حازم حسين يكتب: كم فشلا سننتظر قبل الإطاحة بالفاشلين؟.. انفض سامر معرض الكتاب وتبقت سقطات مسؤوليه.. الوزير ورئيس الهيئة يتلاعبان بالأرقام.. فشل 13% من الفعاليات وشبهة مجاملة بمليونى جنيه.. فهل من حساب؟

السبت، 11 فبراير 2017 08:42 م
حازم حسين يكتب: كم فشلا سننتظر قبل الإطاحة بالفاشلين؟.. انفض سامر معرض الكتاب وتبقت سقطات مسؤوليه.. الوزير ورئيس الهيئة يتلاعبان بالأرقام.. فشل 13% من الفعاليات وشبهة مجاملة بمليونى جنيه.. فهل من حساب؟ وزير الثقافة حلمى النمنم و هيثم الحاج على رئيس هيئة الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حديث الوزير يشير إلى إهدار مليونى جنيه فى التصاريح المجانية

رئيس الهيئة يعرض أرقاما غير دقيقة حول النشاط وأعداد الناشرين

كوارث فى مجلة المعرض وتغطية أحاديث ضيوف بالندوات بعد سفرهم

مسؤول بالمعرض نظم ندوة لرسالة دكتوراة فى 2016 قبل مناقشتها علميا

برنامج الفعاليات يكشف تفشى الشللية والمجاملة ونقل أمراض الساحة للمعرض

الهيئة تقر بفشل 13% من الفعاليات.. والرقم الحقيقى يفوق هذه النسبة

غياب 188 دار نشر عن المعرض وتراجع المبيعات.. وناشرون: الشراء ضعيف

هل يجب فصل المعرض عن هيئة الكتاب وتدشين أمانة فنية مستقلة ودائمة؟
 

 

بينما يُفترض فى يوم كهذا، وقد ودعنا معرض القاهرة الدولى للكتاب، أن نقف فرحين وممتنين للضيف الفاعل والمهم، تقطع حقائق الصورة وما آلت الأمور إليه بأنه لا مكان للفرحة ولا للامتنان، الفشل سيد الموقف، الفعاليات خفيفة وسطحية وتافهة، الضيوف مرتبكون وغير مهتمين ولا جاهزين، لجنة المعرض تتقاتل على "بوفيه مفتوح" وضعته كاتبة عربية فى القاعة الرئيسية على هامش ندوتها، أخطاء ومجاملات وترضيات ومحاباة ومصالح وإخلاص للأصدقاء والصديقات، الفشل سيد الموقف، الوزير حلمى النمنم يقول كلامًا خفيفا لا يسمن ولا يغنى من جوع، يمارس هوايته فى محاورة الفراغ واقتناص الصور الخيالية التى لا أصل لها ولا سند، كما قال من قبل إن دور نشر الإخوان وكتبهم لم تدخل المعرض، بينما كانت كثير من أجنحته مرتعًا للأفكار المتطرفة والعناوين الطائفية والمعادية للثقافة والمنطق والعقل والدولة، ورئيس الهيئة الدكتور هيثم الحاج على، يؤكد أنه رجل "شو" وعلاقات عامة، لم يشفع له العمل الأكاديمى فى أن يكون منهجيا ومرتب الأفكار والخطوات، ولم يشفع له النقد والاقتراب من المثقفين والأدباء فى أن يكون مثقفا حقيقيا، كما يُفترض أن تكون الثقافة، حركة وفعلاً وأثرًا وإضافة، لا كرنفالات ومهرجانات وعناوين براقة ومحتوى خاويًا، لهذا أقف اليوم فى وداع معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى كان الأكبر والأهم فى المنطقة العربية، حاملا بين يدىّ دم المعرض الذى أهدرته إدارته الحالية، متسائلاً عن كم فشل يجب أن يحققه المسؤول قبل أن يعترف بفشله أو يغادر موقعه أو يُطرد منه؟ وكم مجاملة ومحاباة وترضية وتقريب لصديق "وبلديات" يجب أن يتورط فيها تورطا ظاهرا، كى نقطع أنه ابن ثقافة الشللية ومخلص لدوائر المصالح الصغيرة أكثر من إخلاصه لوجه مصر وثقافتها؟ وكم من المعارض والدورات الفاشلة علينا أن ننتظر، بينما يتصدر الفاشلون والخفيفون ومحدودو القدرات والكفاءات واجهة الصورة، ويختزلون يناعة مصر وبلاغتها فى شخوصهم الخفيفة المهتزة؟ وهل يحتاج الأمر إلى صراخ فى البرية ورفع الصوت بالانتقاد والكشف والتعرية حتى يشعر أبناء الكواليس الرمادية والغرف المظلمة أنهم يجنون على الثقافة ويُحرقون حقولها بدلا من تعهدها ورعايتها؟ الأسئلة كثيرة ويمكن أن تمتد حتى الدورة المقبلة، لتظل عنوانا مفتوحا للكوارث نفسها، التى أنتجتها هيئة الكتاب فى الدورة السابقة، وستنتجها فى الدورة المقبلة، ما دام القائمون على أمرها ممن يرفلون فى محدوديتهم ويُقدّمون أصدقاءهم وبلدياتهم على كل قيمة ومنطقة وغاية وضرورة.

 

كشف حساب معرض الكتاب.. البداية من الإدانة

انفض السامر السنوى، ولملم "المعرضيّون" أشياءهم وودّعوا معرضهم، وبقى لنا من الكرنفال أثره، إن كان ثمة أثر، وإيجابياته إن كانت ثمّة إيجابيات، وسلبياته إن كنا نسعى للإصلاح ونبتغى التطوير ونستقبل قبلة الثقافة المصرية وصالحها بشكل حق.

البداية الموضوعية تنطلق من الإقرار بأن انعقاد معرض القاهرة الدولى للكتاب فى ظل الظروف التى تشهدها مصر، خطوة إيجابية فى ذاتها، ونيّة حسنة من الدولة والمؤسسة/ وزارة الثقافة وهيئة الكتاب، بالمعنى الهيكلى وبالمعنى الفردى لمسؤوليها، ولكن الطريق إلى الجحيم موشّى دائما بافتراضات حسن النية، والجحيم نفسه ممتلئ دائمًا بحسنى النية أكثر من غيرهم، لهذا نحتاج لوقفة جادة مع التفاصيل قبل الكليات، ومع الفروع قبل الأصول، ومع ما أخفقنا فيه قبل ما نجحنا فى إصابة كبده، وهنا يكون الفرز والتدقيق والتحكيك والانتقاد والكشف والتعرية فرض عين، والتخاذل عنها جميعًا خذلانا للمعرض وللثقافة ولوجه مصر الناصع دائمًا بفضل حضورها الناعم عربيا وإقليميا، وإقرارا بالشيخوخة التى غزت سوق الكتاب العربية الأقدم والأوسع وضربت شرايينها وغضّنت ملامحها.

الشيخوخة، الملمح الأبرز الذى يمكن حمل معرض القاهرة الدولى للكتاب عليه، المعرض الذى بلغ من الكبر عتيّا، ليس بدوراته الثمانية والأربعين، ولكن بالصدأ الذى علا ماكينته وسيطر على عقول فنّييها، فمن المؤسف حقًّا أن نقف فى 2017، وبعد مرحلة مائجة بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أمام ماكينة يُفترض فيها الشباب، يقودها أكاديمى شاب لم يشتعل رأسه شيبا بعد، ولم يُحصّل درجة الأستاذية فى سلكه الأكاديمى، ليعيد إنتاج سياسات وأفكار وآليات عمل الدكتور سمير سرحان، رئيس هيئة الكتاب ورئيس المعرض الراحل، الذى طبع بصمته على وعى وخيالات كثيرين من جيلى الثمانينيات والتسعينيات فى العمل الثقافى، فأصبحوا محترفين فى إعادة إنتاجه، وهو مأزق كبير يواجهه المعرض، ويجب التحلى بشجاعة مواجهته، بعيدًا عن تقديرنا لحجم ما كان ينجزه سمير سرحان، وكونه إيجابيا من عدمه، النقطة المفصلية هنا أننا إزاء راهن مغاير، وواقع متبدّل تماما عمّا كانت عليه مصر والمنطقة، والثقافة بوصفها فعلا حيويا متعاضدا مع مسارات الحياة كلها، تحتاج بلورة مفاهيم مغايرة، وتطوير أفكار وخطط وبرامج عمل، وإطلاق سهم الخيال لعنان السماء، وهو ما لم يحدث للأسف فى دورات المعرض الأخيرة، وكانت نسخته الفادحة فى دورة 2017 المنتهية أمس.

 

حصاد الدورة 48..  هيثم الحاج على يعيد إنتاج سمير سرحان

كتبت من قبل عن سلبيات الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ورغم تواصل مسلسل السلبيات والتجاوزات والإخفاقات حتى اللحظة الأخيرة من عمر المعرض، لا أحب أن أعيدها تفصيليا، وهى كثيرة ويصعب حصرها، ولكن قد يكون من المفيد استعادة أبرزها، والخطوط والعناوين العريضة فيها، فى إطار محاولة جادة وعميقة للفهم والبحث والحل.

أبرز سلبيات معرض الكتاب فى دورته الأخيرة، تمثلت فى تغليب الكرنفالية والمهرجانية على الدور الأساسى للمعرض كسوق للكتاب، وحشد كم كبير من الفعاليات غير المرتكزة إلى تأسيس عميق، لا فى اختيارها ولا فى محاورها ولا فى ضيوفها ولا حتى فى مواعيدها، وهو ما قاد لاحقا إلى تضارب المواعيد وإلغاء كثير من الفعاليات واعتذار كثيرين من الضيوف، بجملة اعتذارات وإلغاءات وإخفاقات قدّرها الدكتور هيثم الحاج على، رئيس هيئة الكتاب ورئيس اللجنة العليا للمعرض، فى المؤتمر الختامى، بـ13%، وأقدّرها بشكل محايد وفى إطار متابعة جادة بما يقترب من 20% من إجمالى 822 فعالية، وبطبيعة الحال لا أحتاج للتأكيد على أننا كنا فى غنى عن هذه النسبة، سواء كانت 13% بعدد 107 فعاليات، أو 20% بما يساوى 164 فعالية، بل لا مبالغة فى الأمر إن قلت إنا 150 فعالية مهمة ومصنوعة ومنفذة بعناية، خلال 15 يوما، أو 16 هذا العام، يمكنها أن تنتج هامشا ثقافيا مهما ومؤثرا، يخدم دور المعرض كسوق للكتاب ويضيف إليه، لا أن تكون الفعاليات عبئا على المعرض وصناعة مكثفة للضجيج المشتت للأنظار.

من المثالب الكبيرة فى معرض هذا العام، تراجع عدد دور النشر بنسبة ملحوظة، وهو التراجع الذى قدره الدكتور هيثم بـ4%، وفيه تبسيط وتلاعب بالأرقام، إذ تراجع عدد دور النشر بواقع 188 دار نشر، قياسا إلى 850 دارا، بما يقترب من 12%، وهو الأمر الذى كان يستوجب من الهيئة وإدارة المعرض التوقف أمامه، وبحث أسباب تغيب هذه الدور وتراجع العدد، وهل يرتبط الأمر برسوم الاشتراك وإيجارات الأجنحة فى المعرض، وهل يمكن اتخاذ إجراءات وخطوات عملية لتجاوز هذه النقطة، ولكن الهيئة وإدارة المعرض لم يلتفتوا للأمر، فقط سجّلوه كملاحظة اعترفوا بها فى ختام المعرض، وكأن الاعتراف وحده دون فهم الأسباب ومعرفة مناطق القصور كافٍ لالتماس التبرير وتبرئة الساحة، وهذه نقطة ضعف أخرى لدى إدارة المعرض.

من مشكلات المعرض، التى ربما لا يكون للهيئة دخل فيها، وربما تكون سببا من أسبابها بتغليب الكرنفالية على الاهتمام بالكتاب ووضعه موضع الصدارة، هو تراجع حجم المبيعات، الهيئة قالت إنها باعت 250 ألف نسخة فى مقرها بما يصل إلى مليونى جنيه، بمتوسط 8 جنيهات للنسخة، وهو رقم غريب فى ظل نسبة تخفيض عامة وصلت لـ25%، تتصاعد للصحفيين وأعضاء اتحاد الكتاب لـ50%، وتصل مع الطلبة إلى 90%، ما يعنى أن هذا الرقم مبالغ فيه، على الأقل على صعيد الحصيلة، إن لم يكن على صعيد عدد النسخ المبيعة، وإن كان هذا الحال بالنسبة للناشر الرسمى رخيص السعر، فماذا عن الناشرين الآخرين الذين اكتووا بنار الأسعار والزيادة الكبيرة فى أسعار الطباعة ومستلزماتها؟ فى استطلاع رأى موسع وسريع خلال آخر أيام المعرض، سألنا عشرات الناشرين عن تقييمهم للإقبال على شراء الكتب، بعيدًا عن زحام الحضور، ومنحه تقييما بين "ضعيف – متوسط – جيد"، وكان الغريب أن النسبة الأكبر قالت "ضعيف جدا"، وهو الخيار الذى لم يكن ضمن خياراتنا، بينما قال آخرون إنه دون المتوسط، وقال اثنان إنه متوسط، وقال واحد إنه جيد، والمحصلة التى نخلص إليها من أرقام الهيئة، وآراء الناشرين، ومتابعة أجنحة العرض وحركة الزوار، أن معرض القاهرة الدولى للكتاب فشل فى دوره الأول والأساسى، وهو أن يكون سوقا للكتاب.

السلبية الدائمة والغريبة هى غياب خريطة واضحة للمعرض، وغياب اللوحات الإرشادية، وصعوبة فهم المتوافر منها، وغياب برنامج المعرض وجدول فعالياته بشكل يومى، خاصة بعد طباعة النسخة المجمعة للبرنامج بشكل خاطئ والاضطرار لسحبها، وأيضًا عدم توافر المجلة اليومية لتغطية نشاط المعرض، التى تُنفق عليها الآلاف ويُخصص لها فريق من الصحفيين الثقافيين المتخصصين، بينما تأتى مادتها خفيفة وسطحية فى جانبها الأكبر، وتمتلئ بالأخطاء والمشكلات التى تصل إلى الأغلفة والعناوين، وإلى أسماء الحضور فى الندوات، وحدث هذا كثيرا فى ندوات ضيف الشرف التى شهدت تغطيتها ذكر أسماء ضيوف سافروا قبل موعد الندوة، وإسقاط أسماء ضيوف شاركوا على المنصة، بينما رغم كل هذه المشكلات لا يتم التعامل معها إلا كمطبوعة احتفالية للصحفيين وأعضاء الوفود الرسمية ولا تتوفر بأى نسبة من النسب للجمهور العادى، وكلها تفاصيل رغم بساطتها تخصم من فكرة المأسسة والانضباط الواجب توافرها فى فعالية ثقافية مهمة، تستهدف غير المتخصصين ولا ترتكز على كونها نشاطا للمثقفين وصناع الكتب بالأساس، ووفق هذا التصور لا يمكن اعتبار مثل هذه المشكلات إلا إشارة على انحراف الرؤية وغياب الفلسفة لدى صناع المعرض والقائمين عليه.

برنامج فعاليات المعرض يحتاج وقفة كبيرة، من واقع الدورة الأخيرة والدورات السابقة، التكرار يغلب على الأسماء فى اللقاءات الفكرية والموائد المستديرة والورش وندوات مناقشة الأعمال، كتاب القصة يضعون برامج الأمسيات الشعرية، محررات ثقافيات عاديات يسيطرن على حصة من النشاط، وبحصر برامج المعارض العشرة الأخيرة يمكننا الوقوع على نسبة قد تتجاوز نصف المشاركين، لم تتغير ولم تغب عن فعاليات المعرض فى أى سنة من السنوات، بينما تحضر ضمن ندوات المناقشة أعمال من إصدارات 2015، وأعمال من إصدارات 2017، أى قبل انطلاق المعرض بأيام، بل وصل بعضها للمعرض لأول مرة بعد انطلاق فعالياته، بينما كان حاضرا ضمن برامجه وجداوله قبل أن يحضر فى الأسواق أو تلده المطابع، ووصل الأمر فى الدورة السابقة إلى مناقشة رسالة دكتوراة لباحث ليبى، يشرف عليها الدكتور صلاح فضل فى جامعة عين شمس، قبل مناقشتها علميا وحصول صاحبها على الدرجة، وتمت الجريمة بعلم منسق النشاط وسبق إصراره وترصده، والركيزة الأساسية لهذا الأمر الغريب هى المحاباة، سواء كانت لصحفيين ثقافيين أو موظفين بالمؤسسة أو من أصدقاء القائمين على المعرض وأعضاء لجنته العليا، او أعضاء لجان المجلس الأعلى للثقافة ولجان سلاسل النشر بهيئتى الكتاب وقصور الثقافة، ولجان القراءة، أو من النقاد الأكاديميين وأعضاء مجالس تحرير المجلات والمطبوعات الثقافية، ورغم أن التكرار فى ذاته مشكلة تضرب فى المصداقية والتنوعة والوصول إلى تمثيل واسع وحقيقى للثقافة المصرية فى اتساعها وتنوعها، إلا أن اختلاطه بالمجاملة والشلليلة والمصالح الشخصية يضاعف من فداحته، ويضرب تفاعلات الساحة الثقافية فى مقتل، وينقل أمراض السنة الطويلة بأيامها وشهورها وندواتها وسلاسلها وجرائدها ومطبوعاتها وجلسات مقاهيها واجتماعات لجانها، إلى أرض المعارض، وإلى معرض الكتاب، معيدًا إنتاج الأمراض نفسها التى تهيمن على الساحة الثقافية طوال العام، وقاضيًا على فرصة قصيرة ومكثفة ومهمة لتنفس هواء نظيف.

 

 

حديث الوزير ورئيس الهيئة.. التلاعب بالأرقام وأسئلة الفشل والمحاباة

فى حديث الدكتور هيثم الحاج على خلال المؤتمر الختامى للمعرض، استعرض أرقاما، مشكوكا فى دقتها، عن تراجع عدد الناشرين المشاركين فى المعرض، ومشكلات الفعاليات والندوات المرتبكة، واعتذار بعض الضيوف، مقتربًا من مساحة قد تبدو موضوعية للاعتراف بالخطأ، ولكن الأرقام فى حقيقتها لم تكن دقيقة، دور النشر الغائبة عن المعرض كانت أكثر من 5%، والفعاليات الملغاة والمعطلة والمهتزة كانت أكثر من 13%، وغاب عن حديثه تناول أزمة برنامج المعرض المطبوع بشكل خاطئ، وبلبلة اعتذار أدونيس، وأزمة كتاب الثابت والمتحول الذى نشرته هيئة قصور الثقافة وتصدت هيئة الكتاب لتنظيم ندوة لمناقشته، اعتذر كل ضيوفها، وفيهم أسماء كبيرة لم يُعد عنها الاعتذار عن التزام مسبق، بما يشى أن الندوة أغليت بقرار من الهيئة لا باعتذار من الضيوف، وكلها تفاصيل تزيد من مساحة الشبهة المحيطة ببيان رئيس الهيئة، وتعمق من الإحساس بالتلاعب بالأرقام.

لم يقف التلاعب عند رئيس الهيئة، تورط فيه الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، الذى امتدح المعرض ونجاحه والمشاركين فيه، بينما لم يزره سوى مرتين، ولم يتجول فى أروقته أو يتعرف على انطباعات زائريه، من المثقفين أو القراء العاديين، وبينما ذكر بيان الهيئة أن عدد الزائرين وصل لأربعة ملايين زائر، من واقع تذاكر الدخول المبعية من شبابيك أرض المعارض، قال الوزير إن الرقم يصل إلى 6 ملايين، بإضافة تصاريح الدخول المجانية التى تصدرها الهيئة، وهنا نحن أمام تلاعب سطحى بالأرقام واستخفاف بعقول المتابعين، أو أمام علامة استفهام كبيرة، فكلام الوزير يشير إلى طباعة مليونى تصريح دخول، وإذا افترضنا أن حصة من هذه التصاريح ذهبت إلى الصحفيين وأعضاء اتحاد الكتاب، وهم من الفئات التى تدخل ببطاقات عضويتها فى مؤسساتها ولا تحتاج لتصاريح، وحتى لو أضفنا لهم أعضاء الهيئات القضائية وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات، فسنظل أمام رقم يقل عن المليونين قليلا، فمن هم المليونا شخص الذين جاملتهم هيئة الكتاب بمليونى تصريح دخول؟ وهل من الصحيح أن تقتطع الهيئة أربعة ملايين جنيه من ميزانيات الفقراء والقراء العاديين لقاء تذاكر دخول رمزية، وتهدى نصف هذا المبلغ لفئات من العاملين بالهيئة والوزارة ومؤسساتها والمقربين منهم، وبعضهم ممن لا يؤلمهم دفع مقابل الدخول؟ وهل كان من الجيد فى بلد يعانى أزمة ثقافية، ومن المفترض أن يسعى لترويج الثقافة وتحويلها لخبز يومى، أن يكون دخول معرض الكتاب مجانيا للجميع؟ الأسئلة كثيرة، والوزير يتلاعب بالأرقام، والمجاملة والمحاباة تمتد لكل تفاصيل المعرض، ليس فقط فى البرامج واللقاءات والأمسيات، ولكن منذ ما قبل انعقاد المعرض نفسه، وفى تصاريح دخول يُفترض ألا تكون موجودة، أو أن تكون معمّمة.

 

استعادة شباب المعرض.. كيف نصلح ما أفسده الزمن و"شلة الهيئة"؟

إذا خرجنا من مقام الجرد وكشف الحساب وتعداد مواطن الوهن والعوار، إلى محاولة الإصلاح وتجديد شباب المعرض، الذى أصابته الشيخوخة ولم يصل ليوبيله الذهبى بعد، فإن التماس خطة إصلاح وتطوير، يقتضى الإقرار أولا بفشل الخطط السابقة، أى إقرار وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب واللجنة العليا للمعرض، بأنهم لم يُحسنوا صنعًا، وبغير هذا الإقرار لن تفيد أيّة خطط أو اقتراحات، لأنها لن تجد أذنًا مصغية ولا بابا مفتوحا على الواقع وإمكانية البحث والمناقشة والتعديل والسبك والتنفيذ.

أما إذا تغاضينا عن إقرار مسؤولى المعرض الفاشلين بفشلهم، فيمكننا وضع تصورات عديدة للتطوير، أولها فصل معرض القاهرة الدولى للكتاب عن حاضنة الهيئة المصرية العامة للكتاب، كان الاتصال أمرًا صالحًا فى ظل وزارة الإرشاد القومى، أو وزارة ثقافة بنكهة الإرشاد، ولكن مع تطور الواقع وتعقده أصبحت هيئة الكتاب مجرد ناشر متواضع، مقصر فى دوره الأساسى، وتتفوق عليه دور نشر صغيرة ومتوسطة، ولا يُعقل ألا تكون لمعرض القاهرة الدولى للكتاب أمانة فنية مستقلة ودائمة، تعمل طوال السنة، وتشهد تمثيلاً واسعًا من كل المعنيين وأصحاب الخبرة والشأن، ويمكن تنفيذ الأمر عبر لجنة خاصة بالمعرض ضمن لجان المجلس الأعلى للثقافة، أو عبر إدارة مستقلة تتبع وزارة الثقافة مباشرة، وتضم فى عضويتها ممثلين عن اتحاد الناشرين وهيئة الكتاب وقطاع شؤون الإنتاج الثقافى والعلاقات الثقافية الخارجية ونقابة الصحفيين واتحاد الكتاب، وتكون لهذه اللجنة مدّة عمل قانونية بضوابط ومهام ومسؤوليات واضحة، وبمكافآت أيضًا، على أن تتولى أمور المعرض بشكل كامل، من التخطيط والترتيب والتنظيم والإشراف على أجنحة العرض وعلى الفعاليات والبرامج الثقافية المصاحبة.

إعادة رسم خريطة المعرض الداخلية من الأمور المهمة، التى قد تدفع فى اتجاه التطوير وحل كثير من مشكلات المعرض وأزماته، فبينما تواجه هيئة الكتاب أزمة مالية وخلافا كبيرا مع وزارة الاستثمار على قيمة إيجار أرض المعارض، تهمل إمكانات كثيرة يوفرها لها المعرض، وتدفع فى الوقت ذاته فى إطار تنظيمه وترتيبه وتخليصه من الفوضى والعشوائية، إذ يمكن مثلاً تخصيص عدد من القاعات المجهزة بشكل جيد ومنظم، لحفلات التوقيع للكتب الجديدة، على أن تُحصل رسوم من دور النشر أو الكتاب، مع منع حفلات التوقيع فى إجنحة العرض، تخليصًا للصالات والأجنحة من حالة الفوضى والتزاحم التى تتسبب فيها بعض حفلات التوقيع والتفاف القراء والأصدقاء والمتفرجين حول كاتب أو كاتبة فى طرقة من طرقات المعرض الضيقة.

لا يمكن فى أى تصور عاقل، القبول باستمرار فلسفة الكرنفالية والمهرجاناتية فى السيطرة على معرض الكتاب، المنطق يقول إنه سوق للكتاب، ويجب أن يكون سوقا فاعلة، ليس بين الناشرين والقراء فقط، وإنما بين الناشرين وبعضهم أيضًا، وعلى الهيئة أن تستغل إمكاناتها الفنية واللوجستية وقدراتها الكبيرة وصفتها الرسمية، فى توفير فرصة جيدة لتبادل حقوق الكتاب بين الناشرين، وإنجاز عقود ترجمة متبادلة بين مصر ودول أخرى، أو بين ناشرين مصريين وآخرين عالميين، وعلى الهيئة استثمار اللقاء السنوى الأكبر للناشرين فى تسويق مطابعها وأذرعها الطويلة فى التوزيع، فى عقد اتفاقات وتحالفات مع الناشرين، ما يثرى دور المعرض، ويوفر لها فرصة كبيرة فى تنمية مواردها، ويثرى سوق الكتاب، وهذا هو الهدف الأهم فى تصورى.

قائمة الأفكار والحلول لتطوير المعرض والتخلص من أمراضه وشيخوخته طويلة وممتدة، وجلسة واحدة مع أى مثقف أو مبدع أو فاعل ثقافى حقيقى ستكشف عن مزيد من الأفكار، الشرط الأوحد هو توفر الإرادة والرغبة، لدى الوزارة ولدى هيئة الكتاب، وربما كانت متوافرة بالفعل لدى اتحاد الناشرين، والشرط الأسبق والأهم، هو وضع نقطة فى آخر سطر الفاشلين، واعتماد وقفات جادة وضرورية للكشف والحساب، وأولا وقبل كل شىء، التخلص من الفاشلين وشللهم، الآتية معهم من محافظاتهم، أو المتشكّلة فى كافيتريات الجامعات أو على مقاهى وسط البلد والدكاكين الأدبية.  







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة