أكرم القصاص - علا الشافعي

المفكر الكبير "السيد ياسين" يرحل عن عالمنا.. انضم للإخوان فى شبابه قبل أن يتركهم ويمضى أغلب حياته فى معارك معهم.. أهم من كتب عن "علم الاجتماع السياسى" فى مصر.. ورئيس "مركز الأهرام للدراسات" 19 عاما

الأحد، 19 مارس 2017 03:05 م
 المفكر الكبير "السيد ياسين" يرحل عن عالمنا.. انضم للإخوان فى شبابه قبل أن يتركهم ويمضى أغلب حياته فى معارك معهم.. أهم من كتب عن "علم الاجتماع السياسى" فى مصر.. ورئيس "مركز الأهرام للدراسات" 19 عاما المفكر الكبير السيد ياسين
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

 

رحل عن عالمنا صباح اليوم، واحد من أهم مفكرى مصر فى العصر الحديث، السيد ياسين، مدير المركز العربى للبحوث والدراسات، بعد صراع طويل مع المرض، ليفقد المجتمع العلمى والثقافى فى مصر، أحد أبرز وجوهه .

 

فى حى راغب باشا أحد الأحياء الفقيرة فى الإسكندرية وفى عام 1919 حين كانت مصر تموج بغليان غير مسبوق فى مواجهة الاستعمار الإنجليزى، ولد السيد ياسين، المفكر المصرى الذى ستموج حياته بغليان فكرى غير مسبوق، سيكون نتاجه الفكرى والأدبى تراثا يبقى لأجيال القادمة.

 

فى بدايات حياته اهتم السيد ياسين بالأدب، وكان مولعا حينها بالشاعر والأديب الأمريكى "ت.س.إيليوت"، واستطاع أن يجمع حوله مجموعة من محبى الأدب، والذين كانوا يجتمعون فى منزله بحى راغب لمناقشة الأعمال الأدبية، ومن باب الأدب خاض السيد ياسين طريقه إلى الفكر والفلسفة، فسرعان ما تحولت كتاباته الأدبية إلى خواطر وتأملات وتفكير.

 

عام 1950 شهدت حياة السيد ياسين تحولا خطيرا، إذ انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ورغم المسار الخطير الذى اتخذه بهذه الخطوة، إلا أنها مكنته من الإطلاع على جانب فكرى لم يطلع عليه كثير من نظرائه، فدرس القرآن الكريم، والحديث، وطالع عددا من كتابات المعاصرين ، أمثال أبى الحسن الندوى، والشيخ الغزالى، وتعرف حينها على معلم أزهرى ضرير، سرعان ما نمت صداقتهما حتى صار قارئه، فقرأ كل المقررات الأزهرية،ثم تخرج من مدرسة الدعاة خطيبا معتمدا، وبدأ فى ممارسة الخطابة فى الإسكندرية.

 

وسرعان ما بدأ الجفاء بينه وبين الإخوان المسلمين، إذ بدأ فى النضوج فكريا، وتميزت تلك المرحلة من حياته بكثرة الإطلاع، كما انضم إلى كلية الحقوق، وسرعان ما اكتشف عالم طه حسين، وانكب على دراسة الحقوق التى يقول إنه دخلها بالصدفة، بعد أن نجح بمعجزة فى الثانوية العامة، وتأثر بكتابات الدكتور حسن صادق المرصفاوى أستاذ القانون الجنائى، ذلك الرجل الذى تعرف من خلاله على أصول البحث العلمى، وساعده فى كتابة أول بحث له تم توزيعه على جمعية الأبحاث الجنائية.

لكن الفترة التى قضاها السيد ياسين فى بدايات شبابه عضوا بجماعة الإخوان، كشفت له زيف تلك الجماعة، التى أمضى بقية حياته محاربا بقلمه ضدها، مظهرا لتناقضاتها وهشاشتها الفكرية، وفاضحا تاريخها الدموى الذى رآه رأى العين.

 

الحظ ابتسم للسيد يس والذى لم يرد أن يصبح محاميا، حين أعلن المعهد القومى للبحوث عن حاجته إلى باحثين من خريجى الحقوق والآداب، واستطاع السيد ياسين اجتياز الإختبارات ليكون الأول على 300 شخص تقدموا للاختبارات، وهو المركز الذى سيمضى فيه 18 عاما.

 

سافر السيد ياسين إلى فرنسا لإعداد رسالة الدكتوراة فى القانون، لكنه مل من القانون بعد عام ونصف، ليجد نفسه راغبا فى دراسة علم الاجتماع، ذلك العلم الذى قال إنه جذبه بشدة حتى قال لنفسه "فلتذهب الدكتوراة إلى الجحيم"، ليبدأ السيد ياسين رحلته الطويلة فى علم الاجتماع السياسى.

عاد يس إلى القاهرة عام 1967، ليجد الفشل والنكسة والهزيمة فى انتظاره، وعاش مع كل المصريين تلك اللحظات العصيبة، لكنها كانت حافزا لدراسة المجتمع الإسرائيلى بشكل علمى، فانضم إلى معهد  الدراسات الفلسطينية والصهيونية بجريدة الأهرام عام 1968، وفى عام 1975 أصبح هذا المعهد مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وكان السيد ياسين رئيسه منذ تأسيسه وحتى عام 1994.

بعد أن ترك إدارة مركز الأهرام، عمل السيد ياسين متفرغا بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ، وأصدر يس عدد من المؤلفات الهامة فى علم الاجتماع، من بينها أسس البحث الاجتماعى، دراسات في السلوك الإجرامى، الشخصية العربية بين تصور الذات ومفهوم الآخر، مصر بين الأزمة والنهضة، تحليل مفهوم الفكر القومى، السياسة الجنائية المعاصرة، وغيرها من المؤلفات الهامة.


خلال المسيرة الطويلة نال السيد ياسين العديد من الجوائز والأوسمة، من بينها وسام الاستحقاق الأردنى من الطبقة الأولى عام 1992، ووسام العلوم والفنون والآداب عام 1995، وجائزة أفضل كتاب في مجال الفكر من معرض القاهرة الدولى للكتاب 1995، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1996 ، وفي 1996، منحت الدولة جائزتها التقديرية في العلوم الاجتماعية للسيد ياسين

كما شغل السيد ياسين عضوية المجلس الأعلى للثقافة، وظلت مقالاته تزين جريدة الأهرام العريقة بشكل أسبوعى، وعدد آخر من الجرائد وشهدت فترة التسعينات والألفينات مقالات مدوية من السيد ياسين، يحذر فيها من خطر الفكر الإخوانى الذى عرفه ودرسه.

وصباح اليوم التاسع عشر من مارس، عام 2017، جف حبر قلم السيد ياسين، ليلقى ربه، بعد رحلة طويلة، وهى الرحلة التى قال عنها، "فشل هنا ونجاح هناك، لكننى أشعر تماما بالرضا، وبأن الفشل كان تحولا أكثر منه إخفاقا، وأن النجاح كان حياة أكثر منه إنجازا".

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

Kamal Farahat

كان مفكرا كالقاضى العادل

لكن الفترة التى قضاها السيد ياسين فى بدايات شبابه عضوا بجماعة الإخوان، كشفت له زيف تلك الجماعة، التى أمضى بقية حياته محاربا بقلمه ضدها، مظهرا لتناقضاتها وهشاشتها الفكرية، وفاضحا تاريخها الدموى الذى رآه رأى العين. رحمة الله عز وجل فقد كان مفكرا اجنماعيا وسياسيا ، وسيظل رغم لقائه رب العزة حيا بافكارة وتحليلاته لمشاكل المجتمع وكان فى افكارة كالقاضى العادل ولم يخشى حاكما وكان قلمه نظيفا صريحا ، فالله عبادا اخلصوا له سبحانه ونحتسبه منهم اذا شاء الله تعالى ...

عدد الردود 0

بواسطة:

الشبراوي

قيمة حقيقية

رحمة الله علي هذا المفكر الكبير بحق الذي كان قيمة فكرية هائلة ولكن لم ينظر إليها بعين الاعتبار هكذا هم مفكروك وكتابك ومثقفيك وأدبائك يامصر قيمة كبيرة يعلوها التراب. اللهم ارحمه رحمة واسعة وأدخله فسيح جناتك وادخل عليه من رحمتك ما يؤنسه إلي يوم يبعثون. آمين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة