ترصد "اليوم السابع"، الإجراءات التى اتخذتها جامعة القاهرة لكسر شوكة طلاب الإخوان واختفاء وجودهم بها، فاستقر العديد من أعضاء هيئة التدريس والمسئولين بالجامعة على أن هناك عدة عوامل عملت معا لإنجاز هذه المهمة الصعبة، وأن من بين هذه العوامل: "استرداد هيبة الدولة ووضوح الرؤية بعد 30 يونيو، وملئ الفراغ بين الطلاب والإدارة بالأنشطة المختلفة والموسم الثقافى الذى تبنته الجامعة والإجراءات القانونية ضد الطلاب المخربين، ومنع التحاق طلاب الأزهر بكلية دار العلوم".
وعظم الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، من فعالية قرار منع التحاق طلاب الثانوية الأزهرية بكلية دار العلوم بالجامعة، فى كسر شوكة طلاب الإخوان داخل الجامعة، مبررا ذلك بأن أغلب قيادات الحركة الطلابية لجماعة الإخوان كانوا من بين هؤلاء الطلاب الملتحقين بدار العلوم.
وكانت كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، تقبل 200 طالب من خريجى الثانوية الأزهرية كل عام، إلى أن قرر الدكتور جابر نصار، إلغاء هذا الأمر خلال عام 2014 بعد أن كانت قيادات العمل الطلابى، من طلاب كلية دار العلوم، تقود معظم المظاهرات التى انطلقت خلال هذه الفترة ضد الحكومة والدولة المصرية.
إنقاذ الجامعة من الأزهريين
وقال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، إن منع الطلاب الأزهريين من الالتحاق بكلية دار العلوم، لم يكن قرار عاديا وإنما هدف لإنقاذ جامعة القاهرة، مضيفا: "العرف الفاسد الذى كان يتيح لطلاب الثانوية الأزهرية الالتحاق بجدار العلوم لا أساس قانونى له لأنه المفترض أن طالب الثانوية الأزهرية لا يدخل إلا جامعة الأزهر".
وتابع نصار، أن جامعة الأزهر لا تقبل طلبة الثانوية العامة، وعليه لابد ألا تقبل الجامعات الحكومية أى من طلاب الثانوية الأزهرية، مؤكدا أن هذا العرف كان الذى يطبق دون نص وهو دخول مجموعات من الطلبة الأزهريىن يصل عددهم من 200 لـ 300 طالب بكلية دار العلوم، قائلا: "كانت دراستهم مختلفة والخلفية الثقافية مختلفة وكانوا يؤثرون على فكرة تميز دراسات دار العلوم باعتبارها دراسات منفتحة تجمع بين الشريعة والتاريخ الإسلامى والشعر واللغة والفلسفة وهى دراسة مختلفة ومتميزة عن دراسة الأزهر".
واستكمل نصار، أن جامعة القاهرة طبقت صحيح القانون بمنع هؤلاء الطلاب من الالتحاق بكلية دار العلوم، مؤكدا أن تركيبة الطالب الأزهرى بحسب الدراسة فى المعاهد الأزهرية التى يسيطر عليها الفكر السلفى هى أكثر ميلا إلى الإنطواء تحت لواء الجماعات المتطرفة، قائلا: "كان واضح للغاية فى حالة جامعة الأزهر وهو ما يستدعى ضرورة إصلاح الثانوية الأزهرية من الأساس".
وأشار نصار، إلى أنه لم ولن يتهاون لحظة واحدة فى الوصول لأى طالب يعانى من مشكلة ما ومساعدته على حل هذه المشكلة فى أى وقت وأى مكان، مؤكدا أن ملئ هذا الفراغ ساعد فى إعادة الطلاب لحضن الوطن وعدم تركهم فريسة تتخطفها التيارات المتطرفة، مؤكدا أن تفعيل الإجراءات القانونية ضد الطلاب المخربين ساعد كثيرا فى هذا الأمر، وكذلك الأنشطة الطلابية ومكونات الموسم الثقافى التى تدفع الطلاب الآن للتدافع والزحام وتحمل المشقة للوصول للقبة وحضور الفعاليات المختلفة بدلا من التقارب مع أصحاب اليأس.
استرداد الدولة لهيبتها ووضوح الرؤية
وأكد الدكتور عبد المنعم زمزم، وكيل كلية الحقوق لشئون التعليم والطلاب، أنه كان هناك منظومة متكاملة عملت معا لمواجهة الإخوان وغيرهم من أصحاب الفكر المتطرف، مشيرا إلى أن هذه المنظومة تكونت من مجموعة عوامل أولها استرداد الدولة لهيبتها ووضوح الرؤية، إذ أن الحياة كانت ضبابية بعد ثورة يناير وكانت الأمور مختلطة.
وأضاف زمزم، أنه لم يكن واضحا من هم الحارصين على مصلحة البلد ومن يتاجرون بها، قائلا: "المواجهة القانونية والأمنية والفكرية كانت متشابكة والجامعة قامت بدورها فى المواجهة القانونية والفكرية وملأت الفراغ الذى كان يستغله الإخوان"، مستشهدا بالقول المأثور: "املأ الزجاجة ماء يخرج منها الهواء".
وأشار، إلى أن الموسم الثقافى كان ثريا للغاية وكان هناك شخصيات فكرية قوية، وأن هذه اللقاءات والأنشطة الطلابية والفنية المختلفة، أدت إلى انفصال الطلاب عن التيارات الدينية المخربة تدريجيا، مؤكدا أن تطبيق أحكام القانون وفصل الطلاب المخربين بقرار مباشر من رئيس الجامعة تم استبعادهم لعدم استجابتهم،، قائلا: "ما حدث كان منظومة متكاملة الأركان وصلت بنا لما هو موجود الآن من استقرار وعملية تعليمية قوية".
من جانبه، قال الدكتور علاء رأفت، عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، إن ما تم اتخاذه من قرارات تمنع التحاق طلاب الأزهر بكلية دار العلوم هى معاملة بالمثل، قائلا: "هم لا يقبلون طلاب الثانوية العامة ونحن غيرنا اللائحة وعاملناهم بالمثل، فكانت قرارات دار العلم معاملة بالمثل والثقافة الآن متوحدة فى دار العلوم تقبل طلاب الثانوية العامة بثقافة واحدة وليست ثقافات مختلفة وخلفية واحدة بعيدة عن الخلفيات الأخرى التى قد تكون ورائها أديدلوجيات معينة حفاظا على هوية الكلية".
وأوضح رأفت، أن طلبة الإخوان فى الكلية لا صوت لهم ولا وجود لهم ولا توجد أى مشكلات تفجرها الحركة الطلابية التابعة لهم، مشيرا إلى أن الكلية أصبحت من أول يوم تستقبل الطلاب الجدد ولا يستقطب الطلاب من جهات أخرى لاهتمام الكلية والجامعة بالأنشطة الطلابية، مؤكدا أن قرار إعادة النظر فى المناهج التى تحارب أى وجهات نظر أخرى والاهتمام بالأنشطة المختلفة التى لم تكن موجودة من قبل، جعل الطلاب يفرغون طاقاتهم فى الأنشطة المختلفة "جولة، رياضية، فنية، تثقيفية، وغيرها" وأصبحت هناك رقابة قوية للحفاظ على الطلاب من أن تتخطفهم توجهات مختلفة إخوانية أو غيرها.
اليأس العام يضرب الشباب
من جانبه، خرج الدكتور هانى الحسينى، العضو المؤسس بحركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات عن النص عندما أكد أن القرار السابق ذكره قد يكون دخل كعامل فى كسر شوكة الإخوان بالجامعة، مؤكدا أن العامل الرئيسى لخلو كل الجامعات من مظاهرات، هو حالة اليأس العام لدى الشباب، مشيرا إلى أن المظاهرات لم تكن إخوانية فقط ولكن كان الإخوان يستفيدون منها وكان هناك حالة غضب حينها.
وأضاف الحسينى: "الآن لا أعتقد أن هناك علاقة عكسية بين اهتمام الطلبة بالفن ومشاركتهم فى الأحداث السياسية، لأنه كلما كان الطالب مهتما بالأشياء العامة مثل الفن كلما كانت مشاركته أكثر فى العمل السياسى".
وأشار الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إلى أن طالب لأزهر له منافذ كثيرة فى كليات الأزهر المختلفة، مشيرا إلى ان جامعة الأزهر بها حوالى 70 كلية فى البكالوريوس والدراسات العليا، وأن طبيعة الدراسة فيها تجعل من الأفضل تخصيص كلية دار العلوم لطلاب الثانوية العامة؛ لأن هناك فرص كثيرة لطلاب جامعة الأزهر فى كلياتهم بالقاهرة والأقاليم.
وأوضح علم الدين، أن عدد كبير من طلاب الأهر من الأقاليم ومن الأفضل تسكينهم فى محافظاتهم لتقليل الاغتراب، قائلا: "فترة 2013 وما قبلها كان هناك حالة من الفوضى الإعلامية والضباب السياسى، والبعض كان يغطى مشهد المظاهرات بحسن نية والبعض انتبه لدور الإخوان من البداية وتراوحت التغطيات بين واحدة مشجعة للإخوان فى السياسة وفئات أخرى ووسائل إعلام وطنية أخرى كانت مستشرفة من البداية أن هناك جذور إرهابية فى صفوف الإخوان".
واستكمل، أن وسائل الإعلام التى كانت تحارب الإخوان من البداية أخدت موقفا منها ورأت أن هناك نية لإسقاط الدولة، قائلأ: "ربما كان هناك رؤية رمادية ما بين التيارين السابقين لكن التيار الثانى الذى كشف الإخوان حتى تم إسقاطهم".
ملء الفراغ بالفن والإبداع
وأكد الدكتور طارق سمير، أستاذ ورئيس قسم التربية الموسيقية بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة، أن كسر شوكة الإخوان فى جامعة القاهرة، جاء لأسباب كثيرة أولها تعظيم دور الموسيقى والأعمال والأنشطة الفنية بالجامعة، قائلا: "لم نستطع المشاركة فى مسابقة إبداع رقم 1 بسبب الإخوان، وأيامهم لم أعمل لمدة 3 سنوات، والدولة قدمت عوامل كثيرة لكسر شوكة الإخوان إضافة إلى الفعاليات التى تنظمها الجامعة والحياة الفنية رجعت بكامل أشكالها وأقوى من ذى قبل".
وأضاف، أن جامعة القاهرة عادت متألقة وبشكل لامع وهناك العديد من الطلاب مشاركون فى الأنشطة الفنية، مشيرا إلى أن هناك 500 ممثل بين الطلاب فى المسرح فقط، وهناك العديد من الطلاب مشاركون فى أعمال الموسيقى والكورال والتربية الفنية والفنون الشعبية، قائلا: "كان عندنا 6 طالبات فنون شعبية فى الجامعة، الآن أصبحوا 33 طالبة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة