بعد أحداث الشغب التى شهدتها مباراة بوروسيا دورتموند ولايبزيج، والتى أسفرت عن سقوط 10 جرحى من بينهم رجال أمن، بدأ الحديث فى ألمانيا عن أبعاد وتداعيات غير مسبوقة للشغب فى الملاعب الألمانية، وأيضا عن الإجراءات الضرورية لتفاديها مستقبلا.

 

ولا يزال موضوع العنف الذى شهدته المباراة يلقى بظلاله على الساحة الرياضية فى ألمانيا، حيث قامت جماهير دورتموند بإلقاء الحجارة والزجاجات على أنصار لايبزيج.

 

وشكلت شرطة دورتموند لجنة للتحقيق فى هذه الأحداث، كما وعد المدير التنفيذى لنادى دورتموند، هانز يواخيم فاتسكه، باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحد بشكل نهائى من مثل هذه الأحداث، فى حين تحدث وزير داخلية ولاية شمال الراين وستفاليا التى تقع فيها مدينة دورتموند عن "عار فى حق الكرة الألمانية"، ومن جهتها انتقدت رابطة مشجعى لايبزيج الإجراءات الأمنية التى رافقت المباراة.

 

مخاوف من كراهية الأندية التجارية

وفى تعليقه على الأحداث، قال الخبير الاجتماعى المتخصص فى قضايا المشجعين، جونتر بيلز، "أخشى أن تكون هذه بداية ما كنا نخشاه منذ مدة بشكل مقلق"، فى إشارة إلى مشاعر الكراهية تجاه بعض الأندية فى الدورى الألمانى التى لديها طابع تجارى مثلما حصل فى السابق مع نادى هوفنهايم وفولفسبورج.

 

ففى نظر الكثير من "أولتراس" الأندية الألمانية، وعلى رأسهم أولتراس دورتموند، فإن أندية مثل لايبزيج، الذى يملكه أحد رجال الأعمال، صاحب إحدى شركات مشروبات الطاقة، تفتقر للتقاليد فى تاريخ كرة القدم وبالتالى فهى فى نظرهم مشروع تجارى صنعه المال.

لكن بيلز أكد أن ما حصل فى دورتموند يعنى أن شغب الملاعب أضحى يتخذ أبعادا غير مسبوقة.وفى هذه المرة فقد طال أيضا جماهير سلمية لا علاقة لها بمثل هذه الصراعات، كما شمل الأطفال أيضا.

من جهته، حمل الباحث الرياضى ينس جراينكه بعض وسائل الإعلام جزءا من المسؤولية فى أحداث دورتموند بسبب الطريقة التى تعاملت بها مع المباراة.

وأوضح "إذا نظرنا للزخم الذى سبق المباراة من جانب وسائل إعلام ومن بعض الأندية فسنجد أنه تم تسويق المباراة وكأنها "صراع بين أنظمة".



التوعية أنجع من العقوبة

وفيما يخص الإجراءات التى ينبغى اتخاذها لتفادى مثل هذه الأحداث مستقبلا، يرى بيلز أن التركيز على الوقاية أنجع من العقوبات.

وأشار إلى أن دورتموند ظل دائما يشكل نموذجا فى العمل الوقائى باعتباره نجح فى الحد من خطورة تأثير بعض جماهيره وتوجههم نحو اليمين المتطرف، وعليه مواصلة هذا العمل لتوعية "رابطة مشجعيه" بعدم الانزلاق إلى العنف والفوضى مهما كان موقفها من الفريق الخصم.

أما فيما يخص العقوبات، فيرى أن أقصى ما يمكن لنادى دورتموند فعله بهذا الخصوص هو منع المتورطين فى أحداث العنف من دخول الملعب مستقبلا.

وشكك الخبير الرياضى فى نجاعة عقوبة إغلاق المدرجات الجنوبية لملعب دورتموند (وهو المكان المخصص للأولتراس، فهذا الإجراء يبقى فى نظره غير كاف "وقد أظهرت التجارب السابقة أن مثل هذه الإجراءات لم تغير شيئا".

كما يقترح جراينكه ضرورة دخول الفريق فى حوار هادئ وموضوعى مع ممثلى جماهير فريق دورتموند، والتساؤل عما يمكن للنادى فعله حاليا، ومعرفة ما إذا كانت الإجراءات الأمنية فى الملعب كافية.

وأضاف "التوصل إلى حلول جذرية لمشكلة العنف فى الملاعب الألمانية يتطلب القيام ببحث معمق للأسباب فى ذلك وليس القيام بفرض عقوبة مؤقتة على هذا أو ذاك".