وائل السمرى

يا وجع القصبجى

الجمعة، 31 مارس 2017 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائمًا ما تهزمنى ملامح الشقاء هذه، وجه حاد وطيب، أليف وعفوف، رأس صغير، وعين مكسورة على لمعانها، لم أرَ له صورة واحدة يكسوها الابتسام، ولم أسمع له ضحكة، لكن أعرف جيدًا تلك اليد التى تمسك بزند العود وكأنها روح تعانق روح، تسجنه عيون الناس وتحرره الأوتار، يجحده الجفاء والنكران، وتكرمه المقامات الموسيقية، يتنكر له الجميع وتقدسه الموسيقى العربية، لم يعلن عن نفسه قط، ولم يسوق لنفسه قط، لكن أعلنت عنه القلوب، وساقت ألحانه الوجدان، هو أستاذ الأساتذة، لكن عاش عيشة عابرة ومات دون جلبة، فلم تكن له عائلة كبيرة لتعتنى به، ولم يكن من السائرين فى ركاب الحكام ليؤسسوا له المنشآت ويكتبوا اسمه بماء الذهب، هو عمل فحسب، وأخلص فحسب، وتفانى فحسب، فجهله الجاهلون، وقدسه العارفون، ولقد حاولت مرارًا أن أشعر بما شعر، أن أتخيل إحساسه بغدر الزمان، أن أقترب من ملامسة آلامه اليومية، ولما عجزت عن تخيل هذا الوجع، صار وجعه بالنسبة لى من المشاعر المطلقة التى لا يقدر على تقديرها أحد، فصرت كلما رأيت غدرا، أو كلما رأيت جحودًا من المجتمع على أحد أخلص أبنائه أقول «يا وجع القصبجى».
 
هو محمد على القصبجى، الذى تحل ذكرى ميلاده الـ 125 فى 15 إبريل المقبل، وهو رائد التجديد الموسيقى فى مصر والعالم العربى ويكفى أن تعرف أنه هو الذى علم أكبر الموسيقيين فى تاريخنا، فمن تلامذته محمد عبد الوهاب، ومن تلامذته فريد الأطرش، ومن تلامذته رياض السنباطى، فكل واحد من هؤلاء أمة موسيقية مستقلة بذاتها، وكل واحد من هؤلاء أسهم فى صناعة وجدان العالم العربى، وهو أول من أدخل علم الهارمونى فى الموسيقى الشرقية، وهو أيضًا من أحدث طفرة فى العزف على آلة العود كما أسهم فى تطوير صناعتها بشكل غير مسبوق، لكنه مع هذا ختم حياته عازفًا فحسب، يجلس وراء أم كلثوم ليؤدى ألحان تلامذته سعيًا وراء «أكل العيش».
 
لو كان القصبجى يمتلك ذكاء عبد الوهاب، أو كاريزما رياض السنباطى أو حيلة فريد الأطرش لصار حاله غير الذى صار إليه، لكنه كان مكتفيًا بآلامه محتضنًا أنغامه، أفكر كثيرًا: من الذى خسر بعد أن تملك الإحباط منه هو أم المجتمع؟ وأجيب على الفور، المجتمع بالطبع، فلو تنبهت الدولة إلى تلك القيمة التى يبددها الإحباط لأنقذته منه وجعلت منه أيقونة موسيقية تخرج أجيالًا بعد أجيال من العلماء الموسيقيين مثله، لكنها للأسف لم تنتبه، ولهذا انقطع العلم وغفلت مصر عن دورها الرائد فى التطوير الموسيقى بعد وفاة الجيل الذى تعلم على يده، فيا خسارة مصر، ويا وجع القصبجى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

نشات رشدي منصور --- استراليا.

اضافة. بسيطة. لمقال الاستاذ --- وائل. السمري بخصوص. الموسيقار. محمد. القصبجي

علي. الرغم. من ان. المرحوم. الموسيقار محمد القصبجي. لم. ينل. قسطا. وافرا. من. التعليم. وكانت وظيفته. متواضعة. في. هيئة. السكك. الحديدية. "". عامل. فلنكات. "" الا انه. كان. موهوبا. بطبيعته. وقد تكون أصوات. القطارات. أعطته. احلي. النغمات. التي. بني. عليها. احلي. الألحان. الرائعة. ... انني. ما. زلت. وحتي. وقتنا. هذا. مفتون. بلحن. """"". هجرتك. """"". الذي. شدت. به. ام كلثوم. وكذلك. لحن. دخلت. في. مرة. جنينة. للمرحومة. اسمهان. ذات. الصوت. الاوبرالي. الفريد كما انه. تبن. العديد. من. الأصوات. في. بدايات. حياتها. الفنية. وحققت. شهرتها. علي. يديه. فقد. كان عبقريا. وإنسانا. بسيطا. يحمل. عوده. من خلال. الفرقة. الماسية. .. رحم. الله. كل. من. قدم. للفن. ولو. اي قدر. من. موهبته. بإخلاص لأسعاد. الاخرين. .. زمن. الفن. الجميل. وليس. زمن. """ فتح. الحنك. "" واهو. كله. غني. ومغني. واللي. مش. عاجبه يذهب لأي. قسم. بوليس. ويتقدم. ببلاغ. ..

عدد الردود 0

بواسطة:

نقيب ناصر

الذكاء والكارزما والحيلة

الكل على علم بذكاء الموسيقار عبد الوهاب وكارزما الموسيقار السنباطي. ولكن لم يسبق ان سمعنا عن حيلة الموسيقار فريد الطرش. حيث انه مشهور عن الأستاذ فريد طيبته المفرطة وتواضعه الشديد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة