"خاتمى" يحرك مياه إيران الراكدة بـ"مبادرة مصالحة".. الإصلاحيون يحاولون استغلالها لجنى الثمار فى الانتخابات.. قلة من المحافظين تؤيد.. والغالبية: تيار الإصلاح قادنا لأزمات سياسية ولا يصلح للتصدى إلى واشنطن

الخميس، 23 فبراير 2017 08:00 ص
"خاتمى" يحرك مياه إيران الراكدة بـ"مبادرة مصالحة".. الإصلاحيون يحاولون استغلالها لجنى الثمار فى الانتخابات.. قلة من المحافظين تؤيد.. والغالبية: تيار الإصلاح قادنا لأزمات سياسية ولا يصلح للتصدى إلى واشنطن محمد خاتمى وحسن روحانى وخامنئى
كتبت إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"الآن أفضل وقت ليحكم مناخ المصالحة الوطنية على البلاد، وإيجاد الوحدة والانسجام بين كافة الكوادر والتوجهات لمواجهة التهديدات الخارجية"، بهذه الكلمات لخص الزعيم الإصلاحى، رئيس إيران الأسبق محمد خاتمى رؤية معسكره والتيار الذى يمثله داخل إيران لمواجهة التهديدات الأمريكية المتزايدة بعد انقضاء شهراً على ولاية الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، وما فرضته تصريحاته ومواقف إدارته من حالة قلق تتزايد يوماً تلو الآخر وسط الدوائر السياسية ـ الرسمية وغير الرسمية ـ داخل إيران.

 

وأمام تزايد التهديدات الأمريكية وتغيير معادلات القوة فى الشرق الأوسط، طرح خاتمى مبادرة للمصالحة الوطنية فى الداخل الإيرانى، فتحت بدورها نقاشات واسعة بين كتاب ومثقفين مروراً بكوادر التيارين السياسيين الإصلاحى والمحافظ على حد سواء، وصولاً إلى مراكز صنع القرار.

 

وانقسمت النخبة الإيرانية بين مؤيد ومعارض لمبادرة خاتمى، خاصة أن الأخير أيقونة إصلاحية طالما نالت هجوم وانتقاد من التيار المحافظ صاحب الكلمة العليا، والذى يمثله المرشد الأعلى والحرس الثورى، وغالبية مراكز صنع القرار.

 

ومقابل ترحيب الجبهة الإصلاحية بكوادرها وأحزابها، استقبل المعسكر المحافظ مبادرة خاتمى بعين الريبة والشك، ما تبعه انقسام حاد عكسته الصحف الإيرانية على مدار اليومين الماضيين. وداخل معسكر المحافظين، تبنى فريق متشدد المبادرة بشكل قاطع، معتبراً أن التيار الإصلاحى قاد البلاد إلى أزمة سياسية بعد دعمه احتجاجات 2009 التى ظهرت ضد فوز الرئيس الأسبق أحمد نجاد بولاية رئاسية ثانية، فيما تبنى فريقاً آخر من المعسكر نفسه موفقة مبدئية على مضض.

 

ويرى مراقبون أن إقدام التيار الإصلاحى على اطلاق مثل هذه المبادرة يصب فى صالحه، لاسيما على اعتاب الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها مايو المقبل، حيث يبحث فيها هذا التيار عن دعم داخلى وخارجى لمرشحه "حسن روحانى"، فهو يدرك انعكاس تلك المبادرة على وجه هذا التيار فى العالم الخارجى، فهو تيار مقبول دوليا.

 

وتمكن روحانى من خلال توقيع الاتفاقية النووية من تحقيق مكاسب عدة على الصعيد الإقليمى والدولى وتدشين علاقات متوازنة وقوية مع الدول الأوروبية، ما كان للمحافظين تحقيقها بغض النظر عن الموجهات المتصاعدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة فى لوقت الحالى.

 

ويظل التيار الإصلاحى لديه رغبة ملحة فى إنهاء أزمة الزعماء الإصلاحيين ورفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوى ومهدى كروبى المفروضة عليهم منذ سنوات، ليتمكن من العودة مجددا لممارسة العمل السياسى، واسقاط تهم الخيانة التى ألصقها بهم المتشددون السنوات الماضية، لذا رأى التهديدات الخارجية فرصة يتمكن من خلالها اخراج مطالبه السياسية مجددا إلى العلن، بعد أن رتب أوراقه السنوات الأربع الأخيرة وجذب أصوات الناخبين فى الانتخابات الرئاسية 2013 التى صعد فيها روحانى، وتمكنه من اكتساح مقاعد العاصمة طهران فى الانتخابات التشريعية العام الماضى.

 

وتتزامن المبادرة مع رغبة التيار الإصلاحى فى التواصل مع هرم السلطة ـ المرشد الأعلى على خامنئى ـ والتى نجمت عن شعوره بفقدان الأب الروحى، هاشمى رفسنجانى رئيس تشخيص مصلحة النظام الذى توفى يناير الماضى، والذى كان يعتبر حلقة الوصل بين هذه الجبهة والتيار المحافظ.

 

لذا بادرت كوادر هذا التيار بالترحيب بفكرة المصالحة وشمروا عن سواعدهم لإعداد أرضية لإطلاقها، ومن بين تلك الكوادر، السياسى الإصلاحى حسن رسولى الذى اعتبر أن المصالحة تعد امتدادا للحوار المباشر الذى يرغب هذا التيار منذ فترة فى فتحه مع هرم السلطة المتمثلة فى المرشد الأعلى (الولى الفقيه) بعد أن فقد رفسنجانى (أبه الروحى)، وقال الأن فهناك شعور بحاجة كبيرة إلى المصالحة أكثر من أى وقت مضى.

 

واعتبر التيار الإصلاحى أن احتجاجات عام 2009 خلقت فجوة عميقة بين هرم السلطة والإصلاحيين، وشكلت ذريعة للتيار الاصولى لإقصاء الكوادر الإصلاحية وإلصاقها بمعارضة النظام فى الخارج، واعتبر التيار الإصلاحى أن الوحيد الذى تمكن من ملء تلك الفجوة هو رفسنجانى، وبعد وفاته يتوجب عليهم الآن تدشين مصالحة وطنية.

 

وعلى النقيض رأى التيار المتشدد أن المبادرة مؤامرة ومسرحية خارجية، واعتبر النائب المتشدد روح الله حسينيان أن تلك المبادرة تعنى إطلاق سراح زعماء الإصلاحيين موسوى وكروبى، وعارض المتشدد حسين شريعتمدارى نائب المرشد الأعلى للشئون الصحافة ورئيس تحرير صحيفة كيهان، قائلا إن المبادرة صناعة "الخائنين" فى إشارة إلى الزعيم الإصلاحى محمد خاتمى الذى أطلقها.

 

وانتقد عزت الله ضرغامى رئيس الاذاعة والتلفزيون السابق المبادرة، قائلا إن البعض أضر بالبلاد خلال اضطرابات 2009، ويسعون للإضرار بنا من خلال تلك المبادرة. وتصاعد النقاش وجاءت تعليقات مراكز صنع القرار متشابهة بالموقف السابق، ورفض رئيس السلطة القضائية فى إيران، اية الله صادق املى لاريجانى المصالحة معتبرا أن المصالحة ليست فى محلها، قائلا: "لا أعارض المصالحة والسلام، لكن النقاش حول المصالحة فى الوقت الراهن ليس فى محله".

 

فيما قال عباس حاجى نجارى فى مقاله بصحية جوان المتشددة، أن استخدام مصطلح "المصالحة الوطنية" ينبغى أن يكون فى المجتمعات التى تعصف بنيتها أزمات سياسية وفجوات عميقة سياسية وقومية، لكنه رأى أن استخدامه فى إيران لا محل له من الإعراب، قائلا: "استخدامه لعودة قلة من عناصر تيار سياسى معين إلى السلطة لا يوجد له محل من الاعراب". (فى إشارة إلى التيار الإصلاحى).

 

وقال الكاتب إن النشطاء السياسيين لهذا التيار لم يكونوا مبعدين أبدا عن السلطة، والآن يتحدث التيار الإصلاحى عن مصالحة فى وقت يمتلك فيه السلطة التنفيذية وجزء رئيسى من السلطة التشريعية.. ويرى الكاتب أن سبب حرمان كوادر التيار الإصلاحى من المناصب الرفيعة وفرض القيود عليهم، هو دورهم فى احتجاجات 2009، قائلا أن "قبل ذلك كانوا يشاركون فى أركان السلطة ولم تفرض قيودا على تحركاتهم السياسية". وقال إن وجود زعماء التيار الإصلاحى مير حسين موسوى وكروبى قيد الإقامة الجبرية بسبب سعيهم فى خلق أزمة داخلية فى البلاد على غرار الأزمة السورية فى إطار استراتيجية أجنبية.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة