قالت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية للدراسات والأبحاث الاقتصادية، إن قرار البنك المركزى المصرى، يوم الخميس الماضى، بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، رغم ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له خلال 30 عاما، يعنى أن تشديدًا إضافيا للسياسة النقدية "لم يعد مطروحا".
كان البنك المركزى المصرى، فى أول اجتماع للجنة السياسة النقدية فى العام الجديد، مساء الخميس الماضى، قد قرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند 14.75% و15.75% على التوالى، وسعر الائتمان والخصم عند 15.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 15.25%.
قرار البنك المركزى يتوافق مع توقعات مؤسسة "بلومبرج" الدولية
كانت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية قد تراجعت عن توقع سابق لها، بأن يرفع البنك المركزى أسعار الفائدة بواقع 150 نقطة أساس (1.5%)، مرجحة أن تكون الخطوة التالية خفضًا لأسعار الفائدة، على أن يكون الربع الرابع من العام الحالى، موعدًا لأول خفض لأسعار الفائدة، واتسق قرار تثبيت الفائدة مع توقعات 5 من إجمالى 7 محللين اقتصاديين، استطلعت شبكة "بلومبرج" آراءهم بشأن الأمر، فيما رجحت "كابيتال إيكونوميكس" رفعها.
وقال جايسون توفاى، محلل الاقتصاد الكلى لدى "كابيتال إيكونوميكس": "توقعنا أن تكون الزيادة الحادة الأخيرة فى أسعار الفائدة كافية لحث صناع القرار على عمل شىء ما"، وكان معدل التضخم الأساسى قد قفز إلى 28.1% فى يناير الماضى، من مستوى 23.3% فى ديسمبر، وهو أعلى مستوى له منذ 1986، وفقا لما أورده التقرير.
جايسون توفاى: الإصلاحات الاقتصادية مكنت القاهرة من تأمين قرض صندوق النقد
وعزا المحلل الاقتصادى جايسون توفاى، هذا الارتفاع إلى تراجع قيمة الجنيه بنسبة 45% أمام الدولار الأمريكى، بعد قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" فى نوفمبر الماضى، ما رفع تكلفة السلع المستوردة، وفى الوقت ذاته ساهم فى تطبيق الضريبة على القيمة المضافة مؤخّرًا، ورفع أسعار الوقود، فى إشعال مستوى التضخم، الذى كان مرتفعا بالفعل جراء أزمة نقص العملة الأجنبية، وارتفاع سعر صرف الدولار فى السوق الموازية قبل التعويم، ومكنت تلك الإصلاحات، القاهرة من تأمين الحصول على قرض صندوق النقد الدولى البالغ 12 مليار دولار، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى لمدة 3 سنوات.
رئيس بعثة صندوق النقد: توقعنا ارتفاع التضخم.. وسيبدأ فى التباطؤ بمجرد انحسار الأسباب
كان البنك المركزى المصرى رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس (3%) دفعة واحدة، فى 3 نوفمبر الماضى، بالتزامن مع قراره بتحرير سعر الصرف، كإجراء احترازى لاحتواء الضغوط التضخمية وتعزيز جاذبية العملة المحلية، إلا أن التضخم ارتفع أكثر وأسرع مما كان متوقعا، وبالفعل اعترف صندوق النقد الدولى بأنه فوجئ بسرعة زيادة ضغوط الأسعار.
وفى محاولة لزيادة جاذبية الجنيه المصرى، وتشجيع حائزى الدولار على التخلى عنه، طرحت البنوك الخاصة والعامة، عقب قرار تعويم الجنيه، شهادات إدخار بفائدتين 16 و20% لآجال 18 شهرا و36 شهرا، ونجح الوعاءين الجديدين فى جذب مدخرات تقدر بعشرات المليارات، وسط إقبال المواطنين على الأوعية الاستثمارية لتحقيق عوائد تعوض تدهور قيمة العملة المحلية والضغوط التضخمية الكبيرة.
وقال كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى فى مصر، فى تصريح خاص لوكالة "بلومبرج": "توقعنا ارتفاع التضخم، كما حدث، لعدة شهور بعد إطلاق برنامج الإصلاح، وسيبدأ التضخم فى التباطؤ بمجرد انحسار هذه الآثار، طالما بقيت الموازنة والسياسات النقدية مشددة (الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة)"، ولم يحدد "جارفيس" توقيتًا متوقعا لبدء تراجع التضخم.
محلل المؤسسة البريطانية: الجنيه عوض بعض خسائره بالقفز 15% أمام الدولار
فى سياق متصل، قال جايسون توفاى، محلل الاقتصاد الكلى فى مؤسسة "كابيتال إيكونومكس" البريطانية: "يبدو أن الزيادة الأخيرة فى قيمة الجنيه كانت كافية للسماح للبنك المركزى بعدم تشديد السياسة النقدية أكثر من ذلك"، ومنذ بداية فبراير، قفز الجنيه بما يزيد على 15% أمام الدولار، ليعوض بعض خسائره التى أعقبت التعويم، وهبط متوسط أسعار صرف الدولار أمام الجنيه إلى مستوى 16 جنيهًا، مقابل 18.5 جنيها نهاية الشهر الماضى.
وأرجع "توفاى" ارتفاع الجنيه إلى تعافى تدفقات رأس المال الأجنبى الخاص، وضعف الطلب على الواردات، مرجحًا حدوث ارتفاع بسيط فى التضخم خلال الشهور المقبلة، أما تشديد السياسة النقدية، فيرى محلل الاقتصاد الكلى أنها لن تكون مقنعة أكثر مما هى عليه الآن، مردفًا بالقول: "لذلك، تبدو دورة تشديد السياسة النقدية الحالية على مشارف نهايتها، ونستبعد الزيادة بنسبة 150 نقطة أساس، التى توقعناها فى وقت سابق، خلال النصف الأول من 2017".
كابيتال إيكونومكس: نتوقع اتجاه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة مع تراجع التضخم
وعن توقعات المؤسسة البريطانية للمرحلة القبلة، قال محلل "كابيتال إيكونوميكس" إنهم يتوقعون أن يتجه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة، مع تراجع معدلات التضخم، بحلول منتصف العام الحالى، ما يفتح المجال أمام تخفيضات متواضعة لأسعار الفائدة بحلول نهاية 2017.
وتوقعت المؤسسة كذلك، خفض أسعار الفائدة على الإيداع بواقع 50 نقطة أساس (نصف درجة مئوية)، لتصل إلى 14.25% فى الربع الرابع من 2017، على أن تتبعها عدة تخفيضات مع استمرار التضخم فى مواصلة الاتجاه النزولى لتصل إلى 12.5% بنهاية العام المقبل.