لم تكن مصر فى يوم من الأيام محط أنظار العالم كما هى عليه الآن، والاعتقاد الغالب بخصوص ذلك يُرجع الأمر برمته إلى أسباب جوهرية من بينها:
وضوح الثوابت التى فرضتها المؤسسة السياسية المصرية الحاكمة منذ ثلاث سنوات حتى الآن فيما يتعلق بمصالحها، فى المنطقة العربية - والشرق الأوسط، وكذلك فى العالم - شرقه وغربه - مع إعادة تفعيل معايير مصرية خاصة ترسم سياسة جديدة فى أفريقيا، وبدء العمل بها على الفور.
يرى العالم كذلك أن المؤسسة السياسية المصرية الحاكمة نجحت - برغم كل الإشكالات والمصاعب التى واجهتها - وما زالت - فى تحقيق نوع من الاستقرار المؤسسى والشعبى فى الداخل، قادر على دعم وجهة النظر الرسمية بشكل سريع - سواء تعلق الأمر بالاقتصاد والمشاريع الداخلية، أو بالحرب والسياسة الخارجية، والوقوف عمليا خلف كل ذلك، ما مثل لدى أغلب دول العالم دليلاً جديداً وأكيداً على حجم الدعم الذى تحظى به المؤسسة السياسية المصرية فى الداخل، الأمر الذى ساهم بشكل ملحوظ فى تعديل مواقف ورؤى الدول الكبرى فى العالم تجاه المؤسسة السياسية الحاكمة فى مصر.
من جانب آخر حسمت السياسة المصرية المتوازنة بشكل مبدئى، كل جدل بشأن ما توقعته دولٌ عديدة من ردود أفعال "متهورة"، على قضايا إقليمية أو محلية - كانت بكل المقاييس مثار جدل كبير فى الداخل المصرى، ومن بينها الموقف الثابت من المواطنة أو الهجرة غير الشرعية أو الارهاب الدولى، والتعامل معه بمنطق سياسى واحد سواء تعلق الأمر بسيناء أو سوريا أو ليبيا أو العراق أو اليمن، ووضع أسس مبدئية تحكمها معايير موحدة فى التعامل مع الإرهاب، باعتباره "الملف الرئيسى للإرهاب" وليس أحد الملفات، وتسرى عليه سياسة واحدة وموقف سياسى - أخلاقى واحد، مع كل الدول التى تعانى من الإرهاب فى العالم، أى ليس ملفات متناثرة بحسب "العلاقات والمصالح التى تحكم مصر مع الدول التى تتماس مع الإرهاب والإرهابيين - سلبا أو ايجابا، حتى ولو أدى الأمر إلى إشكالات مع حلفاء مهمين لمصر فى المنطقة العربية أو خارجها.
كذلك - يمكن القول إن ما مارسته مصر من سياسات براجماتية، مع كل دول العالم، كبيرها وصغيرها - أقنع أغلب الأطراف أن السياسة المصرية التى تشكلت فى السنوات الأخيرة باتت مختلفة بشكل كبير عما كانت عليه، وأن تلك السياسة غدت قادرة على فرض مصالحها، حتى فى الأوقات الحرجة، وأن معايير جديدة حاكمة أصبحت تتطلب إعادة صياغة لمفاهيم مختلفة، غير تلك التى كانت تبدو راسخة فى التعامل مع مصر، ما يستلزم أيضا إعادة "تعريف" الكثير ليس فقط من البديهيات السياسية ونقاط الانطلاق بل أيضا قواعد العمل مع المؤسسة السياسية المصرية الحاكمة.
أخيرا.. نتصور أن العالم يرى أن المؤسسة الحاكمة فى مصر بات لديها وضوح رؤية كامل بشأن الطريق "الوحيد" الذى ستسلكه مصر لفترة طويلة قادمة، وأن دعم شعب مصر بغالبيته العظمى ومؤسساته الفاعلة لتلك الرؤية لم يعد محل شك، ما يفرض على كل الأطراف من جديد تغليب البراجماتية السياسية فى منطقة الشرق الأوسط على ما عداها لضمان مواجهة الملفات الرئيسية التى فرضت نفسها على العالم كله كالإرهاب والهجرة غير الشرعية والأزمات الاقتصادية المستفحلة وكذلك - بل ربما بالدرجة الأولى - ضمان إعادة الاستقرار إلى تلك المنطقة من جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة