أدباء وشغيلة.. مثقفو مصر عمال وترزية وكمسارية وبوسطجية و"كتّيبة"

الأحد، 30 أبريل 2017 08:00 م
أدباء وشغيلة.. مثقفو مصر عمال وترزية وكمسارية وبوسطجية و"كتّيبة" الأديب الراحل خيرى شلبى
كتبت بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الصورة النمطية للمثقفين والكتاب أن يعيشوا فى أبراج عاجية وجزر منعزلة، لكن المتتبع لحياة أشهر كتاب ومثقفى مصر، وربما العالم العربي، سيعرف أنهم بجانب كونهم عقولًا مستنيرة وطاقات إبداعية، فإنهم أياد «شغيلة»، لم يتأففوا يومًا من بعض المهن التى للأسف تزدريها الثقافة المتعالية، وينفر منها أصحاب الرؤى الرجعية عن العمل.

يقول نجيب سرور «قد كنت يا بايرون "لوردا" باللقب .. لكن قلبك كان دومًا قلب "عامل"، وهناك بالألقاب "عمال" وفى الأعماق "لوردات القلوب"»، وبما أن العمل شرف وقيمة، ولا تنتقص نوعية المهن من الإنسان أو قيمته أو كرامته، نستعرض فى هذا التقرير، بعض محطات العمل لدى أشهر مثقفى مصر مثل محمد مستجاب وخيرى شلبى وإبراهيم أصلان وصلاح الراوى ونصر حامد أبو زيد، التى تنوعت أعمالهم بين العمالة فى السد العالى وهيئة البريد والحياكة واللاسلكى وكباعة متجولين.

فى الستينيات، كان السد العالى مشروعًا قوميًا بنته السواعد المصرية والهمم، كان هدفًا منشودًا تشيده النفوس كأنها تشيد جدران يقى كرامتها الوطنية، وعملًا يحمى البلاد شر المجاعة والفيضانات، وينير البيوت بطاقته الجديدة، كما ينير الأرواح بثقافة بعض أبنائه الذين انتموا إلى دائرة "الميقفين" منهم الروائى والقاص محمد مستجاب، الذى ولد عام 1938 فى مركز ديروط بمحافظة أسيوط، وثقف نفسه بنفسه بعد أن توقف دراسيًا عند مستوى شهادة الثانوية، ثم التحق بمعهد الفنون الجميلة، ولكن لم يكمل دراسته بالمعهد، وعمل بضعة أشهر فى العراق، وبعد عودته إلى مصر، عمل فى مجمع اللغة العربية، وأحيل إلى التقاعد بعد بلوغه سن الستين عام 1998، وله العديد من المؤلفات الشهيرة منها "قيام وانهيار آل مستجاب" و"التاريخ السرى لنعمان عبد الحافظ"، وعمل فى مشروع بناء “السد العالي” قبل أن تتوفاه المنية فى السادس والعشرين من يونيو 2005، عن 67 عامًا.

لم يكن مستجاب وحده العامل فى السد العالى من المثقفين، إذ يرافق اسم مستجاب اسم الباحث والشاعر الدكتور صلاح الراوى الأستاذ بالمعهد العالى للفنون الشعبية، الذى التحق بمدرسة المعلمين ثم ترك الدراسة للعمل بالسد العالى خلال هذه الفترة لمدة عشر سنوات بداية من 1965 استأنفت بعدها دراستى فى المرحلة الثانوية تلاها كلية الآداب وحصل على ليسانس اللغة العربية واشتغل بالتدريس فى محافظة أسوان لمدة 6 أعوام، ثم انتقلت خدمته العسكرية وتعلم العبرية وأنهى الخدمة وعاد إلى التدريس فى أسوان مرة أخرى واستقر به المقام فى القاهرة كمدرس ثم صحفياً فى جريدة الجمهورية ثم باحثاً فى مركز دراسات الفنون الشعبية أهم مؤسسة علمية فى مجال الفلكلور وصار عضوًا فى هيئة التدريس بمعهد الفنون الشعبية حتى الآن.

من السد العالى إلى مكاتب البريد، يحل اسم الروائى والقاص إبراهيم أصلان المولود 3 مارس 1935، وصاحب "وردية ليل"، والذى عمل فترة من حياته بهيئة البريد كبوسطجى ثم فى إحدى المكاتب المخصصه للبريد وهى التجربة التى ألهمته مجموعته القصصية المسار إليها. ربطته علاقة جيدة بالأديب الراحل يحيى حقى ولازمه حتى فترات حياته الأخيرة ونشر الكثير من الأعمال فى مجله "المجلة" التى كان حقى رئيس تحريرها فى ذلك الوقت، حتى صار اسمًا لامعًا فى مجال السرد العربين مخلفًا أعمال بارزة فى تاريخ الإبداع العربى ويرحل عن عالمنا فى 7 يناير 2012 .

وقبل أن يصير اسم الراحل نصر حامد أبو زيد، أستاذ الفلسفة الإسلامية السابق بجامعة القاهرة، علامة على الاستنارة والفكر الحر، وقبل أن يدخل الباحث فى الدراسات الإسلامية ساحة معاركه ضد «دبابير الظلام»، اضطرته الظروف إلى الدخول إلى ساحة العمل اليدوى فقد ولد أبو زيد فى إحدى قرى طنطا فى 10 يوليو 1943، ونشأ فى أسرة ريفية بسيطة، فى البداية لم يحصل على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطيع استكمال دراسته الجامعية، لأن أسرته لم تكن لتستطيع أن تنفق عليه فى الجامعة، لهذا اكتفى فى البداية بالحصول على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكى عام 1960م.

ولا يمكن لكاتب أن يعرج على مهن الأدباء دون أن يتوقف أمام اسم الروائى الحكاء خيرى شلبي، والذى دفعته الظروف لامتهان مهن عدّة، بدءًا من عامل تراحيل وكمسارى وترزى وصبى مقهى وغيرها من المهن، التى استفاد منها مرتين الأولى حين أعانته على أعباء الحياة والثانية حين أثقلت خياله الذى ألف السنيورة، الأوباش، الشطار، الوتد، العراوي، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، ثلاثية الأمالى (أولنا ولد - وثانينا الكومى - وثالثنا الورق)، بغلة العرش، لحس العتب، منامات عم أحمد السماك، موت عباءة، بطن البقرة، صهاريج اللؤلؤ، نعناع الجناين، إضافة إلى من مجموعاته القصصية: صاحب السعادة اللص، المنحنى الخطر، سارق الفرح، أسباب للكى بالنار، الدساس، أشياء تخصنا، قداس الشيخ رضوان، وغيرها.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة