لقاء عاجلا، فرد الملك: «إذا أرادت فعليها أن تحضر إلى عمان على أن تتحمل مسؤولية المخاطرة، ولن أتحمل أية مسؤولية عما قد يحدث فى الطريق»، وتكشف «مائير» فى مذكراتها «اعترافات جولدا مائير» ترجمة: عزيز عزمى عن «دار التعاون - القاهرة» قصة هذا اللقاء السرى المثير الذى يعد الثالث بينهما، وتم يوم 11 مايو 1948 ليلاً، وامتد حتى ساعات الصباح يوم 12 مايو، لكن تفاصيله بدأت من يوم 10 مايو «مثل هذا اليوم» 1948.
 
كان هذا اللقاء هو الأكثر إثارة فى تفاصيله ومضمونه بين اللقاءات الثلاثة، لأنه تم قبل وقوع حرب 15 مايو 1948، وكانت «مائير» تشغل وقتها رئاسة «الدائرة السياسية فى الوكالة اليهودية» المسؤولة عن تهجير اليهود إلى فلسطين، وفيما كانت الجيوش العربية تتأهب لدخول فلسطين لمحاربة العصابات الصهيونية فيها كان «عبدالله» على علاقة متواصلة وسرية مع «الوكالة»، وحسب مذكرات الضابط الأردنى عبدالله التل، قائد الكتيبة التى أنقذت القدس من الدمار أثناء حرب 1948: «كانت اتصالات الملك عبدالله باليهود مستمرة، ويسلم بها أهل عمان، وخاصة الذين يترددون على قصره، وكان جلالته يحضر اليهود إلى القصر عن طريق مطار عمان، حيث تنزل بهم الطائرة، وكأنها طائرة بريطانية، فلا يجرؤ أحد على التعرض لها، ثم ينتقل ركابها لسيارة من سيارات الخاصة الملكية إلى القصر الملكى، وفى كثير من الحالات كان جلالة الملك يسافر بنفسه خفية إلى الحدود» (كارثة فلسطين - دار الهدى - القاهرة).
 
تؤكد «مائير» أنها قبل ستة أشهر من تأسيس إسرائيل تقابلت مرتين مع عبدالله، وتذكر: «كلا اللقاءين بقيا سراً، حتى بعد اغتيال الملك عبدالله (20 يوليو 1951)»، وتضيف: «كان اللقاء الأول فى أوائل نوفمبر 1947، ووافق على مقابلتى بوصفى رئيسا للدائرة السياسية فى الوكالة اليهودية فى منزل بـ«نهاراييم» مع أحد خبرائنا فى الأمور العربية وهو «الياهو ساسون» (والد أول سفير إسرائيلى فى مصر موشيه ساسون).
تصف الملك عبدالله بأنه: «صغير الجسم، رابط الجأش، ذو سحر آخاذ» وتكشف عن أنها قبل لقائها الأول به تزودت بمعلومات عن مفهومه العام لدور اليهود فى المنطقة، يتلخص فى «أن العناية الإلهية شتت اليهود فى العالم العربى لكى يستوعبوا الحضارة الأوروبية، ويجلبوها معهم إلى الشرق الأوسط، فيعيدوا بذلك إحياء المنطقة»، وتؤكد أنها تزودت بهذا الفهم من خبير للشؤون العربية بالوكالة اليهودية كان يلتقى عبدالله كثيرا، وهو «عزرا دانين»، وتذكر أنه فى اللقاء الأول وبعد تناولها القهوة، دخل عبدالله إلى لب الموضوع مباشرة، مؤكداً أنه «لن ينضم إلى أى هجوم عربى ضدنا».
 
كان هذا الوعد سببا فى اللقاء الثالث بعد أن توفرت معلومات للقادة اليهود، بأنه «عبدالله» لن ينفذ وعده، مما دفع «مائير» إلى أن تبعث إليه بسؤال: «هل ذلك صحيح؟» فأجاب عبر الوسيط الذى حمل سؤالها بأن «السؤال أدهشه، وأنه يطلب منها أن تتذكر ثلاثة أشياء هى، أنه بدوى ولهذا فهو رجل شرف، وأنه ملك، ولذا فإنه رجل شرف مضاعف، وأنه لا يحنث بوعده قط لامرأة»، لكن «مائير» لم تكتف بهذا النفى، وذهب تفكير قادة الوكالة اليهودية إلى بحث جدوى الاتصال به من جديد: «إذا لم نستطع إقناعه بتغيير رأيه فسنعرف على الأقل مدى عمق التزامه هو وقواته التى يدربها ويقودها بريطانيون بالحرب ضدنا، وإذا حدثت المعجزة وبقيت شرق الأردن خارج الحرب، فسيكون من الصعب على الجيش العراقى أن يخترق فلسطين لينضم للهجوم علينا».
 
تؤكد أن بن جوريون «أول رئيس حكومة لإسرائيل» نصحها بتكرار محاولة اللقاء، فطلبت «عزرا دانين» أن يرافقها، وأرسلت رسولا لطلب اللقاء، فرد عليها برفض الملك أن يحضر إلى «نهاراييم» كما حدث من قبل مؤكدا: «هذا خطر للغاية»، ومن هنا بدأت رحلتها المثيرة: «كان علينا أولا أن نصل إلى تل أبيب، إذ كان الوصول إليها فى مثل صعوبة الوصول إلى عمان، انتظرت الطائرة منذ الصباح حتى الساعة السابعة مساء، عندما وصلت، كانت الأحوال الجوية بالغة السوء، ولو كانت الأحوال عادية لأجلت الأمر إلى الصباح، لكننا لم نستطع فقدان الوقت إذ كنا فى العاشر من مايو، وستعلن الدولة «إسرائيل» فى 14، وكانت تلك آخر فرصة لنا للحديث مع عبدالله، وفى طائرة مروحية يمكن أن تمزقها نسمة قوية، أقلعنا إلى تل أبيب».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة