شهدت الساحة السياسية والإعلامية الفرنسية جدلاً واسعاً إثر موافقة فرنسا على استضافة تجمع مؤيد للتعديلات الدستورية المرتقبة فى تركيا اليوم الأحد، رغم الخلافات الحالية بين أنقرة وعدد من دول الاتحاد الأوروبي؛ التى بلغت ذروتها أمس بعد منع وزيرين تركيين من زيارة هولندا للمشاركة فى فاعليات مماثلة.
وتوالت ردود الأفعال المنددة بهذا التجمع التركى بمدينة ميتز (شمال شرقى فرنسا)؛ لا سيما من قبل مرشحى الانتخابات الرئاسية الفرنسية المرتقبة بعد نحو ستة أسابيع، واعتبر مرشح اليمين للرئاسة الفرنسية فرانسوا فيون أنه كان على فرنسا التضامن مع هذه البلدان والعمل على تبنى موقف مشترك تجاه المطالبات التركية، مؤكداً أنه كان الأفضل منع هذا التجمع وإدارة هذه المسألة على نحو أفضل.
ومن جهته، وصف بيير لولوش، النائب بحزب الجمهوريون، "من غير المفهوم وغير الوارد قيام حكومات أجنبية -تنتهك المبادئ الديمقراطية (على أرضها) بحملة انتخابية لدى رعاياها فى بلداننا.
فيما قال نيكولا دوبون-إنيون مرشح الرئاسة للحزب اليمينى "انهضوا فرنسا" -فى مقابلة اليوم مع وسائل إعلام فرنسية- أنه على عار على بلاده استضافة هذا التجمع، واصفا الرئيس التركى "بالديكتاتور الذى يظهر ازدرائه و يهدد الأوروبيين..بل ويصف أنجيلا ميركل بالنازية..".
ومن جانبها، تساءلت المرشحة الرئاسية لليمين المتطرف الفرنسى مارين لوبن - على حسابها بموقع التدوينات "تويتر" - لماذا على فرنسا قبول ما ترفضه ديمقراطيات أخرى، معربة عن رفضها لأى حملات انتخابية تركية فى فرنسا.
كما اعتبر جيلبير كولار القيادى بحزب اليمين المتطرف "الجبهة الوطنية" الذى تتزعمه مارين لوبن أنه من غير المسؤول استقبال التجمع التركى فى مدينة "ميتز"؛ لا سيما بعد الخطاب الطائفى ضد فرنسا فى التجمع العام الذى جرى فى أكتوبر 2015 بستراسبورج بحضور رجب طيب أردوغان نفسه، على حد قوله.
واعتبر حزب "أوروبا الإيكولوجية الخضر" استقبال هذا التجمع يجعل فرنسا شاهدة وداعمة للانحراف السلطوى الذى تشهده تركيا حاليا، مؤكداً أن مسؤولية فرنسا والاتحاد الأوروبى لابد أن تقوم على دعم الأحزاب التقدمية".
ووصف المرشح الرئاسى اليمينى الفرنسى هنرى جيينو، الرئيس التركى بأنه "خطر على الديمقراطية والسلم فى العالم"، معتبرا أنه على دول الاتحاد الأوروبى بدءً من فرنسا التضامن مع ألمانيا وهولندا والاحتجاج لدى الحكومة التركية على اتهام ألمانيا "بالنازية"، و كذلك الحكومة الهولندية بأنها "من بقايا النازيين".
وفى المقابل، دعا وزير الخارجية الفرنسى جون مارك ايرولت، اليوم الأحد، السلطات التركية إلى التهدئة وتجنب التجاوزات والاستفزازات مع دول الاتحاد الأوروبي.
وأكد ايرولت ضرورة التحلى بالمسؤولية، فى هذه الظروف، وتجنب الجدل غير المجدي، مشددا على تمسك بلاده بمبادئ الديمقراطية، مبيناً أن جمعية (اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين) بادرت بتنظيم اجتماع فى مدينة "ميتز" بشمال شرقى فرنسا فى مكان مغلق فى إطار حرية التجمع، مشيرا إلى أنه فى ظل عدم وجود تهديد بالإخلال بالنظام العام، لم يكن هناك سبب لمنع هذا الاجتماع.
وتأتى هذه التصريحات على خلفية نشوب خلافات بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية، وهى (النمسا وألمانيا وسويسرا وهولندا)، بعد رفض حكوماتها السماح لتنظيم فعاليات سياسية دعائية على أراضيها كان من المخطط أن تجرى بمشاركة وزراء أتراك فى إطار حملة تشنها أنقرة لحث الجاليات التركية فى الدول الأجنبية للتصويت لصالح التعديلات الدستورية، التى توسع صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، فى استفتاء من المقرر عقده فى 16 أبريل القادم.