وسط حقول قرية بنى غنى بالمنيا، تصحو وردة كل صباح، تطعم طيورها، تجهز أولادها للذهاب إلى المدرسة، وتمنح زوجها طعامه فى رحلته إلى الأرض، وتعود لممارسة أعمالها المنزلية، قبل أن تتغير حياتها وتتحول من ربة منزل ريفية إلى منتجة زراعية تحصل على دخل شهرى بل ترفع حصيلة بيع فدان زوجها من ألفى جنيه إلى أربعة آلاف مرة واحدة.
انضمت وردة ورفيقاتها من ربات البيوت، إلى مشروع تعبئة وتغليف الحاصلات الزراعية الذى تنفذه الهيئة القبطية الإنجيلية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبى وهو المشروع الذى غير حياة الكثير من فلاحى قرى المنيا، حيث شهدت قرية البرنسات منذ أيام افتتاح أكبر محطة تعبئة وتغليف للحاصلات الزراعية لتتوج جهود بدأت منذ سنوات للارتقاء بمستوى الفلاحين وتحسين جودة محاصيلهم.
المرحلة الأولى: تحديد نوع المحاصيل ورفع جودتها
"ماجد بولس" عضو لجنة إدارة المشروع، أوضح لليوم السابع، تفاصيل ما تم خلال العامين الماضيين مع 7500 مزارع كانت تستهدفهم الهيئة الإنجيلية من مشروعها الطموح، فقال أن المشروع هدف إلى زيادة التفاعل بين صغار المزارعين والأجهزة الحكومية مع تطبيق ما يسمى بمنهجية الحوافز المشروطة أى تطبيق مجموعة من الشروط على صغار المزارعين بينها حصولهم على دورات تدريبية وتحديد نوع المحصول ثم شراء المحصول منهم بعد الإشراف عليه لمضاعفة إنتاجيته.
"حددنا الوضع الراهن فى تسعة مجتمعات زراعية بقرى المنيا، وتعرفنا بالدراسة على الفجوة بين الإنتاج الزراعى والتوريد" يشير ماجد، كما عملنا على تحليل الوضع فى مديريات الزراعة والرى بالمنيا للتعرف على العوائق التى تتسبب فى تلك الفجوة.
المرحلة الثانية: نقل صغار المزارعين للعمل الجماعى
أما المرحلة الثانية من المشروع فكانت نقل صغار المزارعين من العمل الفردى إلى الجماعى يقول ماجد، عملنا على تشكيل جمعيات وروابط زراعية لضم المزارعين ممن يمتلكون أقل من ثلاثة أفدنة لحمايتهم من استغلال التجار عند بيع المحصول، وتم انتخاب من يمثلهم فى رابطة زراعية بكل قرية ووصل عدد المنضمين إلى الروابط إلى تسعة آلاف فلاح يبيعون منتجاتهم بشكل جماعى، إلى أن انتقلنا إلى المرحلة الثالثة من المشروع.
المرحلة الثالثة: بناء قدرات الفلاحين ومهندسى الإرشاد الزراعى
يؤكد بولس أن المرحلة الثالثة تضمنت بناء القدرات للفلاحين ومهندسى الإرشاد الزراعى على حد سواء وكذلك الفلاحين المنتخبين فى الجمعيات الزراعية عبر دورات تدريبية، ثم دربنا 30 من شباب وشابات القرى على دراسة السوق والتعرف على احتياجاته من أجل تحديد نوع المحصول قبل البدء فى زراعته، وانتهى ذلك بتوقيع أربعة عقود تصدير مع شركات تصدير قبل حصاد المحاصيل.
المرحلة الرابعة: تجميع المحاصيل فى محطات فرز وتعبئة قبل تصديرها
فيما تمثلت المرحلة الرابعة من المشروع _وفقًا لبولس_ فى تدريب 500 شاب وشابة على عمليات فرز المنتجات الزراعية وتعبئتها من أجل تجهيزها للتصدير، وتم تأسيس تسعة مراكز للفرز المبدئى فى الحقول، مع توفير المعدات للعاملين إلى أن تنتقل تلك المحاصيل إلى محطة الفرز والتعبئة النهائية بقرية البرنسات استعدادا لتصديرها.
فلاح يروى تجربته فى تحسين المحصول ورفع الإنتاجية
"سامح سمير" فلاح صغير كان ضمن المستهدفين من المشروع، يقول إنه كان يعانى من عدم إمكانية تأجير المعدات الزراعية بسبب صغر حجم أرضه التى تبلغ نصف فدان، مما اضطره للزراعة التقليدية التى كانت تتسبب فى ضعف الإنتاج إلا إنه بعدما انضم للرابطة الزراعية التى تضم تسعة آلاف فلاح تمكن من الحصول على المعدات وتسويق المنتج الزراعى الأمر الذى مكنه من زراعة فدان كامل بدلًا من نصف فدان نظرًا لارتفاع أرباحه.
مزارعة صغيرة: قللنا استخدام الكيماوى وزرعنا سلالات جديدة
أما رفقة جاد التى كانت تزرع القمح والذرة والبرسيم، فانتقلت إلى زراعة سلالة جديدة من البطاطس بعدما حضرت تدريب عن الحوافز المشروطة والتزمت بالمحاصيل المطلوبة للتصدير، ووفر لها المشروع مهندس استشارى أرشدها إلى التقاوى الصحيحة والطريقة المثلى للزراعة مما قلل من استخدامها للكيماوى الأمر الذى زاد من إنتاج المحصول فبنت لها دورًا جديدًا فى منزلها الريفى الصغير.
"
وردة": تدربت على الفرز والتغليف وصار لدى دخل ثابتكذلك فإن وردة محمد التى كانت تعمل ربة منزل، صارت تعمل فى محطة تعبئة وتغليف الحاصلات الزراعية مع 30 سيدة أخرى، حيث وفر لها المشروع الأدوات اللازمة للتغليف من مشارط وشباك بعدما تدربت على ذلك، فساعدت زوجها فى تجهيز محصوله للتصدير وضاعفت ثمنه وحصلت على دخل ثابت بعيد عن دخل زوجها.
"هناء ناجى" شابة فى نهاية العشرينات من العمر ومزارعة صغيرة، اقنعت رجال قريتها بانتخابها ممثلة عنهم فى الجمعية الزراعية وحصدت أصواتهم، فصارت تشرف على أعمال 400 مزارع فى اللجان الزراعية المنتخبة وهى تؤكد"مفيش مستحيل".
المهندسة فاطمة: تدربت على إدارة أزمات الفلاحين
"فاطمة عبد المنعم" تعمل إخصائية إرشاد زراعى بوزارة الزراعة حصلت على تدريب ضمن المشروع مكنها من إجراءات دراسة مستفيضة عما يعوق وصول الخدمة الجيدة للمزارع فى القرى تقول" تمكنت مع أربعين مهندس آخرين من رفع كفاءتنا بالتدريب، وشكلنا وحدة إدارة أزمات وبدأنا نربط المزارعين بالقطاع الخاص للحصول على أفضل سعر لمحصولهم.
من جانبه، أشاد الدكتور حسين الحناوى رئيس اتحاد المصدرين الزراعيين بجودة المحاصيل التى يحصل عليها من قرى المنيا المشاركة فى المشروع مؤكدًا أن الدول المستوردة تشيد بجودة النباتات الطبية والعطرية والخضراوات المصدرة، متمنيًا أن يتم تعميم التجربة على كافة القرى المصرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة