ما لا تعرفه عن تجربة الأمومة لطفل متوحد.. رحلة 3 أمهات من التشخيص إلى التأهيل.. شيرين حاولت توعية المجتمع برواية عن التوحد بعد 10 سنوات أمومة.. وإيمان تؤهله بنفسها فى المنزل.. وفريدة أسست جمعية أمهات التوحد

الإثنين، 03 أبريل 2017 07:58 م
ما لا تعرفه عن تجربة الأمومة لطفل متوحد.. رحلة 3 أمهات من التشخيص إلى التأهيل.. شيرين حاولت توعية المجتمع برواية عن التوحد بعد 10 سنوات أمومة.. وإيمان تؤهله بنفسها فى المنزل.. وفريدة أسست جمعية أمهات التوحد شيرين بدران وابنها إياد
كتبت سارة درويش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"اضطراب فى النمو العصبى عند الطفل يسبب ضعفًا فى التفاعل الاجتماعى مع المحيطين به، والتواصل اللفظى وغير اللفظى، والتعامل بأنماط سلوكية مقيدة ومتكررة" بهذا الشكل المبسط يتم تعريف التوحد ولكن هذه الكلمات البسيطة لا يمكنها أبدًا أن تختزل ما تعيشه أسرة لديها طفل متوحد فى مصر.
 
هذه التجربة التى لا تأتى صعوبتها من الطبيعة الخاصة لهذا الطفل وإنما من الظروف المحيطة والمجتمع غير المهيأ لاستقباله والتعامل معه ومع طبيعته الخاصة، ومن غياب المراكز المهيأة للتعامل مع الطفل المتوحد وتأهيله، فضلاً عن تلك المراكز التى توهم الأهالى بإعادة تأهيل الطفل وعلاجه سلوكيًا وهم لا يبحثون لا عن الأرباح.
 
ثلاثة من هذه التجارب التى لا يمكن اختزالها فى كلمات نستعرضها لكم لمعايشة تجارب أمهات لهن ظروف خاصة
 

"شيرين" قدمت خلاصة رحلة 10 سنوات أمومة لطفل متوحد فى رواية

 
شيرين بدران وابنها إياد
شيرين بدران وابنها إياد
 
"ذكى جدًا، ومبدع فى الكهرباء والنجارة.. أحن وأجمل طفل، طيب جدًا ويحب الحيوانات" هكذا وصفت "شيرين بدران" طفلها "إياد" ذو الـ12 عامًا الذى خاضت معه رحلة طويلة من العلاج والفحوصات داخل وخارج مصر حتى اكتشفت أنه مصاب بالتوحد لتبدأ بعدها رحلتها مع محاولة دعم طفلها ليصل إلى أكبر درجة من التكيف مع المجتمع المحيط، ثم رحلتها للوصول إلى الرضا بنصيب طفلها الذى قضى أن يكون مصابًا بالتوحد فى مجتمع لا يعرف معنى هذه الكلمة.
 
لم تكن رحلة تعليم "إياد" التكيف مع المجتمع ومحاولة تطوير مهاراته قدر الإمكان هى العبء الذى يثقل كاهل "شيرين بدران" وإنما الضغوط النفسية التى تواجهها من المجتمع من حولها، ويواجهها طفلها دون أى ذنب، وهو ما دفعها إلى التنفيس عن ضغوطها هذه بالكتابة لتصدر روايتها عن التوحد وتقول لـ"اليوم السابع": "أردت منها أن أطمئن الأمهات مثلى وأخبرهن أنهن لسن وحيدات، وأن هناك الكثيرين ممن يشاركونهن المعاناة".
 
ترى "شيرين" أن التحدى الأكبر الذى واجهها فى هذه الرحلة هو جهل المجتمع بالتوحد، وتقول "رحلتى مع إياد بدأت فى عام 2005 تقريبًا، لم يكن التوحد منتشرًا ولا معروفًا مثل الآن، وحتى الأطباء كل واحد منهم بكلمة، وعندما قرأت وبحثت وجدت أن المنظومة العلاجية فى مصر خطأ من الأساس، والبرامج هنا بدائية على عكس البرامج العلاجية فى الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً. وحتى الآن لا يزال الكثيرون يجهلون معنى التوحد ويسألوننى عن معناه بعد أن أصدرت روايتى".
 
غلاف الرواية
غلاف الرواية
 
"ريسيتال" هو الاسم الذى اختارته "شيرين" لروايتها وهو"حفل موسيقى يقام بآلة واحدة فقط" رأته معبرًا جدًا عن حالة التوحد وما يعيشه طفلها والآلاف غيره، وتقول إن الرواية هى دراما واقعية تدور أحداثها فى سياق اجتماعى حول طفل مصاب بالتوحد ووالدته وزوجها وابنتهم الصغرى بالإضافة إلى خالة الطفل التى تعيش معهم بعد انفصالها. مشيرة إلى أنها أوضحت جميع أعراض مرض التوحد فى الرواية وكم المخاطر والمعاناة التى يعيشها الطفل المتوحد وأسرته بدقة شديدة، بالإضافة إلى رحلة العلاج الطويلة فى مراكز إعادة تأهيل الأطفال والعلاج السلوكى فضلاً عن الأدوية وجلسات التخليج الكهربائى.
 
سلطت "شيرين" الضوء فى روايتها أيضًا على عدم سيطرة أطفال التوحد على رغباتهم الجنسية، وأهمية جلسات التكامل الحسى لهؤلاء الأطفال للسيطرة على رغباتهم بصفة عامة. تقول "شيرين" إن الكثير من الأمهات اللائى تواصلن معها أخبرنها أنهن وجدن انفسهن فى الرواية، وأنها تعكس معاناتهن بدقة. 
 
لم يلتحق "إياد" بالمدرسة فكما تقول "شيرين": "المدارس لا تقبله لأنه لا يتكلم، وكان فى مدرسة خاصة ولكنه انقطع عنها، ولا توجد مدارس مخصصة للتوحد فى مصر، وفى الوقت نفسه الدمج ليس فكرة مناسبة لهم".
 
ورغم أن "شيرين" تنصح كل أم تخوض الرحلة من بدايتها بأن الرضا هو الشعور الأهم الذى يجب ان تتحلى به كى لا تيأس وتكمل الرحلة إلا إنها تعترف: "بصراحة حتى الآن أحيانًا أيأس خاصة عندما أرى أولادًا فى سن ابنى أصبحوا رجال، لكننى أحمد الله سريعًا".
 
توصى شيرين الأمهات فى هذه التجربة بألا يهملن اطفالهن وأن يحرصن على علاجهم وتعاملهن كأطفال طبيعيين لأنهم شديدو الحساسية. وتشير إلى أن الأب يلعب دورًا كبيرًا فى توفير الاستقرار النفسى للطفل المتوحد، ومساندة الأم وتقول "الأم وحدها تموت، الأب والأم يجب أن يكملا بعضهما فى هذه الرحلة فالمسؤولية ليست هينة".
 

"إيمان" أهلت طفلها بنفسها لأن 80% من المراكز تهدف للربح والشهرة

 
دوامة كبيرة من الشائعات والاختبارات للسمع والنظر والتحاليل ابتلعت "إيمان مختار" بعد 10 شهور من ولادتها لطفلها الأول "مؤمن" حين لاحظت أنه ليس طبيعيًا كباقى الأطفال، ومع الوقت بدأت تظهر سمات التوحد من تكرار لحركات عصبية و"رفرفة" وهو فى عمر عامين ونصف، ثم تم تشخصيه بالتوحد وهو فى سن 3 سنوات.
 
10 أعوام مضت منذ تشخيص "مؤمن" بالتوحد وحتى الآن وتقول "إيمان" لـ"اليوم السابع": "وقتها كانت الدراسات عن التوحد فى مصر فى البداية، لم تكن تطورت كالآن، وتضاربت الأقوال حول تشخيصه حتى شاهدت برنامجًا تسجيليًا عن أحد مراكز تأهيل التوحد فى الخليج وبدأت أشعر بأن هناك أعراض كثيرة فى مؤمن، وكنت وقتها أصطحبه لجلسات علاج طبيعى لأنه لم يكن يمشى وعنده ضمور متوسط فى عضلة السمانة والحمد لله مشى وهو 4 سنوات"، تستطرد "تحدثت مع أخصائية العلاج الطبيعى عن حالته فقالت لى إنه من الممكن أن يكون توحد، وراسلت أستاذة داليا سليمان رئيسة جمعية أطفال التوحد فى مصر وهى أكدت لى حالته وطلبت منى أن أذهب إليها ولكننى للأسف من الإسكندرية فلم أتمكن من ذلك".
 
بعد التشخيص بالتوحد بدأت رحلة "إيمان" على المراكز المتخصصة وتقول "لحد اللحظة دى فى تضارب فى التشخيص للأسف لكن أنا فى كل الحالات متقبلة وضعه كده".
 
عملت "إيمان" بنفسها مع مؤمن بعد أن تعرضت للنصب أكثر من مرة فى المراكز التى تدعى أنها تعالج التوحد وتقول " للأسف 80% من المراكز فى مصر، وفى الإسكندرية خصوصًا قائمة على فكرة المكسب المادى والشهرة... ولا يوجد شغل حقيقى قائم على علم أكاديمى".
 
لم يلتحق "مؤمن" بالمدرسة، وهو الآن فى الثالثة عشرة من عمره، وتقول "لم يدخل مدرسة للأسف لأن التواصل عنده غير موجود نهائى لأنه عنده درجة التوحد عالية. للأسف كان نفسى يكون درجة بسيطة عشان أخوض معاه تجربة المدرسة دى، وأنا على ما ابتديت أمشى الطريق الصح كان سنه كبر وكانت تجربتى فى المراكز سيئة فقررت أخليه ياخد جلساته فى البيت".
 
طفل متوحد ـ صورة أرشيفية
طفل متوحد 
 
بفرحة مشوبة بالفخر تقول "إيمان": "هو الحمد لله أحسن حسيًا لأنه كان عنده اضطراب حواس فظيع وبيتضايق ويصرخ من الضجيج والصوت العالى، حاليًا تأهل وتحسن كتير وبقى ينزل السوق والمولات كمان"، تضيف "هو لا يفتقد إلا التواصل وحاولت معاه فى التخاطب ورفض جدًا".
 
فى الفترة الحالية تحاول "إيمان" أن تعلمه رعاية الذات وتقول "مهاراته اليدوية الدقيقة حرمته من رعاية الذات بدرى، فحاليًا بعمل معاه كورس تغيير هدوم والدش لوحده"، وتوضح "هو بيستخدم إيده ككل لكن فتح الزراير والسوستة وعدل الياقة دى عايزة دقة هو يفتقدها".
 

فريدة: 19 عامًا مع التوحد وأسست جميعة لأمهات التوحد 

 
قبل 19 عامًا بدأت رحلة "فريدة الشيخ" وابنها "ادهم" مع التوحد بعد تخطيه عامه الأول بـ 3 أشهر وتقول "كان دايمًا قاعد لوحده وهادى جدًا فعرضناه على طبيب مخ وأعصاب قالنا إن فى حاجة اسمها توحد.. ودى كانت أول مرة فى حياتى أسمع عن حاجة اسمها توحد".
 
قررت "فريدة" وزوجها أن يحصلا على المساعدة المهنية لطفلهما وكانت النتيجة "بعنا بيتنا وعربيتنا وهدومنا عشان بس نقدر نتواصل معاه، وفى الآخر، لما وصل 8 سنوات، قالوا لنا مع السلامة فلوسكوا خلصت".
 
 
السيدة فريدة الشيخ وجمعية أمهات التوحد
السيدة فريدة الشيخ وجمعية أمهات التوحد
توضح: "كان فى نصب كبير فى الموضوع، كل شوية نسمع عن مدارس لذوى الاحتياجات الخاصة، أو حضانة ونوديه ليها، لكن هم ما بيعملوش أى حاجة وما بيعرفوش يتعاملوا معاه أصلاً، وإحنا بندفع إحنا كنا مستعدين نعمل أى حاجة على أمل يبقى أحسن".
 
بعد أن أنفقا كل ما يملكان على محاولة إلحاقه بمدرسة وتعليمه بشكل مهنى لم تجد "فريدة" أمامها إلا أن تتعامل معه بفطرة الأم وتقول "قعدنا بيه فى البيت، بدأنا نربيه ونعلمه كطفل عادى بفطرة الأم، ولما دخل الإنترنت مصر بدأت اقرأ على الإنترنت عن الموضوع واتعلم منها، وبدأنا نتعامل معاه وهو يعلم نفسه بنفسه، ودلوقتى اتعلم يكتب عربى وإنجليزى على الكمبيوتر، وبقى عبقرى فى الكمبيوتر كمان".
 
لم تكتفِ فريدة بنجاحها مع ابنها وإنما دفعتها التجربة وما واجهته من تحديات إلى أن تؤسس جمعية أمهات التوحد وأطلقت حملة "عاوزة حق ابنى التوحدى" فى الإسكندرية من أجل مساعدة غيرها من الأسر التى تخوض التجربة نفسها وتحلم بمؤسسة شاملة لرعاية الأطفال المتوحدين تشبه مستشفى سرطان الأطفال لإجراء كل الفحوصات لأطفال التوحد فى مكان واحد بالمجان، وتوفير العلاج الذى يحتاجونه ويكلف الأسر الكثير.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة