3 ساعات كافية لأن تعرف كيف يصل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى هذه الأرقام التى يعلنها ونتابعها وننتظرها، فما يصلنا من تقارير إحصائية تقف خلفها جهد كبير وعقول مدربة على أعلى مستوى، لكى تكون الأرقام دقيقة.
أمس الأحد، شاركت فى اللقاء الذى دعا إليه اللواء أبو بكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء، عدداً من رؤساء التحرير وكبار الكتاب والصحفيين، ليطلعهم على آلية العمل داخل الجهاز، وكيف تتم عملية "تعداد مصر2017"، التى إنطلقت فى الأول من فبراير الماضى، وتنتهى اليوم الاثنين، وبعد شرح كامل ووافى من اللواء أبو بكر ومساعدين له ، جلسنا لأكثر من نصف ساعة داخل الغرفة المركزية لتعداد مصر 2017 ، التى تدار بشكل علمى وحديث، وملئ بالنشاط الشبابى ، فداخل هذه الغرفة الموجودة فى الدور الأول ويعمل بها 30 شخص، تصل كل الأرقام والبيانات التى يجمعها المندوبين المنتشرين فى 27 محافظة، وبداخلها شاشات عرض كبيرة يتم تحديثها تلقائياً بما يصلها من أرقام جديدة ، ووقوفك أمام هذه الشاشة كفيل بأن تكون مطلعاً على أحدث الأرقام والبيانات الخاصة بتعداد مصر الخاص بالسكان والإسكان والمنشأت ، وهذه الشاشات محملة ببرامج عليها خريطة إلكترونية لمصر، تدخل من خلالها على أى منطقة تريدها على مستوى الجمهورية لتصل إلى ما تريده من أرقام وأحصائيات.

وعلى أحد هذه الشاشات تعرض خريطة رقمية لجمهورية مصر العربية، الهدف منها الوصول إلى برنامج " الرقم التنظيمى للخدمات"، ولهذا البرنامج قصة أخرى، فهو من إعداد فريق مصرى، تشرف عليه المهندسة المصرية " منة الله " خريجة هندسة عين شمس، وتعمل فى الجهاز منذ عام 2006 ، وهذا البرنامج يهدف فى نهاية المطاف إلى وضع رقم كودى لكل وحدة ومنشأة على مستوى الجمهورية .

داخل الغرفة يتم تحديث البيانات الجغرافية بشكل دورى لإنتاج أول خريطة رقمية لمصر، حيث يعمل على هذا الجهد حالياً 1200 باحث جغرافى، مهمتهم استكمال الخريطة وترقيم الوحدات السكنية والمنشأت.

ربما يتعجب البعض حينما يعلم أن تاريخ مصر مع الأحصاء لم يكن مرتبط بإنشاء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء بشكله الحالى، فمصر لها تاريخ طويل مع هذا الأمر، فأول مكتب إحصائى فى مصر كان عام 1878، وتحول إلى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء عام 1964، وكان الجهاز من أوائل المؤسسات المصرية استخداماً للكمبيوتر، فى أواخر الستينات، فداخل قاعة IBM كان يقبع جهازين للكمبيوتر بحجم الغرفة بالكامل، لكن الأن الوضع تغير، فالتكنولوجيا الحديثة هى السائدة، حتى فى "تعداد مصر 2017"، تم توزيع تابليت على المتعاقدين مع الجهاز للقيام بالمهمة المكلفين بها .

حسابيا يتبع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء 46 مكتب فى المحافظات الـ27، بينهم 31 مكتب رئيسى و15 مندوبية ، وقبل أن تدخل مقر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء كان يساورنا الشك فى أن تكون كل الأحصائيات والأرقام متاحة للجميع، فبعضنا ظن أن هناك أرقام يتم حجبها عن المواطنيين، لكن اللواء أبو بكر الجندى قضى على هذه الشكوك ، وأكد لنا نظرياً وعملياً أن بيانات الجهاز متاحة للجميع سواء من خلال البوابة الإلكترونية أو النشرات والبيانات التى تصدر بشكل دورى، مؤكداً ذلك بقوله " نحن جهاز مستقل ولا نعمل مطلقاً بالتعليمات".

ربما يكون مفيد أن نعرف طبيعة الأشخاص المؤتمنين على إحصائيات وأرقام مصر، فوفقاً لـ " اللواء أبو بكر" فإن ن التخصصات المطلوبة للعمل فى الجهاز محصوره فى 5 ، وهم خريجى علوم رياضة، واقتصاد وعلوم سياسية، وتجارة إحصاء الموجودة فى جامعات بنها وحلوان والأزهر، وهندسة حاسبات ومعلومات، واداب جغرافيا"، ولزيادة خبراتهم وعلمهم يتم تشجيع العاملين على زيادة التحصيل العلمى من خلال التسجيل فى الدراسات العليا، حيث شهد 2016 تسجيل 168 من العاملين فى الجهاز فى الدراسات العليا، فضلاً عن 196 مشاركة خارجية فى دورات تدريبة ومؤتمرات، كذلك فإن 10من العاملين بالجهاز يحصلون كل عامين على منح للدراسات العليا فى جامعة السوربون بفرنسا.

عودة إلى تعداد 2017 فهو يمثل نقلة نوعية لأنه تحول إلى منظومة الكترونية كاملة، بعدما كان يتم فى الماضى بالطرق التقليدية، لكن اليوم كل شئ يتم الكترونيا، ويكفى أن نعلم أن هناك مليون و309 ألف أسرة طلبوا تسجيل بياناتهم ذاتياً عن طريق الموقع الإلكترونى.
ولتطبيق العمل الإلكترونى فى تعداد 2017 قال اللواء أبو بكر الجندى أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء اشترى 46 ألف تابليت "صناعة مصرية"، تم توزيعهم على مندوبى التعداد فى المحافظات، ليقوموا بعمليات الإدخال الكترونيا ، ويتم متابعة ذلك من خلال غرفة العمليات الموجودة فى القاهرة، التى تتولى تجميع المدخلات وتحليلها إستعداداً للإعلان عن نتائج التعداد رسمياً فى أغسطس المقبل.
الجندى أشار أيضاً إلى أن عملية التعداد تتم كل 10أعوام، كان آخرها تعداد 2006 الذى تم بالأسلوب التقليدى الذى كان يقوم على جمع البيانات من خلال المقابلات بإستخدام الإستمارات الورقية، مؤكداً التزام مصر فى إجراء التعدادات بالمبادئ والتوصيات الدولية الصادرة عن اللجنة الأحصائية للأمم المتحدة، والتى كان أخرها التنقيح الثالث الصادر فى 2015 دورة تعدادات السكان 2020، لافتاً إلى أن عملية التعداد يقوم عليها 40 ألف و788 شخص، موزعين ما بين منسق ومراقب ومفتش ومعاون ومعاون مساعد، وتمرعملية التعداد بمراحل مختلفة قبل الإعلان الرسمى عن الأرقام النهائية فى أغسطس المقبل.

وأشار الجندى إلى أن تعداد مصر 2017 يشمل البيانات الديموجرافية والإقتصادية والاجتماعية، لجميع الأفراد سواء كانوا مصريين أو اجانب مقيمين على الأراضى المصرية، لكنه لا يتعرض لحصر المصريين الموجودين خارج الحدود المصرية، موضحاً أنه يتم حصر كافة الأسر والأفراد الموجودين وفقاً لأساس محل الإقامة المعتاد، وقال أنه جرى أيضاً استخدام الخرائط الجغرافية الرقمية المحدثة لجميع المناطق الحضرية والريفية لضمان الدقة والتغطية الشاملة، لافتاً إلى أن الخرائط الإلكترونية ستصل إلى مرحلة "الرقم الإلكترونى"، والتى تعنى ترقيم الوحدات السكنية والمنشأت فى مصر، حتى يكون لكل منها رقم خاص يسمى "الرقم التنظيمى للخدمات"، سيستخدم كرقم مرجعى لتنظيم وتقييم ومتابعة الخدمات المحلية الحكومية، ويتميز هذا الرقم بأنه ثابت لكل وحدة ومرتبط بالموقع الجغرافى الذى لا يتغير مع تغيير الحدود الإدارية.