عاطف محمد عبد المجيد يكتب: الفكر والتنظير ليس حكرًا على المثقفين

السبت، 25 فبراير 2017 07:27 م
عاطف محمد عبد المجيد يكتب: الفكر والتنظير ليس حكرًا على المثقفين غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى مقدمته لكتاب رجل الأعمال نجيب ساويرس والذى صدر حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية تحت عنوان "مصر.. من غير لف ودوران" وبعد أن يعلن عن عدم إعجابه بهذا الكتاب الذى أصابه بحنق وغيرة شديدين، يصف محمد سلماوى كتابات نجيب ساويرس التى كان ينشرها فى "المصرى اليوم" وفى "فيتو" وضمها بعد ذلك فى كتابه بأنها أعمدة نارية أصبح القراء يتابعونها أسبوعيًّا لما بها من آراء جريئة وأفكار جديدة وتحليلات سديدة.

سلماوى يحسد ساويرس لأن متابعيه تجاوزوا الثلاثة ملايين متابع، متسائلاً ما الذى دفع ساويرس إلى اقتحام عالم الكتابة وهو رجل الأعمال، لمَ لا يترك مهنة الكتابة للكتاب والصحفيين، والتساؤل هنا ليس استنكاريًّا بل هو اندهاش من قيمة كتابة ساويرس وأهميتها، وهو رجل الأعمال، فيما تتصف كتابات بعض الكتاب والصحفيين بأنها تحصيل حاصل، ولا جدوى من ورائها، مثلما يرى سلماوى.

سلماوى الذى يعنون مقدمته بـ"لا تقرأوا هذا الكتاب" نجده يمتدح هذه الكتابة ويقدّرها ويغبط صاحبها عليها، بل يعلن غيظه وحنقه صراحةً مما فعله ساويرس بدخوله عالم الكتابة.

سلماوى يرى أن ساويرس يكتب لأنه لديه ما يريد أن يقوله، وما يقوله يأتى دائمًا مختلفًا، سواء تحدث فى السياسة، أو الاقتصاد، أو الوحدة الوطنية، أو فى الحياة اليومية للناس.يرى سلماوى كذلك أن هواية ساويرس هى قول ما لا يجرؤ سواه على قوله.

خواطر وآراء

هذا وينفى سلماوى أن تكون كتابة ساويرس لمجرد أن عمله يحكم عليه بهذا، ولأن سلماوى يرى جودة مقالات ساويرس التى ضمها معًا فى كتابه هذا فهو يعلن غضبه عليه إذ تمكن من أن يجعل كتاباته الصحفية فى مكان بارز على الخارطة الصحفية برأيه الجرىء وبشجاعته فى الخوض فى الكثير من الموضوعات الحساسة والقضايا المسكوت عنها.ولكل هذا يدعو سلماوى القراء لعدم قراءة هذا الكتاب والسبب هو أنه يحتوى على ما لم نتعود عليه من مواقف جريئة لا لزوم لها، إذ تواجه مختلف مشكلاتنا بشجاعة غير محمودة العواقب.سلماوى فى نهاية مقدمته يطلب من الكتاب الصحفيين أن يطالبوا ساويرس بنصيبهم فى أعماله التجارية واقتسام أرباحه ما دام هو اقتحم عالم الكتابة الصحفية واستحوذ على الكثير من قرائهم.وإذا كان البعض سيرى مبالغة كبيرة فيما ذهب إليه سلماوى من وصفه لكتابة ساويرس، فإننى أعلن إعجابى بساويرس نفسه الذى أعلن صراحة فى بداية كتابه هذا أنه لا يزعم نفسه كاتب مقالات، أو أنه يمتلك موهبة الكتابة، إنما هى خواطر وآراء أراد أن يفيد بها وطنه ومن بيدهم تغيير مسار هذا البلد إلى الأحسن.

ساويرس يقول فى مقدمته هو لكتابه إن كل ما يريد أن يقوله هو أننا جميعًا فى مركب واحد، وأن مصر فى منعطف خطير، ولا حل لنا للخروج من عنق الزجاجة إلا بالاتحاد وقبول بعضنا البعض.فى مقدمته أيضًا يقول ساويرس إنه يحاول أن يثبت للمثقفين الذين يحتكرون الفكر والتنظير أنه يمكن للإنسان أن يمتلك المال وفى الوقت نفسه يكون عطوفًا وكريمًا ووطنيًّا ومثقفًا وصاحب فكر.

ويستنكر ألا يرى البعض فى الرجل الثرى سوى ماله رغم أن فكره قد يكون أهم أسباب نجاحه.كذلك يرى ساويرس أن الفكر والوطنية ليس حكرًا على الفقراء وحملة الدكتوراة والدليل على ذلك أن تاريخ مصر يزخر بالنماذج الوطنية المشرفة الدالة على ذلك كطلعت حرب وأحمد لطفى السيد ومصطفى وعلى أمين.                   

أيام سوداء

نجيب ساويرس يقسم هذا الكتاب إلى ستة أقسام تتفاوت فى عدد المقالات التى يحتويها كل قسم وهي: 25 يناير وتوابعها، الشأن المصرى ذو شجون، أحزاب وأحزاب، الاقتصاد فى قلب السياسة، العرب والعالم، شخصيات وأحداث.فى القسم الخاص بثورة يناير يرى ساويرس أن محاولة طمس الحقائق وتزييف التاريخ لن تجدى، وأفضل للجميع الاعتراف بأخطاء الماضى، لأننا لن نستطيع أن نبنى مستقبلا إلا بالمصالحة والحقيقة.

كما يرى أن مصر كانت قبل الثورة يحكمها نظام الحزب الواحد، حزب المحاسيب والمنتفعين بلا عقيدة ولا انتماء.كما يكتب ساويرس هنا عن ذكرياته عن الثورة التى يؤكد أنها حدث مهم فى حياة مصر، وأن البعض يحاولون تشويهها وإظهارها على أنها مؤامرة، ولن ينجح هؤلاء فى هذا لأن من خرجوا للثورة كانوا شبابًا طاهرًا وغير مسيس خرج للتعبير عن غضبه مطالبًا بالعدل والديمقراطية، وقد نجح هؤلاء الشباب فى إسقاط النظام الذى كان يخطط لتوريث مصر، بعد أن جثم على أنفاسها لأكثر من ثلاثين عامًا.

كما يصف ساويرس فترة صعود الإخوان لحكم مصر بأنها كانت أيامًا سوداء، بعد أن أدرك أن الإخوان يحاولون التفريق بين طوائف الشعب ومعاملة المسلم بطريقة تختلف عن معاملة المسيحى الذى يعتبرونه مواطنًا من الدرجة الثانية، بل يصف شعوره خلال تلك الفترة بأنه كان كاليتيم المشرد، يمشى فى شوارع القاهرة  يحس بالغربة، يسافر للخارج يشعر أنه لاجئ، يفتح التليفزيون تطل عليه وجوه عابسة.حتى فقدت الحياة معناها وحلاوتها وتوارى الفن والغناء وأصبحت الثقافة مستهدفة.

ساويرس يرى كذلك أن تنظيم داعش قد نجح فى الاستيلاء على عقول بعض الشباب المضطرب غير الواعى لصحيح دينه، والضائع فى البحث عن هدف من حياته، مستغلا فى ذلك بعض فتاوى أئمة متشددين جهلاء الدين، ووسائل التواصل الاجتماعى للترويج للأفكار الدموية الهدامة.

المال لا يضمن السعادة

فى القسم الثانى الذى يتحدث فيه عن بعض الأمور التى تتعلق بالشأن المصرى، يرى ساويرس أنه لابد من أن نقوم بتغيير بعض سلوكياتنا الخاطئة التى لا تليق بدولة لها حضارة عظيمة كمصر، وإن كنا نتحسر على حضارة وتحضّر الأجداد فإن حاضرنا بعيد تمامًا عن ماضينا العريق.ومعلقًا على فشلنا فى أن نقوم بتنظيم أى شىء يقول ساويرس إنه ليس من هواة جلد الذات، لكن أيضًا لابد من التفكير والتحليل، لكى نخرج بمعادلة تنقذنا من هذا الفشل وتخرجنا من حالة اليأس والتخبط.ساويرس يرى أيضًا أنه من المهم أن يعلم الشباب أن المال لا يمكن أن يكون هدفًا، وهو ليس ضمانًا للسعادة، فالحياة أوسع وأشمل وأحلى من أن تُختصر فى الماديات، ذاكرًا أن هناك مقولة ساخرة تقول إن البكاء فى سيارة كاديلاك أسهل من البكاء فى سيارة صغيرة!

نصائح وروشتة

وفى هذا السياق يقدم ساويرس نصائحه للشباب أن يبدأوا من الصغر وأن يهتموا بالتعليم وأن يعتمدوا على أنفسهم فى زيادة مواهبهم وقدراتهم وثقافتهم، سواء بالقراءة أو التعليم الخارجى كتعلم اللغات الأجنبية والسفر الذى يعمل على توسيع الأفاق والمدارك، ثم يأتى بعد ذلك الجهد والعمل والتركيز فى الدراسة والرغبة فى الطموح والتفوق.فى روشتته التى يقدمها ساويرس للشباب يدعوهم إلى الإيمان بالله والتصميم على الهدف وعدم قبول كلمة " لا " كجواب، أو كلمة " مستحيل " خاصة وأن من يؤمن بوجود شيء مستحيل لن يتمكن من أن يحقق أيًّا من أهدافه. 

 فى "مصر.. من غير لف ودوران " يكتب ساويرس عن حادثة شارل إبدو، عن مراكب الموت، عن أطفال الشوارع، عن التليفزيون المصرى، عن الإرهاب، عن ذكريات 30 يونية، عن فوضى التحالفات، عن قناة السويس والسياحة والاستثمار والمستقبل وأشياء أخرى.

 ساويرس كذلك يعلق على ما قاله سائق التوك توك فى أحد البرامج والذى لخص فيه أزمة مصر وحلولها، يقول ساويرس علينا أن نحدد مسارنا الاقتصادى بوضوح بدلا من هذا الاقتصاد المختلط، ولنحدد أولوياتنا كما ذكرها سائق التوك توك: التعليم والصحة والزراعة.

وختامًا إننا بالفعل هنا أمام مقالات مهمة تناقش قضايا مجتمعية وإنسانية فى غاية الأهمية، ولهذا أدعو إلى قراءتها لعدة أسباب أولها طبعًا هو من على حق فى رؤيته لهذه المقالات: محمد سلماوى أم نجيب ساويرس؟







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة