يستعد مجلس النواب خلال شهر ونصف من الآن، لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجديد 2017/2018، وتأتى الإشكالية فى زيادة العجز المتوقع بموازنة العام الجديد، نتيجة الأوضاع الاقتصادية وتحرير سعر الصرف وتضاعف سعر الدولار من جانب، وزيادة النسب المخصصة لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى بالموازنة الجديدة عن موازنة العام الجارى، وذلك وفقًا لنصوص مواد الدستور «19،18،21».
وتشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء، ويُعرض مشروعها على مجلس النواب قبل تسعين يومًا على الأقل من بداية السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها، ويتم التصويت عليه بابًا بابًا، وذلك وفقا للنص الدستورى، فى مادته 124.
وأكد عمرو الجارحى وزير المالية، على أن وزارة المالية ستنتهى خلال الشهر القادم من إعداد مشروع الموازنة العامة الجديدة للدولة للعام المالى القادم 2017/2018 لعرضها على رئيس الجمهورية ثم إحالتها لمجلس النواب لمناقشتها، بداية إبريل القادم، مضيفًا أن أهم ملامح الموازنة الجديدة تتمثل فى الاستمرار فى عملية خفض عجز الموازنة، والذى بدأ فى الانخفاض خلال العام المالى الحالى، وذلك نتيجة للإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة، وتعاملها بجدية مع ملفات برنامج الإصلاح الاقتصادى، وهو ما أدى إلى بدء وضع الاقتصاد المصرى على الطريق الصحيح.
مجدى مرشد: سنتمسك بالزيادة الدستورية لقطاع الصحة
وفى السياق ذاته، شدد الدكتور مجدى مرشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، على أن اللجنة ستتمسك بتحقيق النسبة التى أقرها الدستور لقطاع الصحة، مشيرًا إلى أن زيادة عجز الموازنة لا يجب أن يكون على حساب صحة المواطن المصرى.
وأشار "مرشد" لـ "اليوم السابع " إلى أن الدستور يلزم بأن يكون هناك زيادة تصاعدية فى النسب المخصصة لمجالات التعليم والبحث العلمى والصحة، مطالبًا الحكومة بتحقيق هذه الزيادة لأنها تخص قطاعات هامة وحيوية.
رئيس خطة البرلمان: العبرة ليست بالنسب ولكن بأوجه إنفاقها
ومن جانبه قال الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة و الموازنة بمجلس النواب، أن اللجنة تنتظر إرسال وزارة المالية للموازنة العامة طبقا للدستور قبل نهاية العام المالى الجارى بـ 90 يوما، موضحا أن بدء مناقشة البرلمان للموازنة ستكون بإلقاء وزير المالية للبيان المالى لعام 2017 – 2018، على أن تقوم لجنة الخطة والموازنة بعد إحالة مشروع الموازنة إليها بتوزيعها على اللجان النوعية.
وأضاف رئيس لجنة الخطة والموازنة، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن اللجنة ستناقش إجمالية الموازنة العامة مع وزيرى المالية والتخطيط، وبالانتهاء منها سيتم عرضها على الجلسة العامة للبرلمان.
وعن الاستحقاقات الدستورية لـ"الصحة و التعليم والبحث العلمى"، قال "عيسى" أن العبرة ليست بالمبالغ المدرجة ولكن بأوجه هذه الأموال بما يفيد المواطن بشكل مباشر، قائلا: "مش بالنسب ولكن نشوف هيتصرف فين وإزاى هيوصل للمواطن".
وأوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة، أن اللجنة مع الزيادة التدريجية المخصصة لـ"الصحة والتعليم" بالموازنة، مشيرًا إلى أنهم سيقوموا بمعالجة ذلك فى ضوء ظروف العجز وزيادة الدين العام، مع التأكد أن هذه الأموال سوف تنفق على مشروعات جادة يستفيد منها المواطن بشكل صريح.
ياسر عمر: سنحل أزمة النسب الدستورية كما حلت بموازنة العام الجارى
فيما قال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن اللجنة تسعى لإنهاء كل الملفات المحالة إليها خلال الفترة الماضية، وذلك قبل تقديم الحكومة للموازنة العامة للعام المالى الجديد 2017/2018، مشيرًا إلى أن الدستور يلزم الحكومة بتقديم الموازنة للبرلمان قبل 90 يوما من انتهاء العام المالى، وبالتالى يكون أخر موعد لتقديم الموازنة 30 مارس.
وأضاف عمر، لـ"اليوم السابع"، أن الدستور لم يحدد أو يلزم البرلمان بموعد محدد للانتهاء من مناقشة الموازنة، إلا أنها تحتاج لمدة لا تقل عن شهرين حسب قوله، لافتًا إلى أن لجنة الخطة والموازنة هى اللجنة المسئولة عن كتابة التقرير الخاص بالموازنة، ولكن سيتم إطلاع كافة اللجان على الموازنة لمناقشة موازنة القطاعات المرتبطة بعمل اللجان.
وأكد وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، على أن اللجنة ستواجه نفس الالتزامات الدستورية الخاصة بالصحة والتعليم والبحث العلمى، قائلا: "سيتم حلها كما تم حلها بموازنة العام الجارى، واللى مش عاجبه يروح يغير الدستور"، مضيفًا أن التعديل الوزارى لن يؤثر على استعدادات الحكومة للانتهاء من الموازنة خاصة أن وزارة المالية لم يطرأ عليها أى تغيير.
صلاح فوزى: عدم الالتزام بالنسب الدستورية لن يصحبه أى جزاءات قانونية للبرلمان
وبدوره قال الدكتور صلاح فوزى، الخبير الدستورى وعضو لجنة الإصلاح التشريعى، أن الحكومة ملزمة بتقديم الموازنة العامة للدولة 1 أبريل بحد أقصى، مشيرًا إلى أن النص الدستورى يلزم الحكومة بتقديم الموازنة للبرلمان قبل بداية السنة المالية بثلاثة أشهر على الأقل.
وأضاف "فوزى" لـ"اليوم السابع"، أن الدستور ألزم الحكومة بتخصيص 10% من الناتج القومى الإجمالى للإنفاق على الصحة والتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى، بواقع 3% للصحة، و4% للتعليم، و2% للتعليم الجامعى، و1% للبحث العلمى تزيد تدرجيا، لافتًا إلى صعوبة تحقيق ذلك فى ظل وجود أزمة اقتصادية حادة، و زيادة متوقعة فى عجز الموازنة نتيجة تحرير سعر الصرف، وارتفاع سعر الدولار.
وأشار "فوزى" إلى وجود صعوبة مادية فى تحديد الناتج القومى الإجمالى، وذلك لأنه يشمل كل ما ينتج داخل الدولة فهناك اقتصاد خفى لا يمكن تحديده، لذلك لا يمكن تحديده، مستطردًا: " 70 أو 75% من الموازنة العامة ستخصص لهذه المجالات الأربعة وهو أمر شبه مستحيل لتعدد القطاعات والمجالات التى تحتاج لتنمية وتطوير".
وحول مدى التزام الحكومة بالنص الدستور أوضح الخبير الدستورى وعضو لجنة الإصلاح الدستورى، أنه يمكن اعتماد الموازنة دون تخصيص نسبة الـ 10% فى ظل ما نعانيه من عجز فى الموازنة، موضحًا أن النصوص التى تلزم الدولة لا تخضع للرقابة على دستوريتها، بمعنى أنه لا توجد رقابة على دستورية الإغفال التشريعى من جانب البرلمان.
وأوضح فوزى، أن نسبة الـ 10% التزام سياسى على عاتق البرلمان، وعدم الوفاء بها لن يتسبب فى مساءلة قانونية إذا ما رفعت دعوى دستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، لافتًا إلى أنه أثناء كتابة الدستور كان من أنصار النظرية الواقعية التى ترى أن النص الدستورى بهذا الشكل سيكون عقبة فى ظل الوضع الاقتصادى الموجود، فيما رأى أغلبية أعضاء لجنة الخمسين حينها، أن فى ذلك إلزام للحكومة والبرلمان للإنفاق على مشاكل مصر.
وأوضح "فوزى" أنه من حق البرلمان اقتراح مزيد من الموارد لكن دون زيادة أعباء على المواطنين، سواء بفرض مزيد من الضرائب التزاما بالدستور، مشددًا على أهمية الإنتاج لسد العجز فى الموازنة وألا تكون الضرائب أو القروض هى الحل الوحيد.
يذكر أن المادة (18) من الدستور تنص على :" تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".
فيما تنص المادة (19) على:"تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية"
أما المادة (21) من الدستور المصرى فتنص على :"تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".