قرأت لك.. سيناريوهات الثورة والضجر والتهديد فى "كل هذا الهراء"

السبت، 11 مارس 2017 07:00 ص
قرأت لك.. سيناريوهات الثورة والضجر والتهديد فى "كل هذا الهراء" غلاف الرواية
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مثقلاً بالألم والضجر، أفرغ الكاتب الدكتور عز الدين شكرى فشير، شحنة الغضب فى روايته الأحدث "كل هذا الهراء"، والصادرة حديثًا عن دار الكرمة للنشر، فى القاهرة، مسلطًا الضوء على سنوات الثورة منذ بدايتها فى يناير 2011، وحتى عام 2016.

 

وأول هذا الهراء يتمثل فى قراره بمواجهة تهمة خدش الحياء العام، والتى سجن بسببها الكاتب أحمد ناجى، موجهًا تهديدًا ونداءً حارًا لأصحاب القلوب الضعيفة والأحاسيس الخلقية والدينية والوطنية المرهفة بـ"يحلوا عن سمائى ولا يقرأوا هذه الرواية".. "أما إذا أصر البعض على القراءة، وأصابه الخدش، ولجأ إلى القضاء الشامخ، فأنزل علينا سيف القانون، وأسكننا فسيح سجونه.. فسأنشر رواية أخرى بطلها هذا «البعض»، تنكل به مثلما لم ير فى حياته تنكيلاً، وتخلد انحطاطه بكل أبعاده، وتفضح تفاصيل هذا الانحطاط فى أرجاء المعمورة، من دون محاذير ولا اعتبار للخدوش حتى يندم على اليوم الذى حبس فيه روائيًا».

 

بعد هذا التهديد والوعيد، ينتقل الراوى العليم – الكاتب – إلى لقاء عمر فخر الدين، بأمل مفيد، هذا اللقاء العابر، والذى يستمر ليومين، فى إحدى شقق حى الزمالك، قبل سفر أمل إلى أمريكا، وبعد خروجها من السجن فى القضية المعروفة إعلاميًا بـ«التمويل الأجنبى».

 

وإذا كان محور اللقاء العابر بين عمر وأمل هو «السرير»، فإن رغبتها فى ألا تقضى آخر أيامها فى مصر وحيدة، كان سببًا لأن يفتح لها عمر أبوابًا من الحكايات السوداوية لشخصيات ارتبط بهم، فيحكى ما عرفه عنهم من خلال معايشته لهم، ومستخدمًا خياله فى بعض الحكايات لسد الثغرات، وكل تلك الحكايات بتفاصيلها وأحداثها مرتبطة بمصر والثورة سواءً قبلها أو بعدها.

 

وعبر ثمانية فصول معنونة، يسرد عمر حكاياته، مارًا على العديد من الأحداث التى ارتبطت بالثورة منذ بدايتها وقبلها ومهدت لها، وفيما بعد، مثل موقعة الجمل، وكشف العذرية، والتحرش الجنسى بالفتيات، معتمدًا فى هذه الواقعة على ما نشر فى أحد المواقع الإخبارية، وكذلك استاد بورسعيد، وفض اعتصام رابعة العدوية، وواقعة المثليين، ورد فعل المجتمع.

 

وفى كل هذه الحكايات، يسرد "عمر" ميول كل شخصية ممسكًا بتفاصيلها، وبكل ما تنتمى إليه من ظروف وملابسات وأيديولوجيات واختلاف توجهاتها وانتماءاتها، إلا أنها تشترك جميعا فى الألم والشعور بالظلم والمعاناة، وكأنه يرسم لوحة جمعت أطياف الشعب المصرى، وما تتعرض له من قهر، فى جعبة واحدة اسمها «كل هذا الهراء» تمامًا كطبيب يقدم روشتة لأسباب الداء.

 

حيوات عديدة قدمها عز الدين شكرى فشير، من خلال عمر فخر الدين، منها مازال على قيد الحياة وفقًا للسرد الروائي، وأخرى قضت نحبها وماتت معذبة، لم تتوقف الحياة عندها، وكما يقول الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش فى جداريته:

 

«وكأنَّ شيئاً لم يكن

جرحٌ طفيف فى ذراع الحاضر العَبَثيِّ...

والتاريخُ يسخر من ضحاياهُ

ومن أَبطالِهِ...

يُلْقى عليهمْ نظرةً ويمرُّ...».

وهكذا ربما يجد القارئ نفسه أمام هذه الأبيات بعدما ينتهى من قراءة "كل هذا الهراء"، إلا أنه سيظل أسيرًا لما عايشه عن قرب، مستذكرًا ما عايشه أيضًا أيام الثورة، موقنًا بأن ما فعله عز الدين شكرى فشير فى روايته أنه ترك للأجيال القادمة وثيقة حية مليئة بأرواح ودماء شخصايتها.

 

شخصيات أخرى ترك عز الدين شكرى فشير باب الحياة مفتوحًا أمامها، ربما يعود إليها فى رواية جديدة ليكمل مسيرتها، وربما يتركها تواجه مصيرها ولا يتتبعها أو ينتظر لقاء أحد شخصياتها ليعطيه تسجيلاً صوتيًا لحكاياتهم، كما حدث فى هذه الرواية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة