أنور الرفاعى يكتب: هيكلة ماسبيرو وإطلاق رصاصة الرحمة على تاريخه.. أزمة التليفزيون إدارية وليست مهنية.. وهدم فلسفة الإعلام الرسمى خطر

الخميس، 02 فبراير 2017 07:15 م
أنور الرفاعى يكتب: هيكلة ماسبيرو وإطلاق رصاصة الرحمة على تاريخه.. أزمة التليفزيون إدارية وليست مهنية.. وهدم فلسفة الإعلام الرسمى خطر أنور الرفاعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حالة من الغضب تسود ماسبيرو بعد الإشارة إلى الخسائر الهائلة التى يتكبدها الإعلام الرسمى وتأتى معظمها فى مرتبات الموظفين التى وصفها البعض بـ "الكبيرة"، إذ تتحمل موازنة الدولة نحو 6 مليارات جنيه فى العام الواحد مقابل دخل سنوى لا يتجاوز 1,7 مليار جنيه، وكانت إشارة الرئيس عن ماسبيرو عملية إطلاق للأفكار والمقترحات نحو إصلاح هذا الخلل الكبير، وكانت المفاجأة أن أكثر المقترحات تسير فى طريق واحد وهو التخلص من ماسبيرو وإطلاق رصاصة الرحمة على تاريخه، دون النظر للبعد القومى فى رسالة الإعلام الرسمى باعتباره غير معنى بالربح، وباعتبار أن الحكومة هى التى ارتكبت الجريمة.

 

ومنذ سنوات والحديث عن هيكلة ماسبيرو لا ينقطع ولا يتوقف، وتقدم البعض باقتراحات للإصلاح، خاصة أن الإعلاميين المصريين هم الذين بنوا الإعلام العربى فى جميع البلدان العربية، وأنشأوا القنوات الفضائية بها ،ومازالت بعض هذه القنوات العربية تعتمد اعتمادا كليا على الإعلاميين المصريين من مذيعين ومخرجين ومعدين والذين يمثلون قوة ناعمة مصرية حقيقية لا يدركها مقاولو الهدم الذين دشنوا لمرحلة ما بعد ماسبيرو، وهو أمر لو تعلمون خطير !!

 

وعندما دخلت مصر عصر الفضائيات فى عام 2001 لم يكن هناك غير الإعلاميين والفنيين فى الإعلام الحكومى ليحملوا على كاهلهم هذه المرحلة الجديدة من دخول مصر عصر الإعلام الخاص، ليدخل بعدها الإعلام الرسمى فى مواجهة مع الإعلام الجديد الذى يعتمد الربح أساسا لصناعته، وحتى الآن -  فمثلا المخرجين فى هذه القنوات الخاصة يمثلون نسبة 70% من مخرجى التليفزيون، فما دخلت قناة فضائية قط إلا ووجدت أبناء التليفزيون هم الذين يتحملون المسئولية بإبداع، حتى المخرجين الجدد فى هذه القنوات تعلموا وتدربوا على أيدى مخرجى التليفزيون المصرى.

 

وخطورة هدم فلسفة الإعلام الرسمى تتمثل فى أن الإعلام الخاص له توجهاته التى تساير وجهات نظر أصحابها، وهو ما ينذر بأن تصبح الدولة بلا ذراع إعلامية حقيقية، فى ظل التوجه نحو التنمية والتقدم، وفى ظل المؤامرات التى لا تتوقف ضد الوطن، وأن مسايرة طرح التخلص من هذه الثروة البشرية المهدرة سيعنى انسحاب الدولة من المجال الإعلامى، ويتوقف دورها على عملية التنسيق والمراقبة، دون تدخل فى مضمون رسالة كل قناة التى تتفق ومصالحها، فماذا ستفعل الدولة إذا اختلف معها أصحاب القنوات الخاصة ؟؟؟، بالإضافة إلى عملية الانسحاب لا تعنى غير حرق تاريخ إعلامى نادر يحمل داخله تاريخ مصر الوطنى من مادة إعلامية يتفرد بها ماسبيرو.

 

فإذا حاولنا أن نضع أيدينا على الأزمة بشكل موضوعى فإننا سنجد الحكومات المتعاقبة متهمة ،بسبب قيامها باختيار مسئولين ساهموا فى الوصول إلى مرحلة الكارثة التى ندور حولها الآن ،كان هؤلاء المسئولين خارج الرقابة ،فتكرس الفساد الإدارى بفتح أبواب التعيينات فى تخصصات غير إعلامية لم يكن الإعلام بحاجة إليها، مما أدى إلى تضخم كبير ابتلع ميزانية الإعلام، وفوق ذلك فإن سياسة الحكومة فى التعامل مع الإعلام أدت إلى قتل الإبداع لدى رجاله، وهو الأمر الذى يثير دهشتنا عندما نرى أبناء التليفزيون وهم فى حالة إبداع فى القنوات العربية والقنوات المصرية الخاصة، ويكفى أن نقول إن هناك أعدادا من الموظفين ليست لهم علاقة بالعملية الإعلامية مثل موظفى الأمن الذى تجاوزت أعدادهم نحو 5000 فرد أمن لا علاقة لهم بالإعلام ،و3000 موظف فى إدارة الأندية الإعلامية والكافتيريات وإجراء بحوث المشاهدين – عديمة الجدوى- وأيضا شئون الجراج، ونحو 2500 موظف فى إدارة الإنتاج ،و 2000 موظف فى قطاع القنوات المتخصصة والتى يمكن دمجها فى قناة واحدة مؤثرة مع الوضع فى الاعتبار أن القنوات التعليمية تتحملها وزارة التعليم باعتبارها مكملة للرسالة التعليمية ،أما الهندسة الإذاعية ففيها 13 ألف موظف للخدمات الهندسية وخدمات الصيانة والتشغيل ،ومجلة الإذاعة والتليفزيون التى تصدر أسبوعيا بواسطة نحو 70 صحفيا نقابيا يعمل بها 268 موظفا، وقطاع الإذاعة يعمل به 5169 موظفا فى إدارة الشبكات الإذاعية باللغات المختلفة ،ومنها الإذاعات الموجهة التى لا تقدم جديدا للوطن ،رغم أهميتها عند إنشائها، ويتبقى من العاملين فى الإعلام الرسمى العاملون فى التليفزيون 6125 ،والقنوات المتخصصة 2780،والقطاع الاقتصادى 902 موظفا.. ولا شك أن هذه الأرقام تمثل ترهلا حكوميا وفسادا حقيقيا، وأن الحكومة هى التى صنعت الأزمة، وأن الإعلاميين وسط هذا العدد الهائل من الموظفين لا يتجاوز عددهم 10 آلاف فلا تقتلوهم بجرم ارتكبته الحكومة.

 

 إذن هناك علامة استفهام كبيرة تتعلق بالإدارة ولا تتعلق بالآداء،وهو ما عبر عنه أحد الإعلاميين المعروفين بقدرته على إنشاء القنوات داخل مصر وخارجها فى حديث خاص معه فقال لى :أنا أعمل بالتليفزيون وأحصل على إجازات سنوية ولم أستقيل،لأن اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو إعلام الدولة، وقال لى أيضا: الدولة تتعامل مع الإعلام الرسمى كتعاملها مع موظفى الصحة أو الإدارة المحلية - مع كل الاحترام لهم - ،لكن الإعلام إبداع ،ويرجع ذلك إلى طبيعة القوانين التى تحكم هذا القطاع الخطير..وقال أيضا: تختار الحكومة المسئولين عن هذا القطاع وقد شارفوا على الإحالة للمعاش ،وهو الأمر الذى يجعله غير مؤمن بالتطوير،بل إنه يخشى اتخاذ قرارات جريئة عملا بمقولة "خلينا جمب الحيط السنة اللى فاضلة لنا فى الخدمة" رغم أن هناك فى ماسبيرو شباب يتقد حماسة وإبداعا ويمكن أن يتحملوا المسئولية وينجحوا فيها ،ولكن لأنها السياسة العقيمة للحكومة فى تعاملها مع الإعلام..فمن الأسهل عليهم أن يذبحوا 10000 إعلامى ويقطعوا الذراع الإعلامية للدولة من أن يتخلوا عن الموروث البيروقراطى فى عبادتهم لصنم التدرج الوظيفى فى إدارتهم للأزمة كعقلية عابد الأصنام إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة