أكرم القصاص - علا الشافعي

قرأت لك.. "يكفى أننا معًا" لـ عزت القمحاوى.. سؤال الحب والعدالة الغائب

الإثنين، 27 فبراير 2017 07:00 ص
قرأت لك.. "يكفى أننا معًا" لـ عزت القمحاوى.. سؤال الحب والعدالة الغائب غلاف الرواية
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"لا يمكن للمرء أن يحمل بطيختين فى يدٍ واحدة".. مقولة دائماً ما كان يرددها جمال منصور، المحامى، حينما يترافع أمام هيئة المحكمة فى قضايا موكلاته طالبًا للخلع أو الطلاق، لكن الجملة التى لا يذكر من أين استقاها، وظلت تلازمه طوال حياته المهنية، أصبحت واقعًا يعيشه، ولا يعرف هل حقًا يمكن للمرء أن يحمل بطيختين فى يدٍ واحدة؟.

 

فى روايته "يكفى أننا معًا"، الصادرة حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، يطرح الكاتب عزت القمحاوى، ثمة تساؤلات، منها ما يتعلق بالإطار الاجتماعى، والسياسى، فعلى المستوى الإنسانى، يجسد لنا الكاتب الفائز بجائزة نجيب محفوظ، عن روايته "بيت الديب" عام 2012، سؤالاً شائكًا عن الحب والعلاقات الإنسانية، التى نسمع عنها دومًا، ونتعامل معها بنوع من السخرية، فهل سألت نفسك: هل تخيلت يومًا أنه بإمكانك أن تعيش قصة حب بعدما اشتعل الرأس شيبًا وأصاب الوهن قلبك.. هكذا ظن الآخرون الذين حتمًا سيتهمونك بأنك تعيش مرحلة المراهقة المتأخرة؟.

 

لا يشبه جمال منصور أبناء جيله من المحامين، بل ينتمى إلى جيلٍ انقرض مع تدهور تقاليد المهنة، يقرأ كل ما تقع عليه يداه، من كتب القانون إلى الفكر، والروايات، والنقد الأدبى والبلاغة، يعرف أن اللغة خيالية كذلك؛ ولذا فقد آمن بأن الفيصل ليس القانون وليست الوقائع، بل براعة المحامى الذى يعرف كيف يحكى حكاية موكلته أمام القاعة، وكيف يستطيع إعادة خلق الواقع على هواه فى مذكرة مقنعة.

 

فمنذ بداية حياته العملية لاحظ جمال منصور أن الناس ترتبك من مراوغات المجاز؛ ولذلك تتلقف القوالب الجاهزة وتتشبث بها كما يتشبث الغريق بقشة، وقد وجد ضالته فى قالب البطيخ الذى يجعل القاعة تأنس إلى مرافعته، حيث تخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، ولم يترافع فى حياته إلا عن النساء، ودائمًا ما كان يستخدم مقولته الشهيرة حول البطيختين إما فى بداية المرافعة أو ليختتم بها.

لكن ما لم يكن فى حسبان جمال منصور، هو إشراقة عينين، بددت عتمة مكتبه ذات ليلة، حينما جاءته خديجة البابى، طالبة الدكتوراه، التى أرادت مساعدته فى أطروحتها التى تنطلق من بنية النظام السياسى وتوجهاته وفكرته عن العدالة، وانعكاس ذلك على عمارة المحاكم، الطراز المعمارى، والتخطيط الداخلى، وتصميم قاعات التقاضى، وموقعها داخل البناء، وطرز الأثاث، والألوان، وتلك التى تعانى من تلفيقات، وتلك التى بلا طراز محدد، وارتفاع الأعمدة فى بعض المحاكم وضآلتها فى أخرى، ومواقع القاعات التى يُشبه بعضها قدس الأقداس فى عمق المعبد، وكيف يعكس بنيان المحكمة حالة المجتمع وحالة القضاء فيه، وكيف أن مبانى المحاكم ليست هى التى تدهورت فحسب، بل لغة القضاة والمحامين، وملابسهم، كما يرى جمال منصور.

 

وإذا كان جمال منصور قد اعتاد العيش وحيدًا، راضيًا بما أنجزه من نجاح ومستوى لائق لأشقائه، فإن سؤال العمر عاد ليراوغه من جديد، فى الوقت الذى ظهرت فيه خديجة البابى، بأطروحة الدكتوراه، فإنه لم يكن يعلم بعشقها له، خلال المرات التى رأته فيها أثناء مرافعاته، ولم يكن يعلم بأنه سيقع فى هواها.

 

رحلة مليئة بالشجن لقلبين تفصل بينهما سنوات غزلها عزت القمحاوى، مجسدًا تلك العلاقة الاستثنائية، التى نسمع عنها بين حين وآخر، فى الدراما التليفزيونية مثلاً، أو نسمع عنها هنا أو هناك ونحكم عليها بأنها علاقة غير منطقية، ولكننا لا نطرح السؤال على أنفسنا، ماذا سنفعل حينها؟. فى تلك الرحلة المليئة بالتفاصيل يرسم "القمحاوى" للقارئ أدق تفاصيل عوالم الفن فى روما، وشوارعها، متتبعًا فى الوقت نفسه حكايات الفقد، ومنحنيات الصعود والهبوط لتلك القصة مندفعين بمعرفة ما سيقوله واقعها فى النهاية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة